أساسها الإضرابات.. كيف نشأت النقابات العمالية في مصر؟
كيف نشأت النقابات العمالية في مصر؟
زادت حدة الإضرابات في أواخر القرن 19، فقد لمس العمال ضرورة المحافظة على مظهر تجمعهم في شكل تنظيم دائم يجمع شملهم ويمثل مصالحهم، ومن ثم كان تأسيس النقابات أو "الجمعيات" كما كانت تسمى وقتها.
تكون جمعية لفافي السجاير بالقاهرة، في عام 1899، واستمرت قائمة حتى عام 1901، وكان رئيسها يونانيًا يدعى دكتور كريازي، وجمعية اتحاد الخياطين بالقاهرة عام 1901، وكان رئيسها دكتور بستس، وفي نفس العام نشأت جمعية الحلاقين، وعمال المطابع، أما جمعيات عمال الأدوات المنزلية وعمال السجاير بالإسكندرية وكتبة المحامين بالقاهرة، فقد تأسست في عام 1902، حسب كتابة تاريخ الحركة العمالية في مصر، لرؤوف عباس.
وكان لانتعاش الحركة الوطنية خلال العقد الأول من القرن العشرين على يد مصطفى كامل ومحمد فريد، والتطلع إلى التخلص من الإحتلال الأجنبي، كان لهذا كله أثر كبير في تحريك الطبقة العاملة المصرية لممارسة النضال الجماعي للظفر ببعض المكاسب الاقتصادية الملحة.
ففى 2 أغسطس عام 1908، اضرب جميع عمال السجاير مطالبين بزيادة الأجور، وخفض ساعات العمل واحتساب الإجازة المرضية بأجر ولكن هذا الإضراب فشل نتيجة تدخل الشرطة، ثم عادوا إلى الإضراب فى 17 من أكتوبر، وأسفر إضرابهم عن إعادة تشغيل نقابة عمال الدخان.
وفى عام 1908، قدم عامل شركة ترام القاهرة، إلى الشركة قائمة بمطالبهم التي كانت تدور حول خفض ساعات العمال إلى 8 ساعات بدلًا من 13 ساعة، وزيادة الأجور بنسبة 40%، لمواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة، ورفضت الشركة الاستجابة لهذه المطالب، فأعلن العمال الإضراب، وطافوا بشوارع القاهرة في شكل مظاهرة تعرضت للصدام مع الشرطة.
وانتهى الأمر بالقضاء على هذا الإضراب ومحاكمة 108 من العمال، وجهت إليهم تهمة الإخلال بالأمن والنظام وتعطيل عمل الشركة والأضرار المادي بها، وأسفرت المحاكمة عن إدانتهم، وبرغم أن العمال لم يجنوا من وراء هذا الإضراب مغنمًا اقتصاديًا، إلا أنه ولأول مرة اتيحت الفرصة لتأسيس نقابة خالية من العنصر الأجنبى.
وقد انتشرت فكرة تأسيس النقابات من القاهرة إلى الأقاليم، فأنشئت نقابة بالإسكندرية وأخرى بالمنصورة وثالثة بطنطا، ويرجع الفضل في ذلك إلى رجال الحزب الوطني آنذاك، وخاصة محمد فريد الذي يدعو إلى العناية بنقابات العمال وبث مبدأ التضامن بينهم، والدفاع عن حقوقهم.
واستمرت متناثرة ضعيفة مطاردة، حتى اُعلنت الأحكام العرفية نتيجة قيام الحرب العالمية الأولى 1914، بعد إعلان الحماية الإنجليزية على مصر، وما تلا ذلك من حظر مزاولة كل نشاطة اجتماعي وسياسي، ومن ثم اُغلقت دور النقابات، وتوقف النشاط النقابي.