من قلب العاصمة الغانية أكرا، انتشر مقطع فيديو قصير من جنازة، ولكن ذات طابع مختلف، يظهر فيها كل ما يوحي بأنها ليست جنازة، إلا تابوت الميت الذي يحمله 4 أشخاص يرقصون بشكل مرح ومميز وهم يحملونه وحولهم أهل المتوفى يرقصون أيضا.
"رقصة التابوت" تحولت مع الزمن من ممارسة غريبة إلى مادة خام استدعاها رواد السوشيال ميديا للتحذير من الاستهانة بمخاطر عدم الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي الذي فرضه على البشر فيروس كورونا المستجد، وأصبح مؤدوها رمزا.
قائد فرقة "رقصة التابوت" رجل اسمه بنيمين أيدو، بالغ من العمر 33 عاما، حكايته مع العمل في الجنازات، كما يقول لـ"لوطن"، بدأت كحامل نعش عندما كان طالبا في المدرسة الثانوية، إذ ازدهرت أعمال الجنازات في غانا خلال التسعينات، وبمرور الوقت أراد أصحابها تمييز أنفسهم من خلال تقديم عروض معقدة ومبهرة.
بنيمين لجأ لهذه الوظيفة ليدفع رسوم مدرسته، ثم توصل إلى فكرة الرقصة التي انتشرت بشكل واسع "رقصة التابوت من ابتكاري، حاولت فيها تقديم نمط مختلف من الرقص وأجواء أكثر تفاؤلاً بشكل عام، وبعد الانتشار قررت إضافة لمسات خاصة، وشراء بدلات جديدة وأحذية، ثم بدأت أدعو الناس للانضمام إلي والتدريب معي بعدما كنت بمفردي".
الجنازات في غانا لها طابع خاص، وعلى حد وصف أيدو، الذي يعيش في مدينة أكرا، أشبه بأن الناس يحتفلون بالموت، "لاحظت أن الناس ينزعجون في كثير من الأحيان في جنازاتهم الرسمية حتى يغمى عليهم أو يصيبوا أنفسهم بضرر، ووجدت أنه إذا استطاعوا التركيز على الرقص، سيقل احتمال تعرضهم للأذى"، وتطور الأمر الآن وصارت "رقصة التابوت" تهدف إلى تحذير الناس من مخاطر تجاهل البعد الاجتماعي.
أكثر من مقطع مصور في جنازات عديدة عمل بها أيدو وفريقه، ولكن أوسعهم انتشارا على الإطلاق كان فيديو من جنازة امرأة توفيت عام 2017، وظهر أيضا هذا المقطع في فيلم وثائقي من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية.
"رقصة التابوت" وصلت إلى جميع أنحاء العالم تقريبا، ولاقت ردود فعل مذهلة، ونشرها رجال الشرطة في أكثر من دولة ليحذروا الناس من تجاهل التعليمات الصحية، وصارت مادة خام لصناع "الكوميكس" على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعاد نشرها عبر حسابه الرسمي على تويتر، تهكما على منافسه الديمقراطي جو بايدن.
أيدو يعبر عن رأيه في ردود الفعل الواسعة التي تلقاها بسعادة، قائلا: "الأمر مخيف بعض الشيء، ولكنه مضحك أيضًا، الناس يقولون أفضل أن أبقى في المنزل على أن يدفنني هؤلاء الرجال".
حياة أيدو بدأت تتغير للأفضل بعدما ظهر وفرقته في فيلم "BBC" الوثائقي عام 2017، ولكن ذروة التغير كانت في مارس 2020 وحتى الآن، بعدما صارت "رقصة التابوت" خاصته أكثر طريقة محبوبة وشعبية للتحذير من التهاون بفيروس كورونا، ويقول عن ذلك "تبدلت حياتي وشخصيتي، وأصبح لي شخصية، والناس يريدون رؤيتي وإجراء الأحاديث الصحفية معي"، وعلى صعيد العمل في الجنازات، صار له علامة خاصة، وبعدما كان فريقه من 6 أفراد أو أقل، أصبح يعمل معه الآن حوالي 100 شخص، 95 رجلاً و5 سيدات.
صاحب "رقصة التابوت" يوجه رسالة خاصة للمصريين
وحرص أيدو على توجيه رسالة للمصريين، في فيديو خاص لـ"الوطن"، بعدما صار وفرقته رمزا يحذر الناس بعضهم البعض من خلاله من مخاطر تجاهل مخاطر عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي.
وقال في رسالته بطريقته المعتادة: "مرحبا أيها المصريون، ابقوا في المنزل أو ارقصوا معنا.. دائما التزموا بالتعليمات والقواعد الصحية واستخدموا المطهرات واغسلوا أيديكم باستمرار والبسوا الكمامات لنتخطى هذه الجائحة، وإذا تهاونتم.. سوف ترقصون معنا".
تعليقات الفيسبوك