كورونا.. وعي الشعوب يتراجع أمام نظريات المؤامرة
صورة أرشيفية
رغم استمرار الجهود الدولية في محاربة فيروس كورونا المستجد، ونجاح بعض الدول في الحد من آثاره، إلا أنه لا يزال في المجتمعات الغربية من يروج لعدم الالتزام بالقواعد الصحية والقرارات التي اتخذتها الحكومات لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للفيروس التاجي، ولا يزال من يروج أن الفيروس مجرد حرب إعلامية، أو أن الفيروس ليس طبيعياً، وأن هناك تدخلاً بشرياً لتسريعه أو حتى لتصنيعه، أو أنه ليس هناك فيروس، بل تداعيات إطلاق الجيل الخامس من الانترنت أو أن الفيروس صنع في مختبرات بأفغانستان على شكل غاز السارين، وإن عددا من الجنود أصيبوا به، ولكي يخفوا إصابتهم، سافروا إلى مدينة ووهان الصينية حيث نشروا العدوى، أو أن اللقاح موجود، لكن لا يريدون الإعلان عنه، حيث إن الفيروس سلاح بيولوجي في حرب الصين وأمريكا، أو خدعة لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو أن ارتفاع الإصابات في أوروبا يعود لرغبة هذه الدول بالتخلص من كبار السن فيها.
تظاهرات رافضة لإجراءات العزل الصحي في ألمانيا.. ومؤيدون للرئيس الأمريكي يطالبون الحجر بالولايات المتحدة
وفي ألمانيا، أحد أنجح النماذج في مواجهة الفيروس، اتسعت، خلال هذا الشهر، المظاهرات الرافضة لإجراءات العزل التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تفشي الفيروس، وبحسب الإذاعة الألمانية "دويتش فيله" بدأ عدد من من المسؤولين، وعلى رأسهم المستشارة أنجيلا ميركل، في دق ناقوس الخطر من تبعات تلك الاحتجاجات، وذلك بالتزامن مع احتشاد أعداد كبيرة من المتظاهرين الرافضين لتدابير الإغلاق وأنصار نظريات المؤامرة والرافضين للقاحات في أنحاء ألمانيا مجددا، حيث تجمّع أكثر عدد من المدن الألمانية.
ورغم وعي والتزام الشعب الألماني، وصفت الإذاعة الألمانية في تقرير لها، تلك المظاهرات بمظاهرات حركة "بجيدا" المناهضة للاجئين وللإسلام، التي خرجت في أوج أزمة اللجوء في أوروبا عام 2015، ودعمها حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي حظي بالشعبية آنذاك عبر إثارته المشاعر المعادية للمهاجرين، وهو اليوم يدعم علناً المتظاهرين ويقدّم نفسه على أنه الحزب المناهض للإغلاق، وأظهر استطلاع بتكليف من مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن نحو ربع الألمان المستطلعة آراؤهم أعربوا عن تفهّمهم للتظاهرات، كما ذكرت تقارير أن ميركل تحدثت مع كبار المسؤولين في حزبها المسيحي الديموقراطي عن الاتّجاه المقلق الذي قد يحمل طابع حملات التضليل الروسية، وشابت معاداة السامية بشكل متزايد التظاهرات، التي تخللها العنف أحياناً، بينما رفع المتظاهرون شعارات تظهر شخصيات على غرار الملياردير جورج سوروس على أنه الرجل الخفي في أزمة الفيروس.
وفي كوريا الجنوبية إحدى الدول القليلة التي نجحت في تسطيح منحنى فيروس كورونا، وحظيت سياستها في الاختبار والتتبع والعلاج بدون اتخاذ إجراءات إغلاق بالثناء على نطاق واسع، أشار البعض إلى أن سبب ذلك هو تجربة كوريا الجنوبية في التعامل مع الأوبئة السابقة مثل سارس وميرس، بينما قال المراقبون في الولايات المتحدة إن القيادة الفعالة للبلاد لها الدور الأكبر، بينما يشير آخرون إلى عوامل ثقافية، مثل استعداد الجمهور للتضحية بالخصوصية من أجل الصالح العام.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فإن كوريا الجنوبية لديها بنية تحتية أساسية للخدمات العامة، ولم يكن من الممكن استمرار سياسة الاختبار والتتبع والمعالجة أو توسيعها إلى الدرجة التي كانت عليها دون وجود تلك البنية، وعلى الرغم من أن المستشفيات في كوريا يديرها القطاع الخاص، إلا أن 97% من السكان مشمولون بنظام التأمين الصحي الإجباري.
وقد كفل هذا التوازن بين المستشفيات المخصخصة ونظام التأمين العام وصول الجميع وموارد وافرة، ما أثبت فعاليته في أزمة الفيروس، حيث أصبح المواطنون أكثر جرأة في علاقتهم بالدولة، ما أجبر الحكومات على أخذ رفاههم على محمل الجد.
