تعليقاً على الجزء الأول من هذه السلسلة من المقالات عن «القضاء فى زمن الكورونا»، وردت لى بعض التعليقات، عبر الواتس آب، من بعض الأصدقاء من رجال القضاء المصرى الشامخ. وكم أسعدنى أن تأتى هذه التعليقات فى اتجاه ضرورة تطبيق النصوص القانونية فى هذه الظروف بالمرونة الكافية. ففى رسالة من الصديق العزيز المستشار الجليل رفعت عبدالغنى صقر، رئيس محكمة الاستئناف، يقول سيادته: «إن الضرورة التى تمر بها البلاد تقتضى التقيد بمبررات الحبس الاحتياطى التى انصرف عنها بعض رجال النيابة العامة وقضاة التحقيق وابتعدوا بها فى كثير من الأحوال... لو توافرت هذه الضوابط ما قامت الحاجة إلى الدعوة إلى إعادة دراسة ملفات المحبوسين احتياطياً فى غير حضور المتهمين أو المحامين. إن إخلاء سبيل من لا تتوافر فى شأنه مبررات حبسه احتياطياً واجب على جهة التحقيق وإلا تحول لعقوبة بغير محاكمة. وفى الوقت ذاته، إن إخلاء سبيل من تتوافر فى شأنه مبررات حبسه احتياطياً يجعل منه خطراً اجتماعياً يكون أشد من خطر الكورونا. ولا أحبذ ما حدث فى بعض البلدان التى لجأت إلى إخلاء سبيل بعض المسجونين مؤقتاً منعاً للعدوى، لأن توفير سبل الرعاية الصحية داخل المؤسسات العقابية، ولو كانت مكتظة، يقطع السبيل على إخلاء سبيلهم قبل صلاح حالهم، وقبل أن يتحول المجنى عليهم من ضحاياهم وأهلهم إلى القصاص منهم».
وفى رسالة من الصديق العزيز المستشار الجليل مجاهد على مجاهد، رئيس محكمة الاستئناف، يقول سيادته: «لا بد من تطبيق النصوص القانونية فى هذه الظروف بالمرونة الكافية وأن النيابة العامة تملك -من وجهة نظره- الإفراج عن المتهم المحبوس احتياطياً فى أى وقت، طالما لم يحَل إلى المحكمة، دون اشتراط لحضوره أو سماع أقواله. ولا مانع من نظر المحكمة مد الحبس الاحتياطى إذا أمكن أن تستمع المحكمة للمتهم بأى وسيلة اتصال حديثة وتثبت ذلك فى محضرها وتتخذ قرارها، سيما وأنه يباح محاكمته بوكيل أو إذا لم يحضر أصلاً طبقاً للمواد (384)، و(388) و(395) من قانون الإجراءات الجزائية، معدلة بموجب القانون رقم (11) لسنة 2017م. ولا يستساغ أن يجوز محاكمة المتهم فى الجنايات وهو لم يحضر اكتفاءً بحضور وكيل عنه، ولا يجوز ذلك عند نظر تجديد حبسه أو استئناف قرار الحبس، سواء انتهى القرار للإفراج عنه أو حبسه. وفى النهاية، لا بد من صدور تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، سيما مسألة الحبس الاحتياطى، على أن يراعى فيه مثل هذه الظروف وغيرها من الحالات المشابهة».
وبدوره، يقول الصديق العزيز المستشار الجليل حاتم داود، نائب رئيس مجلس الدولة: «أعتقد أن حالة العزل وحظر التجول التى تفرضها أكثر دول العالم حالياً للحد من انتشار الفيروس يجب أن يكون لها انعكاس على ممارسات السلطة القضائية فى التعامل مع الدعاوى المتداولة أمامها. ويقول الصديق العزيز المستشار الدكتور أحمد خلف: «إن القاضى الجنائى يراعى الظروف الحالية عند تجديد حبس المتهم. لكن، تجديد الحبس بدون متهم فيه اختلاف، البعض لم يشترط حضور المتهم وبصفة خاصة جرائم الإرهاب.
وفى تعليق منشور على صفحتى على «الفيس بوك»، يقول الزميل العزيز الدكتور شوقى عبدالله، أستاذ القانون الجنائى بكلية القانون - جامعة طرابلس بدولة ليبيا الشقيقة: «لقد كشف فيروس كورونا العيوب الكثيرة (المعلومة) لإجراء الحبس الاحتياطى، وقد ظهر ذلك من خلال العديد من حالات الإفراج التى صدرت فى حق الكثير من المحبوسين احتياطياً فى بعض الدول العربية... إن كثيراً من مبررات الحبس الاحتياطى يمكن تحقيقها بإجراءات أمنية بعيدة عن هذا الإجراء الخطير». هذه هى تعليقات رجال القضاء والقانون فى مصر والعالم العربى، رأيت من الواجب أن أضعها بين يدى القارئ الكريم، إدراكاً منِّى لقيمة وأهمية الآراء الواردة فيها وعلو مكانة وقامة القائلين بها.. والله من وراء القصد.