مستشارون عسكريون: "الخطر الليبي" بعيد عنا لكنه تهديد لأمن مصر القومي
الجيش الوطني الليبي مستمر في الدفاع عن أرضه ضد التدخلات الخارجية
أكد عدد من مستشارى أكاديمية ناصر العسكرية العليا أن تطورات الأوضاع الميدانية فى الأراضى الليبية، بعد شحن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لآلاف العناصر الإرهابية والمرتزقة للقتال ضد الجيش الوطنى الليبى، يمثل تهديداً صريحاً ومباشراً للأمن القومى المصرى، رغم بُعد الإرهابيين أكثر من ألف كيلومتر عن الحدود المصرية، لكن لا بد من دعم جهود المشير خليفة حفتر للقضاء على التهديدات الأمنية.
وشدد مستشارو «أكاديمية ناصر» على أن «الحل العسكرى» لن يكون بمفرده حلاً نهائياً للأزمة الليبية، لكن يجب أن يكون الحل سياسياً حتى تنتهى الأزمة والصراع السائد حالياً، مع العمل على سحب «المرتزقة» والقوات الأجنبية الموجودة على الأراضى الليبية، مؤكدين أن دول جنوب المتوسط، ومنها فرنسا وإيطاليا واليونان، تتشارك مع مصر مخاوفها من وجود عدد كبير من الإرهابيين بالأراضى الليبية، ولن يسمحوا بزيادة أعدادهم أكثر من ذلك حتى لا تتحول ليبيا لـ«سوريا جديدة»، وإلا سيأتى أطراف أخرى لتكون لديهم قدم جديدة فى منطقة جنوب المتوسط، على عكس رغبة تلك الدول والبلدان.
وقال اللواء دكتور سمير فرج، مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة الأسبق ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن الوضع فى ليبيا يتعقد من الجانب العسكرى، فى ظل اتجاه وتحركات من المجتمع الدولى لدفع طرفى المعادلة للعودة للمفاوضات، وللاتجاه للحل السياسى.
وأضاف «فرج»، لـ«الوطن»، أن التدخل التركى أسهم فى قلب موازين القوة فى «معركة طرابلس»، حيث دعّم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فايز السراج، بعدد من العناصر الإرهابية، حيث يوجد حالياً قرابة 9 آلاف جندى من المرتزقة فى الأراضى الليبية، ونحو 40 دبابة تركية، فضلاً عن الطائرات المُسيرة، ما جعل الوضع العسكرى فى غرب ليبيا ليس فى صالح «حفتر»، ما أدى لانسحابه حتى لا تقع خسائر فى رجاله ومعداتهم.
"فرج": مصر وفرنسا وإيطاليا لن تسمح بتحويل ليبيا إلى سوريا جديدة
وأوضح مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا أن أى تطور سلبى فى الأراضى الليبية هو تهديد لأمننا القومى بشكل مباشر، ومن ثم هناك تحركات من الدولة المصرية، بداية من الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى تواصل مع قادة مثل إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فضلاً عن اتصالات مصرية مع إيطاليا؛ لتحريك الأزمة الليبية سياسياً، مضيفاً: «لكن بالقطع عمر الحل العسكرى لوحده ما يحل المشكلة فى ليبيا.. لكن الحل لا بد أن يكون سياسياً فى المقام الأول».
وشدد على أن الدولة المصرية والعالم لن يسمحوا بتحول ليبيا إلى «سوريا جديدة»، خصوصاً دول إيطاليا وفرنسا واليونان؛ لأن ذلك سيصبح تهديداً مباشراً لأمنها القومى أيضاً مثلنا.
ووافقه فى الرأى اللواء دكتور نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع ومستشار مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا، الذى أكد أن المرتزقة الذين أتت بهم تركيا إلى ليبيا حسّنوا وضع «السراج»، لكن المجتمع الدولى يدفع حالياً فى اتجاه الحل السياسى، موضحاً أن الجيش الوطنى الليبى كان أقوى ويستعد لحسم «الأزمة الليبية»، لكن الدعم التركى الكبير لـ«ميليشيات الوفاق» جعل الطرفين فى قوة متقاربة غرب ليبيا، ومن ثم لا سبيل حالياً إلا لـ«مفاوضات سياسية».
ويرى «سالم» أن الجيش الوطنى الليبى مطالب حالياً بتعديل صفوفه مرة أخرى، ودعم قدراته وعناصره غرب ليبيا، ويجب أن يتم رفع توريد السلاح له، وأن يعود أكثر قوة ليدخل المفاوضات وهو فى موضع قوة وليس ضعفاً.
وأوضح أن هناك اتفاقاً دولياً على ضرورة رحيل كل المرتزقة من ليبيا، لكن الأمر لن يمر بسهولة، ولن يتم حسمه دون اتفاق من قبَل طرفى الصراع فى ليبيا.
وشدد على أن الأطماع التركية فى ليبيا واضحة ومعلن عنها، وهى جزء من الإرث التركى فى المنطقة، ولكن دعم الجيش الوطنى الليبى كفيل بعودة «لحمة الأراضى الليبية».
"سالم": انسحاب الجيش الليبى جاء لجر الإرهابيين لـ"مناطق قتل" بعيداً عن المدن
وعن انسحاب «حفتر» من بعض المواقع التى كسبها، قال إن قيادته وتمركز الجزء الأكبر من قواته بعيد عن طرابلس بأكثر من ألف كيلومتر، وأرى أنه يسحب قواته بعيداً عن المدن لجر «المرتزقة» لمواجهته، وعمل «مناطق قتل» لهم، علماً بأن قدرة المرتزقة على البقاء ليست طويلة؛ فهم موجودون لأجل المال، وليس لـ«تحرير أرض»، أو الإيمان بقضية، مضيفاً: «الجيش الوطنى الليبى لو صبر المعركة بتاعته».
وشدد على أن الأوضاع فى ليبيا حالياً ليست فى صالح أمننا القومى، لكن ما زال الخطر بعيداً عن مصر بأكثر من ألف كيلومتر، والجيش الوطنى الليبى موجود فى شرق ليبيا، المنطقة الملاصقة لمصر.
وأشار إلى أن «الدعم المصرى لجهود حل الأزمة الليبية كبير، وهدفنا استعادة وحدة وتماسك الأراضى الليبية دون تقسيم، لكن يجب أن تبتعد كل القوات الأجنبية عن الأراضى الليبية، ويتفاوض الليبيون فى وجود مبعوث دولى وأطراف لا توجد لها أجندات فى ليبيا، وإلا استمر الصراع لفترة أطول».