أما وأننا وجدنا فى الأزهر شيئاً يستحق التصحيح والتحذير، نبهنا وصححنا وحذرنا، وأما أننا وجدنا عملاً يستحق الإشادة والتقدير أشَدْنا وأثنينا، فالأمر غير متعلق بأشخاص، وقد يكون النقد والتصحيح وبيان مواضع الخلل أنفع من الثناء والمدح والإشادة.
فى الأيام الفائتة تعامل الأزهر الشريف مع «جائحة كورونا» تعاملاً يستحق الإشادة، فأصدر كتابين كملحق مع مجلة الأزهر التى يرأس تحريرها حالياً الدكتور «نظير عياد»، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الأول عنوانه: (الأربعون الصحية) للدكتور «حسن الشافعى»، والثانى عنوانه: (الدليل الشرعى للتعامل مع فيروس كورونا)، من إعداد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، فضلاً عن كتاب ثالث عنوانه: (كيفية مواجهة الأوبئة فى ضوء تعاليم السنة المشرفة) كتبه أحد أبناء الأزهر الشريف هو الدكتور «أحمد نبوى الأزهرى»، مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر.
كتاب (الأربعون الصحية) جمع فيه مؤلفه عدداً من الأحاديث الخاصة بالتداوى، والوقاية، والنظافة، والتعامل مع العدوى، والأخذ بالأسباب، فهو تجميع للأحاديث مع إلقاء نظرة مختصرة جداً تبين مراد كل حديث.
وأما كتاب (الدليل الشرعى للتعامل مع فيروس كورونا المستجد) فقد تناول فلسفة الإسلام فى التعامل مع الأمراض والأوبئة، ومنهج الإسلام فى اتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار العدوى، وقدم مبحثاً فى الإشادة بدور الأطباء فى مواجهة الوباء، وواجبات المريض نحو المصاب بالعدوى.
كما ركز على عشرة أخلاقيات ينبغى أن نواجه بها الفيروس، هى:
1- التثبت من الأخبار قبل نقلها، وتجنب بث الشائعات المغلوطة. 2- بث السكينة والطمأنينة بين الناس. 3- الدعاء والتضرع إلى الله لرفع البلاء. 4- التكافل والتضامن بين الناس. 5- التحلى بخلق الإيثار، والابتعاد عن احتكار السلع أو تخزينها وقت الأزمات مما يؤدى إلى ارتفاع سعرها. 6- المحافظة على الصلاة فى البيوت حال غلق المساجد. 7- مواساة المرضى. 8- عدم السخرية من المريض. 9- اتباع إرشادات الوقاية والسلامة التى يقولها المتخصصون. 10- إحياء عبادات القلوب من حسن الاستعانة وصدق التوجه.
وختم بالإجابة عن عدد من الفتاوى المتعلقة بهذا الفيروس، ومن ذلك مثلاً: حكم الاستخفاف بإجراءات الوقاية، وحكم مخالطة الناس وقت الوباء، وحكم امتناع المريض عن البقاء فى الحجر الصحى، وحكم الاجتماع أمام المحلات أو فى الشوارع لصلاة الجمعة عند غلق المساجد، وحكم بيع المتعافى من كورونا لدمه.. وغير ذلك من فتاوى متعددة امتلأ بها الكتاب، وجاءت الإجابات وفق المنهج العلمى المنضبط القائم على الدليل ومراعاة مقاصد الشرع وأهمها حفظ النفس وإدراك الواقع.
وأما كتاب (كيفية مواجهة الأوبئة فى ضوء تعاليم السنة المشرفة) فقد استعرض مؤلفه نشأة الفيروس وتطوره، والآثار المختلفة المترتبة على المرض كفرض حظر التجوال، وتقييد حركة القطارات، وتعليق الطيران، ووقف المدارس والجامعات، والآثار الشرعية التى منها تعليق صلاة الجمعة والجماعات فى الحرمين وفى الأزهر الشريف وما دونها من المساجد والزوايا فى أغلب الدول العربية والإسلامية والعالم كله، واستعرض لمحة عن أشهر الأوبئة فى العالم على سؤال: هل الأوبئة غضب من الله أم رحمة منه؟ وانتهى إلى أن القول بأن الأوبئة غضب ولعنة من الله قول لا أساس له من الصحة، ثم خصص باباً لأحاديث إثبات العدوى ونفيها، وكيفية مواجهة العدوى من الجانب الطبى والروحى.
والحاصل أننا أمام أزمة وجدنا الأزهر أسعف فيها القارئ بثلاثة كتب، فنقول له اليوم (أحسنت).