صلاة من أجل الإنسانية تحيي الود الأول بين الإسلام والمسيحية
شيخ الأزهر
شهد العالم حالة من الوحدة الدينية، اليوم، للتضرع والدعاء من أجل رفع وباء كورونا بمشاركة المؤسسات الدينية الكبرى التي تقود عدة أديان، أبرزها الإسلام والمسيحية، والسيخ.
فأعلن الأزهر والفاتيكان والكنائس المصرية "الكاثوليكية والإنجيلية والأسقفية" مشاركتهم في الدعوة، كما أعلن عدد من الرؤساء والقيادات حول العالم مشاركتهم أيضا.
وقال الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي، إن العلاقة بين الإسلام والمسيحية كأكبر ديانتين حول العالم، عادت بهذه الدعوة لوضعها الأول، حيث الوئام والسلام والاحترام التام بين الديانتين، منذ العهد النبوي، فقد كان الراهب "بحيري" هو أول من بشر النبي بالنبوة، وكان الملك المسيحي الحبشي النجاشي أول الداعمين للرسالة النبوية الجديدة في مهمدها واستضاف المسلمين وحماهم من بطش الباطشين، فقد حمت المسيحية الإسلام والمسلمين وهم ضعفاء فى مهد دعوتهم، وقد رد النبي المعروف للأمة المسيحية، فأكرمهم أيما إكرام واستضاف وفد نصارى نجران في مسجده وأحسن وفادتهم وعرض عليه رسالته، وبعد عدة أيام قضاها الوفد في المدينة أعلن رفضه للإسلام وأعلن ترحيبه بالسلام مع النبي ودولته وقبل الرسول ذلك ولم يكرههم أو يجبرهم على شيء وعادوا إلى وطنهم معززين مكرمين.
ولم تنته المحبة بين الرسالتين السماويتين، فحينما أرسل الرسول رسالة إلى المقوقس حاكم مصر، قبل الرسالة وأهدى الرسول السيدة "ماريا القبطية" فتزوجها الرسول، لتتم المصاهرة بين الإسلام والمسيحية، وينعقد عقدا أبديا بالسلام والمحبة بين الديانتين.
وقد رد المسلمين الجميل حينما فتح عمرو بن العاص أرض مصر، فأكرم أهلها ولم يهدم كنيسة أو يعتدي عليها أو يكسر صليبا أو يهيج أو يفزع راهبا، بل مر جيشه إلى جوار كل الأديرة والكنائس فأمن رهبانها وقساوسها وأعاد البطريرك بنيامين إلى سلطته وليرد للمسيحيين جزاء فضلهم الأول، حيث أكرموا وفادة مهاجري الحبشة وكان هو أحد شهود الواقعة قبل أن يسلم.
واليوم، يدور الزمان دورته ويصلي أهل الديانتين معا، ليعلنوا للعالم أن الود الأول قد عاد، وأن قرونا من الأزمات لن تغير ما أقره القرآن والنبي صلي الله عليه وسلم من محبة الأخوة المسيحيين.
وقال سامح عيد، الباحث في الشئون الإسلامية، إن الحياة بين الإسلام مع المسيحية تغمرها المحبة والسلام، ويغلفها التسامح والعيش المشترك بل والحماية المتبادلة، حيث تبادل كل منهما موقع حماية الآخر والذود عنه ضد الاضطهاد، وفي وقت قوة كل منهما كان يمنح الآخر حرية العقيدة والعبادة.
وأضاف: لقد جمعتنا الحالة الإيمانية منذ فجر الإسلام، ولم يفرقنا سوى السياسية وأطماع الحكام سواء المسيحيين أو المسلمين، فقد اعتاد أتباع الديانتين في القديم على حربين ثابتتين بين ملوك المسلمين والمسيحيين كل عام، وذلك للتوسع وضم الأراضي وسبي العبيد والجواري، فظهرت هجمات المسلمين على البلدان المسيحية، والرد عليها والذي كان مبالغا وعنيفا، حيث الحملات الصليبية العنيفة، ومحاكم التفتيش في إسبانيا والبرتغال بعد هزيمة المسلمين فيهما وإصرار ملوك إسبانيا الجدد على طرد عوام المسلمين وقهرهم على تغيير دينهم.
كما شهد الشرق والغرب صراعا داميا وعميقا بسبب الاستعمار، وكل تلك الحروب والصراعات لم يكن للأديان يد فيها، وإنما أطماع حكام وقوانين عهد ولى ومضى، وعلينا الآن التأسيس من جديد، لعالم مثل الساعة الأولى حيث المحبة والسلام التام بين أتباع الديانتين.