دولتان كبيرتان تمثل كل منهما الآن خطاً مغايراً -ظاهرياً- فى التعامل مع القضية الفلسطينية.. لنتمعن خط كلٍّ منهما.. مصر خاضت أربع حروب لنحو ثلاثة عقود من الزمن هُزمت فيها ثم انتصرت.
استُنزفت عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وخاضت خلالها جميع المعارك؛ بدءًا من القوة المسلحة، إلى القضاء، مروراً بالإعلام والثقافة على جميع الأصعدة.
تركيا لم تخُض حرباً واحدة، بل على العكس جنت كل الثمار جراء العلاقة الوطيدة مع عدو القضية الفلسطينية، وكانت أول دولة مسلمة تعترف بالدولة الإسرائيلية وأجرت معها اتفاقيات تجارية وعسكرية فريدة متميزة، وإلى الآن.
لننظر الآن كيف يرى البعض مصر وتركيا.. يقولون مصر باعت القضية، فيما تركيا هى حامية القضية!
يقولون مصر خرجت من دائرة الصراع، وتركيا (التى لم تضرب طلقة واحدة) هى ناصرة فلسطين!
فى شأن العلاقات المتميزة «التركية - الإسرائيلية» يقولون «هى السياسة وفنون الممكن»، وفى شأن السلام المصرى - الإسرائيلى الذى أوقف شلال الدماء يقولون «هى الخيانة والتخلى»!
المعادلة مختلة، لأن الهوى غالب والتزييف والخداع على أشده.
جماعات الإسلام السياسى المتطرفة التى لم تواجه إسرائيل ولو لمرة واحدة، سواء من على مقاعدها كجماعات مسلحة خاضت معارك مسلحة ضد الشعوب العربية والإسلامية، أو من خلال الدول التى سيطرت عليها مثل تركيا وقطر، فى كل ذلك لم تقاوم سوى بالشعارات!
من جديد، السلام وحده من يصنع الدول.
الحقيقة ساطعة الآن، تقول: إن مصر، طيلة القرن الماضى، تحملت وحدها عبء القضية الفلسطينية.
خاضت 4 حروب لأجلها، ودفعت من دمها ومالها، ما أخَّرها عن غيرها لسنوات طويلة.
لم نتاجر يوماً بالقضية الفلسطينية، وما زلنا على المسار، سعياً للحل، بالرغم من كل الاتهامات والتخوين الإخوانى القابع فى إسطنبول والدوحة.
كانت لدينا القدرة على ذلك، لكننا نترفع عن الصغائر ونضع فلسطين وشعبها نصب أعيننا، ليس لأننا الدولة العربية الأم فحسب، لكن لأجل الأخوة والدم.
إن ما يقتل الفلسطينيين يقتلنا، بنفس الألم والوجع.
بلغات التضاد، حقق المتاجرون بالقضية، أصحاب العلاقات المخفية مع الدولة العبرية، مزيداً من الوهم للمنطقة بأكملها وشعوبهم.
من يبيع الوهم لا يمكن أبداً أن يعوَّل عليه فى حل أى قضية.
تركيا التى بَنَت شعبية رئيسها الحالى على النضال ضد إسرائيل، تمتِّن علاقتها سنوياً مع الدولة العبرية بتدريبات عسكرية مشتركة ومصالح تجارية بالغة القوة.
لقد آن للجميع أن يدرك أن جماعات الإسلام السياسى، سواء الإخوانية الأردوغانية أو غيرها، تبنى شعبيتها على الوهم.
السلام الإماراتى - الإسرائيلى عملية واضحة لا تعرف الزيف والخداع، وهى امتداد للعلاقات المصرية - الإسرائيلية التى جنى الفلسطينيون أنفسهم من خلالها سلطة دولة، فيما لم يحصل المقاومون على أى شىء سوى العار والكذب!