5 آلاف شخص يتظاهرون في العاصمة السلوفينية احتجاجا على القيود.. ومواطنو الدنمارك يخرجون للمطالبة بفتح الحدود مع ألمانيا
ومع تكبد الولايات المتحدة أعلى حصيلة وفيات في العالم بالفيروس، خرج مئات المتظاهرين، منذ أيام، وحسب وكالة فرانس برس، فإن الولايات المتحدة الأمريكية شهدت مظاهرات في عدة ولايات، في نيوهامبشير وكاليفورنيا، مرورا بتكساس وأوهايو للمطالبة بإنهاء إجراءات الحجر الصحي المفروضة على المواطنين من قبل السلطات بهدف الحد من تفشي فيروس كورونا.
وأغلب المتظاهرين مؤيدون للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أظهر دعمه لهم معتبرا أنّ بعض حكّام الولايات قد "ذهب بعيدا جدا" في إجراءات الحجر في وقت باتت الولايات المتحدة أكبر بؤرة في العالم لوباء كورونا.
وقادت الناشطة المعارضة أودري ويتلوك عدة مسيرات اعتراضا على إجراءات التباعد الاجتماعي الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا، بل ونظمت مسيرات احتجاجية مضادة للحظر التام، لكن "ويتلوك" غابت عن اثنين من مسيرات مجموعتها الاحتجاجية بعد إصابتها بالفيروس وفقًا لصحيفة مترو، وقالت أودري إنها أُجبرت على عدم حضور مظاهرات "أعيدو فتح نيويورك" الأولى في رالي بولاية نورث كارولينا، إذ كانت في الحجر الصحي لمدة أسبوعين، لكنها لم تيأس ولم تغير موقفها بعد ما حدث لها بسبب التجمعات وكتبت في منشور على فيسبوك كيف أن القيود بما في ذلك أمر البقاء في المنزل لحاكم نيويورك روي كوبر تنتهك حقوق المواد الأولى والخامسة والرابعة عشرة.
وفي مطلع هذا الشهر تظاهر أكثر من 5 آلاف شخص في العاصمة السلوفينية، ليوبليانا، احتجاجا على القيود التي فرضتها الحكومة لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد، وقالت وكالة الأنباء السلوفينية، إن مدنا أخرى شهدت احتجاجات أصغر بما في ذلك ماريبو وتسليه وكوبر.
وفي ليوبليانا، توجه المتظاهرون إلى مبنى البرلمان على الدراجات الهوائية وأعربوا عن استيائهم بقرع أجراس الدراجات.
واستخدم البعض أجراس البقر لخلق ضوضاء في تعبير عن رفضهم فرض الحكومة السلوفينية سلسلة من القيود، وهي ما يتم رفعها تدريجيا، غير أن حظرا على التجمعات والتظاهرات.
وفي الدانمارك، خرجت أعداد من المواطنين، إلى الشوارع للمطالبة بفتح حدود بلادهم مع ألمانيا، بعد أسابيع من الإغلاق، وأعادت الحكومة الدانمركية فتح المقاهي والمطاعم، بالإضافة إلى المزيد من المدارس، وسط مزيد من تخفيف الإجراءات التي اتخذت لوقف انتشار الفيروس، وقالت السلطات إن التباعد الاجتماعي لا يزال ضروريا، كما وأصدرت وزارة الصناعة والأعمال والشؤون المالية في البلاد سلسلة قواعد للمقاهي والمطاعم تضمنت ألا تزيد كل مجموعة من الزبائن عن 10 أشخاص، تماشيًا مع القيود الحالية على التجمعات العامة، وصرح وزير الشؤون الاقتصادية والتجارية سيمون كولروب، قائلا "أنا سعيد لأنه سيكون من الممكن الآن الخروج والاستمتاع بعشاء جيد أو تناول فنجان من القهوة مع صديق".
وفي روسيا خرج مئات المتظاهرين الروس، خلال الأسبوع الماضي، في احتجاجات ضد السلطات الإقليمية في الجنوب بسبب ما يرون أنها إجراءات مُقيدة وغير ضرورية، وتحدث فياتشيسلاف بيتاروف، حاكم المنطقة، للمتظاهرين، حيث منح الكرملين سلطة واسعة لحكام الأقاليم لاتخاذ إجراءاتهم الخاصة في محاولة الحد من تفشي الفيروس، وأظهرت لقطات مصورة مئات المحتجين يحتشدون في ساحة تحت أعين رجال شرطة بملابس مكافحة الشغب، وحدد المتظاهرون، مطالبهم في منشور على تطبيق تلجرام، وضمت استقالة الحكومة الإقليمية ورئيس الإقليم وإجراء انتخابات جديدة، ولم يضع أي من المحتجين كمامات، وذكرت تقارير إعلامية محلية أن بعضهم اعتُقل.