لا يستطيع أحد أن ينكر أن الفنان الشاب محمد رمضان يملك مفتاح الشفرة لجمهوره، جمهوره من الشباب أو الطبقات الكادحة، والذين يجلسون فى منازلهم أو على المقاهى بعد يوم عمل شاق، منتظرين أن يروا بطلهم الذى يشبههم يكافح مع الحياة، ويتعرض للظلم، ولكنه فى أغلب الأحيان راض بعيشته وما كُتب له، ولكن فى لحظة ما يكون عليه الأخذ بحقه ورد الظلم الذى تعرض له ليس بالتحايل، بل السعى الدؤوب، ورحلة صعود يحلم الكثيرون بتكرارها، وعيش تفاصيل مماثلة، ذلك هو الجمهور الذى ينشده رمضان دائماً، ويعرف أنه يحقق له قاعدة جماهيرية كبيرة، وشعبية تمثل حلماً لكل فنان، بعيداً عن جمهور النخبة أو المحسوبين عليها والصفوة الذين يرون أن «رمضان» بطل لا يشبههم، بل إنهم أحياناً ما يكيلون له الاتهامات على الملأ ولكنهم لا يمانعون من الرقص على أغانيه، أو التقاط الصور معه، ويبدو أن محمد رمضان قد انشغل فى الأعوام السابقة فى محاولة الوصول إلى هذه الشريحة أيضاً.
محمد رمضان أدرك أن عليه فى موسم دراما رمضان 2020 أن يستعيد جمهوره أو ظهيره الحقيقى من خلال مسلسله «البرنس» والذى أعاده للمنافسة بقوة فى السباق الرمضانى، ليس ذلك فقط، بل إنه ظهر فى أحسن حالاته الفنية من خلال شخصية رمضان البرنس والذى يعانى من ظلم إخوته غير الأشقاء، تلك التيمة التى صاغ لها السيناريو والحوار المخرج محمد سامى، والذى يعتبره «رمضان» تميمة الحظ بالنسبة له، حيث حققا معاً الكثير من النجاحات.
بطلنا هو رضوان البرنس، أسطى «الدوكو»، ويدير ورشتهم التى تقع فى حى الشرابية مع والده، «عبدالعزيز مخيون»، وهو ابن صالح يقف فى ظهر والده، ولا يتردد فى فعل أى شىء لينال رضاه، فى حين أن باقى أولاده لا يقدمون سوى على الإساءة له، وتتنوع أشكال الإساءات، فمنهم من يتزوج راقصة «إدوارد»، ومن يتاجر فى الحبوب المخدرة «أحمد زاهر، ومحمد علاء)، ومنهم من يتعاطى المخدرات «أحمد داش»، وعبير «رحاب الجمل» والتى يملك الغل والحقد قلبها لشعورها بأنها أقل من شقيقتها نورا «ريم سامى»، التى تدرس الهندسة وقريبة من والدها وأخيها غير الشقيق «رضوان»، ويرحل الأب تاركاً ميراثه كله باسم رضوان فى محاولة لتأديب أولاده، ظناً منه أنهم سينصاعون لشقيقهم وتنصلح أحوالهم، وبعدها يكون على «رضوان» أن يعيد إليهم حقوقهم. ولكن الوضع لا يسير كما خطط له الأب، فالنفوس البشرية مليئة بالشر، وهؤلاء الأولاد العاقون أقرب إلى الشياطين فى تركيبتهم، لذلك يبدأون رحلة الانتقام والتنكيل بشقيقهم بقتل ابنه وزوجته، ومحاولة قتله هو وابنته، ثم تلفيق تهمة سرقة له وإيداعه السجن.
تلك المعالجة الدرامية والخطوط المتشابكة، سواء كانت مستوحاة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام أم لا، هى تيمة مليئة بالميلودراما الفاقعة والتى قد لا تروق للبعض ولكنها تتماهى مع المزاج الشعبى، والحس الإنسانى البسيط، وتشبه قصصاً كثيراً ما نقرأ عنها فى صفحات بريد الأهرام، والحوادث من عقوق أبناء، وصراع على ميراث وهو ما يؤدى لارتكاب أبشع الخطايا.
محمد رمضان من خلال عمل متماسك درامياً لا يخلو من الأخطاء الساذجة فى بعض الحلقات، نجح فى تقديم شخصية رضوان البرنس بصورة أكثر نضجاً بعيداً عن تشنج الأداء، أو إلقاء الجمل الحوارية دون انفعال حقيقى، بل إن محمد رمضان أخذ شخصية البرنس واشتغل عليها جيداً، من خلال أداء يبعد كثيراً عن المبالغات التى قد تصاحب هذه النوعية من الميلودراما، وهو الفخ الذى وقع فيه الفنان أحمد زاهر والفنانة روجينا واللذان اعتمدا كثيراً فى مشاهد مهمة تعكس الكثير من تفاصيل شخصياتهم غير السوية إلى الصراخ، و«التبريق»، للتأكيد على شرهم والمفارقة أن «زاهر» نفسه له مشاهد ومنها المشهد الذى جمعه بزوجته الدكتورة شيماء، وتجسدها دنيا عبدالعزيز، وهى تسأله عن مسئوليته فى قتل زوجة رضوان وابنه ومحاولة القضاء على «رضوان» أيضاً، جاء أداؤه شديد الانضباط دون مغالاة، لذلك كان أقوى تأثيراً وعكس الشر الذى بداخل شخصية فتحى دون مبالغات المشاهد السابقة.
وفى ظنى أن الفنان «إدوارد» أحد النجوم الذين كسبوا كثيراً من خلال مسلسل «البرنس»، حيث قدم واحداً من أفضل أدواره، وبعيداً عن التشنج، فهو الشقيق الكبير المتزوج من راقصة، والمطرود من جنة والده، والذى يشارك أشقاءه كل الجرائم بالصمت والتواطؤ، ويعانى صراعاً نفسياً مريراً خصوصاً أنه لا يرغب فى إيذاء «رضوان»، تلك المعاناة والانفعالات المكتومة قدمها «إدوارد» دون صراخ أو أداء فاقع ومبالغ فيه.
كما أن إتاحة مساحات درامية لكل الشخصيات حول محمد رمضان أتاح لنجوم العمل جميعاً مساحات مختلفة من الإبداع، وتألق الكثير منهم، الكبار والمخضرمون قبل الشباب «سلوى عثمان، وأحلام الجريتلى، ومخيون، ومحمد عبدالمعطى، ولبنى ونس، وصفاء الطوخى».
«البرنس» من تأليف وإخراج محمد سامى هو مسلسل يمثل نقلة حقيقية لمحمد رمضان، وجعله يخطو للأمام بعد مرحلة من الثبات فى الدراما وعدم تقديم الجديد.