صيدليات ومخابز وبقالة.. المستثنون من الحظر: كلنا في ميدان المعركة
علاء: أدوية المناعة والفيتامينات والكمامات والمطهرات بيتباعوا بسرعة
ماهر عزمى
قبل نحو أسبوعين، قررت الحكومة تطبيق الحظر على جميع المصالح والهيئات والمحلات، وإلزامها بالإغلاق يوميا من الساعة الخامسة مساءً، مع الإغلاق الكامل يومي الجمعة والسبت، منعا للتجمعات ولتخفيف الحركة داخل الطرق والشوارع والمواصلات العامة، كإجراء إحترازي للحد من انتشار فيروس كورونا.
قرار الحظر استثنى عددا من الأنشطة، التي تمثل محورا أساسيا في حياة المواطنين لا يمكن الاستغناء عنه حتى لساعات قليلة، وتشمل الصيادلة والبقالين والخبازين، لتلبية احتياجاتهم من مأكل ومشرب وعلاج، ما جعل أصحابها يرحبون بالقرار، مشيرين إلى اتخاذهم جميع الاحتياطات الصحية اللازمة، لحماية أنفسهم والآخرين من الإصابة بالفيروس.
محل كبير امتلأ عن آخره بكميات كبيرة من الحلوى والشيبسي والمكرونات، تراصت أمامه ثلاجات المواد الغازية المختلفة والآيس كريم، يقف داخله ماهر عزمي (43 عاما)، صاحب السوبر ماركت، ينتظر قدوم الزبائن، فرغم أنّ المحل مستثنى من الحظر، لكنه يشهد إقبالا ضئيلا بعد بدء تطبيق الحظر.
"في الطبيعي كنت بفتح من الساعة 10 الصبح لحد بالليل، عشان الناس كانت طول الوقت في الشارع، خصوصا فى الصيف". قال عزمي، موضحا أنّه اضطر لتغيير مواعيد فتح وإغلاق المحل، لتتماشى مع الظروف التي تمر بها البلاد، فمنذ قرار الحكومة بتطبيق الحظر، أصبح "ماهر" يستيقظ في السابعة والنصف صباحا، ثم يحضر نفسه وينزل إلى محله بالدور الأرضي من العمارة الخاصة به في الثامنة صباحا، ليكون موجودا في موعد ذهاب المواطنين لعملهم.
عزمي: بعد ما الزباين بتقل بعقم المحل بديتول وميّة
"بقيت أنزل بدري، عشان بيكون فيه ناس كتير وموظفين نازلين شغلهم"، موضحا أنّ أكثر الإقبال يكون في الفترة من الرابعة عصرا حتى الخامسة مساءً، أي قبل موعد الحظر بفترة قصيرة، إذ يتردد عليه الأفراد العائدين من أشغالهم، لشراء احتياجاتهم قبل العودة إلى منازلهم: "طول اليوم بتكون الدنيا هادية، عشان في ناس كتير اشترت كل لوازمها وخزنتها فى البيت".
يظل عزمي داخل محله حتى الثامنة مساءً، وقبل انتهاء يومه، يقوم بتطهير وتعقيم جميع أركان محله، ومسح الأرضيات والأرفف بالماء والديتول، ليحمي نفسه والآخرين من الإصابة: "بعد الساعة 6 بيكون السحب عندي بسيط، كلها على حاجات التسلية، فبقضي الساعتين دول في تنضيف المحل".
وأنهى عزمي حديثه، بقوله: "صعب نقفل طول الوقت، الناس ممكن تحتاج تشتري حاجة، ويوم الجمعة أو السبت بتكون الدنيا هادية عشان محدش بينزل من البيت".
على بعد خطوات قليلة من محل "ماهر"، جلس جرجس سمير (46 عاما)، على كرسى خشبي، وأمامه مكتب صغير، يضع عليه ورقة وقلم ليسجل مبيعاته اليومية، إذ يعمل برفقة إخواته في محل بقالة جملة، مخصصين الدور الأرضي من عمارتهم لتكون محل لتجارة الجملة: "كنا بننزل في الأيام العادية الساعة 11 الصبح، لكن دلوقتي بننزل الساعة 7 الصبح، عشان نلحق نشتغل بدري".
يبقى سمير حتى الخامسة أو السادسة مساءً، حسب إقبال الزبائن: "الطبيعي شغلنا بيكون لحد الساعة 3 العصر، ولو فيه شغل أو طلبيات بنقعد لحد الساعة 5".
ورغم خروجهم من مظلة تطبيق قرار الحظر، يلتزم سمير بإغلاق محله في المواعيد المحددة، بسبب عدم وجود طلبيات أو زبائن بعد موعد الحظر: "أول ما الساعة تيجي 5، مبنلاقيش حد ماشي في الشارع، والتجار اللي بييجوا يأخدوا مننا بالجملة، بييجوا بدري".
سمير: بناخد احتياطاتنا في المحل.. ولابسين كمامات وجوانتيات
يقول سمير إنّه يأخذ الاحتياطات الصحية داخل محله، ويرتدي الكمامة والقفاز من حين لآخر، عند تعامله مع الزبائن والتجار، ليحمي نفسه من الإصابة بالفيروس: "كلنا بنعدي بفترة صعبة، وبنحاول نحمي نفسنا بأي شكل، عشان نقدر نعدي الفترة دي على خير".
إسلام أحمد شحات (24 عاما)، نجل صاحب أحد مخابز بيع الخبز بمنطقة شبرا مصر، وأحد سكان المنطقة، يقول إنّ مواعيد الفرن كما هي من قبل، ولم يؤثر تطبيق الحظر عليها: "الشغل في الفرن بيبدأ من الساعة 3 الفجر، العجانين بييجوا يجهزوا العجين، وأي طلعة للعيش بتكون الساعة 6 الصبح".
