"برجل متجبسة".. النائب أبو اليزيد ينقذ مريضة بكورونا ويعود لممارسة عمل
الرقم الشخصي للنائب متاح لأهالي دائرته يستغيثون به للمساعدة
النائب عمرو أبو اليزيد
قدم في الجبس وأخرى تئن من شدة الإرهاق، يتوكأ على عصا خشبية ليكمل مهمته التي جاء من أجلها، يتصبب جسده عرقًا تحت حرارة الشمس ولم يبالي، لا يهدأ رنين هاتفه المحمول، كلما استغاث به أحد لم يتخاذل عن مساعدته بنفسه، استغنى عن رفاهية الجلوس في مكتبه للتواجد وسط أهالي منطقته لدعمهم في أزمة فيروس كورونا وبات رقمه الشخصي، رغم منصبه، متداولا بين مئات الأسر وملامح وجهه مألوفة للبسطاء يجدون فيه ملاذًا آمنا وسندًا دائما.
لإيثار الآخرين وجوه عدة أعظمها ما فعله عمرو أبو اليزيد، نائب منطقة بولاق وصفط اللبن وفيصل بمحافظة الجيزة، حين غادر مقر اجتماعه مع محافظ الجيزة يوم السبت الماضي مهرولًا صوب مستشفى بولاق الدكرور لتسهيل دخول مريضة مسنة تعاني من جلطة في المخ واشتباه كورونا، بعد أن استغاث به أحد أفرد أسرتها، وفي خضم انشغاله بإنهاء الإجراءات الخاصة بدخول المصابة اصطدم بشدة في حاجز حديدي، لم يلق له بالا في بداية الأمر، حتى داهمته آلام شديدة لم يعد قادرا بعدها على الحركة، وبحسب روايته لـ"الوطن" خضع للفحص والأشعة في المستشفى وأثبتت إصابته بشرخ مضاعف في قدمه اليمنى.
عمرو اصطدم بحاجز داخل المستشفى أثناء نقل المريضة للعناية المركزة أصيب بشرخ مضاعف في القدم اليمنى
الشرخ الذي أصاب عظام قدم النائب الثلاثيني دفع الطبيب المعالج له على وضعها في الجبس، رغم محاولاته الاكتفاء بالعلاج فقط، إلا أن الآلام التي ظل يكتم صوت أنينه منها لم تكن أقوى من رغبته في متابعة الحالة المصابة التي جاء من أجلها إلى المستشفى، "فضلت متابع مع أسرة الحالة لحد ما دخلت العناية المركزة وخرجت من المستشفى متجبس".
أسبوع كامل للراحة التامة توصية شدد عليها الطبيب المعالج، لم يلتفت إليها النائب النوبي الأصل، وفي صباح اليوم التالي مباشرة ظهر بين أهالي بولاق يتابع احتياجاتهم في المنفذ المخصص لبيع الكمامات والكحول، "مقدرش أقعد في البيت وأسيب الناس في الأزمة دي"، وظل هاتفه مفتوحًا يستقبل مكالمات الاستغاثة من أسر المصابين بكورونا طالبي المساعدة والتدخل لإيجاد أسرة في المستشفيات المحيطة بالمنطقة.
لم يستمع لنصيحة الطبيب بالراحة التامة وفي اليوم التالي خرج يتابع احتياجات الأهالي
بخطوات بطيئة يتحامل فيها عمرو على قدميه يقف من الصباح حتى غروب الشمس لمتابعة تجهيز نقطة الإسعاف التي بدأ تدشينها في منطقة بولاق التي ولد وعاش بها، تتمثل في تخصيص نقطة ثابتة لسيارات الإسعاف بالتنسيق مع هيئة الإسعاف والمحافظة، كل ذلك على نفقته الخاصة لتصبح قريبة من منازل الأهالي للوصول إليهم بسرعة مجهزة بكل الإمكانيات الطبية، ومقرر افتتاحها خلال 20 يوما فقط، لم تمنعه إصابته من استكمال المشروع الذي يعده لمساندة أهالي دائرته ويمثل شعاع أمل يتسلل إلى نفوسهم في ظل الجائحة التي أربكت العشرات من الأسر.
"لن ننجو إلا معًا"، مبدأ ثابت لم يتخل النائب البرلماني عنه طوال الأزمة الحالية، كان سببًا في تخصيصه منفذ لبيع الكمامات والكحول بأسعار زهيدة للأهالي، إلى جانب سعيه الدائم لتوفير الأدوية الناقصة وأنابيب الأكسجين لمصابي كورونا في العزل المنزلي.
متخليًا عن عباءة الشهرة، ساعد النائب البرلماني كثير من الأسر لنقل الحالات المتأخرة لمصابي كورونا بسيارته الخاصة إذا تطلب الأمر، "أحيانا بضطر أوصلهم بعربيتي لو الإسعاف هتتأخر شوية بسبب زحمة الطريق"، لم يرهب ذلك مرة واحدة رغم احتمالية تعرضه للعدوى، بلكنته النوبية يصف ما يفعله "ده دوري اللي أنا موجود عشانه وواجب عليا ناحية أهل منطقتي".