العراق يواجه نقصا بالغا في تدفق المياه بسبب مشروعات تركية
سد إليسو
أعلن وزير الموارد المائية في العراق، مهدي راشد الحمداني، أن بلاده ستواجه شحا بالغا في المياه، إذا لم تبرم اتفاقيات مع تركيا المجاورة بشأن مشروعات أنقرة للري والسدود، التي قللت من تدفق نهري دجلة والفرات، إلى السهول الجافة للعراق.
ويعد نهرا دجلة والفرات، اللذان ينحدران من جبال جنوب شرقي تركيا ويمتدان عبر سوريا ثم العراق قبل أن يصبا في الخليج، مصدر المياه الرئيسي للعراق والضروري من أجل الزراعة، وفقا لما ذكرته قناة "العربية" الإخبارية.
وفي السنوات الماضية، توترت العلاقات بين العراق وتركيا بسبب مشروع أنقرة لبناء سد لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، وأثّر هذا بشكل بالغ على تدفق المياه إلى العراق.
وكان متوسط قياسات التدفق، من الحدود مع تركيا في شمالي العراق، أقل بنسبة 50% هذا العام مقارنةً بالأعوام السابقة، وفقاً لما أكده وزير الموارد المائية العراقي مهدي راشد الحمداني في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية أمس الخميس.
وشهد هذا العام أيضاً تراجعاً في معدل هطول الأمطار السنوي بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، وفقاً للوزير.
وقال الحمداني: "طلبنا من وزارة الخارجية إرسال رسالة عاجلة لوزارة الخارجية التركية، لتسألهم عن سبب انخفاض تدفق المياه إلينا"، مضيفاً إن العراق مازال ينتظر رداً من تركيا.
ومع تداعيات تغير المناخ، فضلاً عن مشروعات كهرومائية مستقبلية في تركيا، قدرت الوزارة أن العراق سيواجه نقصا بحوالي 10.5 مليار متر مكعب من المياه بحلول عام 2035، وفقاً لدراسة داخلية أجرتها.
ولم يشعر المواطن العراقي بعد بآثار انخفاض التدفق، ويعود الفضل بذلك إلى الخزان في سد حديثة على نهر الفرات في العراق والذي يعوض النقص، حسبما قال الحمداني.
وفي فيشخابور على الحدود مع تركيا، نظر رمضان حمزة، الخبير البارز في استراتيجيات وسياسات المياه في جامعة دهوك، لانخفاض منسوب النهر بقلق.
وقال حمزة إن "مستوى المياه في نهر دجلة كان 600 متر مكعب في الثانية"، وبعد بناء تركيا سد إليسو "انخفض إلى ما بين 300 و320 متر مكعب بالثانية".
ويقع سد إليسو على نهر دجلة، وهو جزء من مشروع ضخم لرئيس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، في قلب النزاع بين تركيا والعراق.
والسد، الذي بدأ تشغيله في مايو الماضي بعد ثلاث سنوات من التأجيل، هو واحد من 22 سداً مولداً للكهرباء في جنوب شرقي تركيا.
واستؤنفت المفاوضات بشأن حصص المياه عندما بدأت أنقرة في إحراز تقدم بشأن خطط ملء خزان إليسو العام الماضي، إلا أنها توقفت منذ ذلك الحين.
وفي سياق متصل، قال مدير الري في دهوك،هيزا عبدالواحد، إن منسوب المياه تراجع 8 مليارات متر مكعب، مقارنةً بتدفقات المياه في أبريل 2019.
من جهته، اعتبر حمزة أن "العراق بحاجة إلى الضغط على تركيا لإطلاق حصته من المياه".
ووجد تقرير صدر مؤخراً عن "المنظمة الدولية للهجرة" التابعة للأمم المتحدة أن منسوب المياه في دجلة والفرات يتراجع "بمعدل غير مسبوق" ما قد يسفر عن نزوح قسري لتجمعات سكانية عراقية بالكامل.
وأدى نقص المياه والتلوث والمستويات المرتفعة من الملوحة إلى إصابة العديد من العراقيين بالأمراض، ودفعتهم إلى الخروج في مظاهرات عنيفة في صيف 2018 في أنحاء جنوب العراق.
وأرسل العراق الكثير من الرسائل إلى تركيا بشأن خططها الخاصة بسد إليسو، وفق ما ذكر الحمداني، إلا أن أنقرة ردت فقط "بالكثير من الأعذار"، وأضاف: "إنهم يقولون إن من حقهم بناء سد، ونحن نقول إن ذلك يهدر حقوقنا في المياه".
وأدت جائحة كورونا المستجد "كوفيد 19" إلى إرجاء اجتماع وجها لوجه بين مسؤولين عراقيين وأتراك، وطلب العراق عقد اجتماع عبر الإنترنت لإحياء المحادثات.
والعام الماضي جاء مبعوث لأردوغان إلى بغداد حاملاً خطة عمل لتحسين التشارك في البيانات وإدارة موارد المياه.
من جهته، قال مسؤول تركي فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، إن مفاوضات ضمان حصة معينة من المياه للعراق صعبة بسبب قضايا تغير المناخ.
وكان العراق قد طالب تركيا بضمان ما لا يقل عن 500 متر مكعب من المياه في الثانية.
وعن هذه النقطة قال المسؤول التركي: "في داخل تركيا لا يرتفع منسوب نهر دجلة عن 350 في المتوسط من الصعب الحديث عن حصص معينة من المياه. الأمر غير قابل للتوقع الآن".
وفي غياب اتفاق دولي، ليس من الواضح ما هي مسؤوليات تركيا تجاه إمدادات العراق من المياه، إلا أن الحمداني أكد أن هناك قوانين دولية يمكن للعراق اللجوء إليها إذا اقتضت الضرورة، للضغط على أنقرة. واستطرد متفائلاً: "سوف يتغير موقف تركيا".