المؤسسات الدينية ترفض دعوة "العدوي" لصلاة الجمعة بالبيوت: إثم ومعصية
مصطفي العدوي
انتقدت المؤسسات الدينية، على رأسها الأزهر والأوقاف، الطرح الفقهي الذي قدمه الداعية السلفي مصطفى العدوي، حول جواز إقامة صلاة الجمعة في البيوت.
وقالت دار الإفتاء، إنه لا تجوز صلاة الجمعة في المنزل، سواء كان رب الأسرة إماما أو خلف التليفزيون أو الراديو، مشيرة، عبر موقعها الرسمي، أن الجمعة تصلى في البيوت ظهرا أربع ركعات.
وأكدت الوزارة أن الجمعة لا تنعقد بدون إذن ولي الأمر أو من ينيبه في إقامتها، كما أن إقامة الجمعة بالمخالفة لجهات الاختصاص في الظرف الراهن "إثم ومعصية".
وأوضحت الأوقاف، أن هذا الرأي هو ما أكدت عليه كل المؤسسات الدينية: الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف المصرية ودار الإفتاء، فالجمعة لا تنعقد بمخالفة ولي الأمر، كما أنها لا تنعقد في الطرقات أو أمام المساجد أو الزوايا أو فوق أسطح المنازل.
بدوره، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أنه لا "جمعة في الطرقات أو على أسطح البنايات أو داخل البيوت؛ وإنما تصلى ظهرا أربع ركعات".
وقال المركز، في بيان، "الحمد شرع الله عز وجل صلاة الجمعة، وفرضها على المسلمين؛ لحكم عليا، ومقاصد عظمى، منها: إظهار شعار الإسلام، واجتماع وتلاقي المسلمين لتأكيد الوحدة والتعاون على الطاعة. وهذه من أعظم مقاصدها التي متى انتفت فلا معنى لإقامة صلاة الجمعة في البيوت حين تعليق صلاة الجماعة في المساجد كما هو الحال الآن للظروف التي يمر بها العالم؛ ولذا اشترط الأئمة الأربعة وغيرهم من الفقهاء لصحة صلاة الجمعة شروطا تحقق هذه المقاصد العظيمة؛ من مسجد، أو جامع مصر (أي جامع البلدة الكبيرة المليئة بالسكان)، أو عدد مصلين، أو إذن حاكم، أو غير ذلك، ونقل غير واحد منهم اتفاق الفقهاء على بعضها.
ومن ذلك قول الإمام الزيلعي رحمه الله: «من شرط أدائها -أي: الجمعة- أن يأذن الإمام للناس إذنا عاما ... ؛ لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين؛ فتجب إقامتها على سبيل الاشتهار» [تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/ 221)]
وقد فهم السلف الصالح هذا الفقه وطبقوه؛ فكانوا لا يصلون الجمعة في البيوت إن حال بينهم وبين تأديتها جماعة في المسجد حائل، وإن كثر عددهم؛ فعن موسى بن مسلم، قال: «شهدت إبراهيم التيمي، وإبراهيم النخعي، وزرا، وسلمة بن كهيل -وكلهم من التابعين-، فذكر زرا والتيمي في يوم جمعة، ثم صلوا الجمعة أربعا -أي: ظهرا- في مكانهم، وكانوا خائفين» [مصنف ابن أبي شيبة (1/ 466)].
وبناء على ما سبق؛ فلا تنعقد صلاة الجمعة في البيوت (خطبة وركعتان) ولو جماعة، وإن كثر عدد المصلين، ولا تكون صحيحة إن وقعت، ولا تنعقد كذلك فى الطرقات، ولا الشوارع، ولا على أسطح العمارات، ولا فى أفنيتها، ولا فى ساحات الحدائق العامة، ولا المنتزهات، وإنما تصلى في البيت أو في مكان العمل ظهرا أربع ركعات جماعة أو انفرادا بغير خطبة".
وأهاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بأبناء الشعب المصري والأمة كافة "أن يبتعدوا عن مواطن الزحام، وأن يلتزموا إرشادات الوقاية التي تصدر عن الهيئات المختصة؛ رفعا للضرر، وحفاظا على الأنفس".
وأكد أن اتباع إرشادات الوقاية الصحية "واجب شرعي، وأن مخالفتها محرم شرعا؛ لما في المخالفة من تعريض النفس والغير لمواطن الضرر والهلاك".
يذكر أن الداعية السلفي مصطفى العدوي طرح رؤية فقهية جديدة حول صلاة الجمعة بالمساجد، وقال العدوي لـ"الوطن": "بعد البحث الشرعي والفقهي في مسألة إقامة صلاة الجمعة وهل تنعقد في المساجد أم تنعقد في أي مكان، وجدت أنه يمكن للمسلم أن يقيم صلاة الجمعة في أي مكان وليس المسجد شرطا لإقامتها".
وأوضح العدوي أن "غالبية أهل العلم وجمهور العلماء خلافا للمالكية يرون أن المسجد ليس شرطا لإقامة صلاة الجمعة، فكان الصحابي الجليل أسعد بن زرارة أول من جمع المسلمين لصلاة الجمعة في المدينة المنورة، وقد ذكر عبدالرحمن بن كعب بن مالك أن أباه كان يترحم عليه، فقال له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة! قال: لأنه أول من جمع بنا في مكان غير المسجد".
وأضاف: "أقول لنفسي ولإخواني أنه يجوز لكل مسلم أن يؤدي صلاة الجمعة في منزل مع ابنائه وبناته وأهل بيته، فيمكن أن يؤديها ظهرا فردا أو جماعة، ويمكن أن يؤديها جمعة إذا قام فأذن وألقى خطبة بأهل بيته ونصحهم فيها فيصلي الجمعة ركعتين".
وحول العدد المحدد لصلاة الجمعة، أوضح العدوي، أنه يمكن أن تصلى الجمعة بأي عدد، فلم يحدد الإسلام عددا معين للصلاة، فهناك من أهل العلم من قال 40 فردا، وهناك من قال 12، فلم يحدد رقما معينا، وتابع أن صلاة للجمعة في المنزل ليس هناك بها أي مخالفة لقرارات الحظر أو هناك مخالفة شرعية.
بدوره، أكد الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوي بالدار أنه لا تصح إقامة صلاة الجمعة ركعتين وبخطبة في المنازل.
وأضاف، لـ"الوطن": صلاة الجمعة سميت بذلك - كما يقول أهل اللغة والشرع - لاجتماع الناس فيها، وبالاجتماع المخصوص في الأماكن المأذون لها صارت الجمعة شعارا من الشعائر، ولذلك لا تصلى في البيوت، لأن ذلك يخرجها عن المقصود الأصلي منها، وهي أنها شعار لاجتماع الناس في أماكن مخصوصة ومأذونة.
تابع: وكل ذلك يستنبط من طلب النداء لها ومن السعي إليها ، وذلك في قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) أي : إلى الأماكن التي تصلى فيها وهي المساجد أو ما كان في حكمها بإذن ولي الأمر.
وقال مستشار المفتي: وعليه فلا تصح صلاة الجمعة في البيوت بخطبة وركعتين، وإنما تصلى ظهرا أربع ركعات ، ويؤجر المعذور في ذلك أجر من أداها جمعة إن شاء الله تعالى، ويزداد أجره إن نوى أنه يلتزم بذلك طاعة لولي الأمر الذي يعمل لمصلحة الناس، وأيضا لئلا يضر نفسه أو غيره بالأمراض المعدية.