النعمة المرهونة بفقدانها لتعرف قيمتها هي أفضل من النعمة المستمرة المركونة.إن في الكرة الكبرى تحد صعب تقابله الأرض كل عقد من الزمن، وفي الكرة الصغرى بداخلك، نفسك تواجه صراع النعم وما تحتاج تعلمه من تلك المرحلة إن مرت عليك حينها بأمان.
المصيبة تصير حين لا تدرك معناها وأصولها، وما ترغبه منها، مصيبتنا اليوم نعمة نتفكر فيها للأبد، ربما يكتب على كل جيل أن يرى وباء يرجعه للوراء ألف عام بداخله يكتشف ويحلل، يلامس النعم ويتحرى منها، ما كان بالإمس مباح وطبيعي، صار اليوم صعب ومستحيل، فما تطلبه نفسك عكس ما تطلبه الحياة منك أن تفهمه وتعقله.كيف كان اللمس هو شعورنا الأول وحكايتنا الأخيرة؟
في مشهد درامي هش متناقض تود لو مددت يدك على وجه ابنك، بنتك لتلطمه لخطأ فادح، فجأة تخاف وترجع لو كنت مصاب بالكورونا فتنقلها لهم فيمنعك الخوف عليهم من التجبر.لا تقترب ولا تلمسني شعار المرحلة، فاللمسة التي كانت تشعرك بالٱمان والحب، صارت نقمة وسبب للمرض والموت أحيانا. ما لم يكن حقيقيا صار واقعا، المسافات والبعد واقع نرفضه
اللمسة بداية كل ذكرى ونهاية كل ألم، تحرم منها مؤقتا تستيقظ على نسيان الشكر، فبين الحين والٱخر اكتشفت أن لمس وجهك وعينك نعمة لم تدركها.
كم نعمة عليك أن تلمسها فقد تكون الحياة في أضيق وأصعب أوقاتها في الابتلاء، وذروة الألم والمعاناة، تكمن قوتك في التعافي والخروج عن النص واللجوء لربك لتسكب دمعتك في نهر الرحمة واللطف، فتطمئن وترضى بما ٱل إليه حالك من ضعف وهوان، وضيق الرزق، لا تبتعد عن نفسك، لا تغيب عن كونك ضعيف، ولا تبتعد عن قوتك الممتدة من خالقك، لا تستسلم، فرب وقت يمضي يختبر صبرك وتحملك، ربما تختبر معدنك وقت الشدائد والصعاب، لا تهرب لإنك لست بجبان، المواجهة شيم الأبطال، الباقين على الحياة والمتمسكين بالأمل، لن تخسر سوى نفسك إن تعرى ضعفك، لا نجاة دون علم.
ما تملكه في الحياة بسيط وسهل وما تملكه بجسدك بسيط وسهل، وما تملكه في حياتك بسيط وسهل، ما لم تدركه النقمة، الاختبار الحقيقي في مدى ايمانك وحفاظك وتذكرك لتلك النعم.
لسنا هنا لنتسابق على عد النعم لإن إذا اعددتم نعم الله فلن تحصوها، منها الواضح ومنها الخفي، نِعم نعرفها في السراء ونِعم تكشفها في الضراء وما بينهما التفكر لإدراك كيف تسير حياتك في الماضي والحاضر وكيف ستتعامل بعد معرفتها للتعامل مع المستقبل.
من العته الٱدمي أن تعود حياتك كالسابق بعد تلك المحنة والأزمة، على قلبك أن يشعر قيمة النعمة السهلة فمن الممكن أن تغيب عنك في لحظة، أو تكون سبب في ٱذاك دون إن تشعر.الخوف المترقب و تذكر اللمسة الأولى لكل موقف وشخص نحبه، اللمسة الأولى لطفلك حين تمسك يديه بأصبعك، لشريك حياتك وحبك الأوحد والباق، اللمسة الاولى لأمك وأبيك حين تقبل رأسهم، صديق قريب بين "ضرب هزار" ومصافحة بود، لمسة غريب عائد بعد شوق وحضن صاف من القلب، كم كانت مصدر لأماننا، مصدر لحبنا، مصدر لبقائنا، لمسة سجادة صلاة على أرض يخرج منها رائحة المسك فتتمسك بها وتدعو إيمانا بتمسكك لعله يستجيب! أما الآن فعليك التفكير ألف مرة قبل أن تقبل بل تصافح أو تلمس شخص تحبه أو تشتاق إليه، فيتملكك شعور الهوان، فتصدمك الحياة.
ما تحمله لك الحياة غير متوقع عليك دوما أن تكون جاهزا لمثل تلك الوقفة الإجبارية لحياتك وعملك، ايقاف مؤقت لكل شيئ تلمسه، فقد صار البعد أمان، والمسافة بين البشر هي النجاة من الوباء ونهاية الألم، نحن كائنات لا تعتاد على الاجبار نحن نحب الحرية، على رغم ذلك حين تهدد الحرية حياتك عليك أن تقف وتلزم بيتك لأمنك وأمان من تحب.
اجلس الآن واترك كل شيء فقد حانت لحظة التفكر بداخلك والتجول في أعماقك، والتصالح مع أفكارك وقرارات، التخلص من مخلفاتك العقلية والقلبية، راجع ترتيب أولوياتك ونعمك، راجع فقد تأكدنا أن الحال لا يدوم، وأن الطبيعي قد تحرمك الحياة منه إجبارا، تفنيد أوراقك من جديد هو البداية الحقيقية للخروج من الأزمة والوصول للرضا الموصول بالتجلي والحب، والتخلي، الآن ليس على الحياة أن تربطك بها، بقدر أن تربط نفسك بالحياة.