المؤسسات الدينية تواجه أكاذيب "السوشيال ميديا": هدفها بث الخوف
"جمعة": نواجه ابتلاء من الله لكنه لم يطردنا من رحمته
الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف
واصلت المؤسسات الدينية مواجهة الشائعات الدينية التى تنتهجها مواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، فى ظل ما تبذله الدولة ومؤسساتها من جهود لمواجهة فيروس كورونا بالأساليب العلمية ونشر الوعى.
وقال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية فى بيان له: انتشرت فى الآونة الأخيرة على مواقع التواصل بعض الشائعات والأباطيل المبنية على الخرافة، والتى لا مستند يعضدها من صحيح العلم والدين، ولا نرى فى نشرها إلا بثاً للخوف فى قلوب الناس، من ذلك انتشار حديث نُسب إلى سيدنا رسول الله، عُرف على الصفحات الإلكترونية بحديث «الهدة» أو «الصيحة» أو «النفخة» التى ستقع فى رمضان هذا العام، لأن يوم الخامس عشر منه سيوافق يوم جمعة.
وجاء نص الحديث المتداول: عن ابن مسعود، رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانت صيحة فى رمضان فإنه يكون معمعة فى شوال، وتمييز القبائل فى ذى القعدة، وتسفك الدماء فى ذى الحجة والمحرم، وما المحرم»، يقولها ثلاثاً، «هيهات هيهات، يقتل الناس فيها هرجاً هرجاً» قال: قلنا: وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: «هدة فى النصف من رمضان ليلة جمعة، فتكون هدة توقظ النائم، وتُقعد القائم، وتُخرج العواتق من خدورهن، فى ليلة جمعة، فى سنة كثيرة الزلازل، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فادخلوا بيوتكم، وأغلقوا أبوابكم، وسدوا كواكم، ودثروا أنفسكم، وسدوا آذانكم، فإذا حسستم بالصيحة فخروا لله سجداً، وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، فإن من فعل ذلك نجا، ومن لم يفعل ذلك هلك».
وأضاف المركز أن هذا الحديث منكر لا تصح نسبته إلى سيدنا رسول الله، وحكم عليه بعض العلماء بالوضع والكذب كالإمام العقيلى، والإمام ابن الجوزى، والإمام ابن القيم، والإمام الذهبى رحمهم الله، وغيرهم، كما أن التاريخ يكذبه، لكثرة موافقة الجمعة للخامس عشر من شهر رمضان الكريم دون هدة، أو صيحة، أو نفخة.. ولله الحمد.
وأضاف المركز: من هذه الأباطيل والشائعات أيضاً بعض الأقاويل التى تزعم أن وباء كورونا مذكور فى كتاب «عظائم الدهور» لأبى على الدبيسى المتوفى فى القرن السادس الهجرى، وهذا كذب أيضاً، فلا يوجد كتاب بهذا الاسم، كما أن مؤلفه شخصية مغمورة ومبهمة، والكلام الوارد بشأن هذا الفيروس فيه ما فيه من الركاكة والضعف، ولا يتماشى مع أساليب الكتابة العلمية الرصينة فى القرن السادس الهجرى.
وأوضح أنه جاء فى الكلام المتداول كثير من الأمور الغيبية التى لا يمكن لأحد من البشر الاطلاع عليها بحال من الأحوال، إلا أن تكون معجزة لنبى، قال تعالى «عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً». وحذر المركز من تداول هذه المنشورات وأمثالها؛ لما فى نشرها من بث للخوف، وترويج للكذب على سيدنا رسول الله والعلم والعلماء، والله سبحانه يحذر من الكذب والتعاون على الإثم.
وزير الأوقاف: المِحَن تولد المِنَح ومنها أن تدرك البشرية أنها فى سفينة واحدة ويجب عليهم التعاون لكى ننجو
فى السياق نفسه، حسم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الجدال القائم حول كون فيروس كورنا عقاباً إلهياً، وهل أغلق الله أبوابه فى وجوهنا؟ وهل طردنا من بيوته ورحمته؟ وقال الوزير فى بيان له: إن الله أعظم وأكرم من أن يغلق أبواب رحمته فى وجه عباده، ومن المحن تولد المنح، فالله أعظم وأكرم وأرحم وألطف بعباده من أن يغلق دونهم أبواب رحمته أو أن يطردهم من بيوته أو واسع فضله، ولولا رحمته العميمة الواسعة ما سُقينا رشفة ماء، ولا تنسمنا عليل هواء، ولما أنذرنا هذا الإنذار الإلهى، حيث يقول سبحانه: «وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً»، أى: إنذاراً وتنبيهاً «إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد»، إنما هو امتحان وابتلاء، حيث يقول سبحانه: «ثم جعلناكم خلائف فى الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون»، «ليميز الله الخبيث من الطيب»، ولندرك جميعاً قيمة نعم كثير بطر بعضنا معيشتها، ولندرك أن ثمة خالقاً عظيماً مدبراً للكون ومهيمناً عليه، لا يُعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء، «وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير».
وأضاف: ومن المحن تولد المنح إن شاء الله، ولعل من أهم هذه المنح: مراجعة كل منا نفسه فيما قدّم، ومنها: إدراك أن البشرية فى سفينة واحدة ينبغى أن يتعاون الجميع على النجاة بها إلى بر الأمان بتعزيز المشترك الإنسانى ونبذ كل ألوان الأنانية والعنصرية المقيتة، ومنها: تصحيح كثير من الرؤى الدينية المنغلقة والقاصرة بالتحول من الوقوف عند مظهر الدين إلى فهم جوهره وعظيم مقاصده، ومنها إدراك معنى وحقيقة التوكل الصحيح المبنى على الأخذ بالأسباب وتفويض النتائج لخالق الأسباب والمسببات.