قررت أنقرة أن تهرب إلى الأمام من نتائج الفشل الذريع فى إدارة أزمة الكورونا فى الداخل، إلى زيادة وتيرة العداء الخارجى ضد خصومها فى المنطقة!
كثير من دول العالم، بالذات فى ظل حكم الطواغيت، يخلق ظاهرة العدو الخارجى ويضخم فيها، بهدف تحويل الأنظار عن حالات الإخفاق فى إدارة ملف الداخل إلى محاربة عدو الخارج.
«العدو الافتراضى» هو عدو يخترعه النظام الحاكم، ويؤجج فى حالة الكراهية ضده داخل الرأى العام الداخلى حتى يبرر أسباب وتكاليف المواجهة معه.
فى أنقرة ظهر بما لا يدع مجالاً للشك ضعف وفساد إدارة الحزب الحاكم والحكومة فى التعامل مع سوء الإدارة، وانهيار المنظومة الصحية التركية التى كان الرئيس رجب طيب أردوغان يتشدق دائماً بالمفاخرة بها.
ذلك كله طرح سؤالاً كبيراً لدى الرأى العام التركى وهو: أين ذهبت أموال الشعب، ومليارات الدولارات التى أنفقت خلال 35 عاماً على النظام الصحى؟
يحدث ذلك فى الوقت الذى أنفقت فيه أنقرة أموالاً طائلة فى حملة تسويق خلال العشر سنوات الأخيرة للدعاية حول العالم بهدف بيع فكرة أن تركيا هى القوة العالمية الصاعدة فى مجال الصحة والعلاج، وأنها المقصد الأول للسياحة العلاجية فى المنطقة.
يحدث ذلك فى ظل تراكم تدهور الوضع الاقتصادى الداخلى الذى أدى إلى فقدان الليرة التركية أكثر من ثلثى قيمتها مقابل الدولار الأمريكى.
ويحدث ذلك فى ظل عقوبات تجارية يعانى منها الاقتصاد التركى من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى بسبب حماقات سياسات أردوغان.
فى ظل ذلك قرر أردوغان الهروب من فشل إدارة كورونا إلى الخارج فقام، بالآتى: -
1- زيادة وتيرة وكميات إرسال السلاح التركى إلى طرابلس ومصراتة بهدف دعم قوات الوفاق الليبية.
2- تصعيد أفراد وأعداد المرتزقة السوريين من الجماعات التكفيرية إلى ميناء طرابلس ومطار معيتيقة لتغيير ميزان مسرح العمليات ضد قوات الجنرال حفتر.
3- إرسال طائرات «إف 61» التركية والدفع بها إلى أجواء مسرح العمليات العسكرية بليبيا لإيقاف حالة التفوق الجوى المساندة لقوات حفتر.
ويعد هذا الإجراء هو الأكثر خطورة منذ شهر نوفمبر الماضى ومنذ توقيع مذكرة الاتفاق التركى الليبى فى ديسمبر الماضى.
فى الوقت ذاته لم تتوقف وسائل التعبئة الرسمية التركية عن حالة العداء ضد مثلث مصر السعودية الإمارات مجتمعين ومنفردين.
ونالت السعودية نصيب الأسد مؤخراً فى هذا المجال من خلال إعادة فتح المدعى العام التركى لتحقيقات موضوع اغتيال جمال خاشقجى ومطالبة السلطات السعودية بتسليم المتهمين السعوديين للسلطات التركية تحت دعوى أن السلطات التركية هى جهة الاختصاص بالتحقيق والمحاكمة على أساس أن الجريمة تمت على أراضٍ تركية.
هذا التسخين المفتعل خارج الحدود التركية يطرح السؤال الكبير: هل حفتر فى ليبيا أهم لدى أردوغان من أكراد تركيا؟ وهل جريمة اغتيال خاشقجى أكثر ضغطاً على ضمير أردوغان من جريمة الإخفاق فى حماية وتحصين ملايين الأتراك من الوفاة والعدوى؟