يمتد العمل داخل الفرن حتى الخامسة مساءً، لحين الانتهاء من خبز الكمية المحددة من العيش: "الفرن بيبقى زحمة من الساعة 8 الصبح لحد الساعة 3 العصر، وبعدين الدنيا بتبدأ تهدأ".
شحات: فيروس كورونا لم يؤثر على المحل في المخبز
لم يؤثر انتشار الفيروس على قوة العمل داخل المخبز، إذ يأتي إليه جميع العمال يوميا، دون تقسيمهم إلى ورديات، بحسب إسلام: "إحنا هنا حوالي 11 واحد، 7 جوا في الفرن، و4 برا هما اللي بيبيعوا للناس أو لو فيه طلبية بيودوها".
لم يختلف الوضع كثيرا عند هشام سيد، في أواخر الأربعينات، صاحب أحد أفران الخبز بمنطقة فيصل، وأحد سكان المنطقة، إذ يبدأ عمله في الثامنة صباحا، وينتهى منه في تمام السابعة مساءً، لعدم وجود مواطنين يشترون الخبز منه بعد ذلك الموعد، فيقول: "أغلب الناس اللي بييجوا يشتروا عيش، بيكون معاهم بطاقة تموين، وبييجوا الصبح بدري يضربوا البطايق ويصرفوا العيش".
وأضاف هشام أنّ المخبز يضم 5 عمال، بين عجانين وبائعين وموزعين للبائعين، ولم يخفض العمالة خلال هذه الفترة، إذ يرى أنّ الزحام الذي يشهده المخبز، يحتاج إلى عدد كبير من العمال: "كل يوم الفرن بيكون عليه طوابير كتير، ومش بنكون ملاحقين على الزحمة".
وأكد صعوبة تطبيق قرار الحظر على أفران الخبز، لشدة الإقبال الذي تشهده على مدار اليوم: "طول اليوم بيكون فيه زحمة، صعب نحدد فترة معينة عشان الناس تشتري العيش، بالشكل ده مش هنقدر نسيطر على زحمة الطوابير".
"كمامة وقفاز".. ارتداها سعيد علي، رجل في منتصف الثلاثينات، صاحب إحدى الصيدليات بمنطقة بين السرايات، أثناء عمله داخلها من السادسة مساء حتى الثانية عشرة ليلا، ليبعد عن نفسه الإصابة بالفيروس، إذ يتعامل بشكل دائم مع المواطنين الذين يترددون إليه طوال اليوم: "الصيدلي زي الدكتور بالظبط، الاتنين بيتعاملوا مع مرضى، يمكن الصيدلي بيكون عليه خطورة أكبر، لأنه مش بيشخص كل حالة تجيله".
علي: الصيدلي زي الدكتور بيتعاملوا مع مرضى.. والخطر على الصيدلي أكبر
يقول علي إنّ مواعيد فتح وإغلاق الصيدلية لم يتغير بعد تطبيق الحظر، كونها شيء أساسي يجب أن يكون متاحا دائما أمام المواطنين: "في الطبيعي كنت بفتح الصيدلية من 8 الصبح لحد الساعة 2 بليل، لكن دلوقتي فيه 3 ورديات من 7 الصبح لحد الساعة واحدة الضهر، ومن 1 لحد 6، ومن 6 لحد 12 بالليل".
وأوضح علاء أنّ غياب الوعي لدى كثير من المواطنين، يجعلهم حين شعورهم بأي مرض، يهملون دور الطبيب، ويسرعون للصيدلية للحصول على أدوية سريعة، تخفف آلامهم، ما يشكل خطورة على عدد كبير من الأفراد في هذه الفترة: "ناس كتير لما بتحس بشوية تعب، بتروح للصيدلي يديها أي برشام مسكن، وده صعب يحصل دلوقتي لأن الفيروس مش سهل".
علاء: لو حد جالي حرارته عالية بنصحه يروح أقرب مستشفى
يقول علاء إنّه يتبع أسلوبا جديدا مع المترددين على الصيدلية، فعند استقباله أي شخص يشكو من ارتفاع الحرارة أو أي أعراض أخرى، ينصحه بالذهاب لأقرب مستشفى: "زمان لما كان حد يجيلي عنده سخونية، كنت بديله خافض للحرارة، لكن ده مبقاش يحصل دلوقتي".
لم يختلف الوضع كثيرا عند محمد علاء، في العقد الرابع من عمره، صيدلي بمنطقة شبرا الخيمة، إذ اعتاد على استخدام الكحول من حين لآخر أثناء عمله طوال اليوم في الصيدلية، خاصة عند التعامل المباشر مع الأفراد المترددين عليه: "إحنا مش معصومين من العدوى، عشان كده بنحاول على قد ما نقدر ناخد حذرنا، لأننا نعتبر في ميدان المعركة".
يعمل علاء في الصيدلية طوال اليوم، من الساعة الثامنة صباحا حتى الحادية عشرة مساءً: "موجود في الصيدلية ومعايا كمان صيدلي، عشان نكون موجودين أكتر وقت ممكن".
أما عن عدم تطبيق قرار الحظر على الصيدليات، فيرى علاء أنّه قرار صائب وطبيعي، لأن دورها أن تكون متاحة للمواطنين 24 ساعة، ليس فقط في أوقات الأزمات، بل في جميع الأوقات: "أكتر أدوية الناس بتيجي تسأل عنها، هي أدوية المناعة والفيتامينات، وطبعا الكمامات والمطهرات شيء أساسي".