الفلاحون: منع زراعة الموز فى الدلتا "غير مبرر".. والرى بالتنقيط "شبه مستحيل"
ضوابط جديدة لزراعة «الموز» بسبب نظام الرى
حالة من الجدل بين المزارعين أثارها قرار حظر زراعة الموز والتحول إلى نظام الرى بالتنقيط فى المساحات المنزرعة منه حتى انتهاء دورتها، حيث كان القرار محل رفض بكامل بنوده لدى البعض، بينما رفض البعض الآخر جزءاً منه، وتقبل الجزء الآخر، وآخرون اتفقوا معه، لكن بتعديل بعض الأمور المتعلقة بنظام الرى.
"أبوقوطة": المساحات المزروعة فى الدلتا مش كبيرة وأغلبها فى الجزر اللى جنب النيل
يقول الستينى محمد أبوقوطة، صاحب مزرعة موز فى محافظة الغربية، إنه يعتبر قرار حظر زراعة الموز بالنسبة له خاطئاً، سواء فى أراضى الصحراء أو أراضى الدلتا، مضيفاً: «دلوقتى عايزين يمنعوا الزراعة فى الجبل ليه؟ طيب ما هم بيزرعوه وبالتنقيط كمان بقالهم 100 سنة، يعنى مش حاجة مستحدثة، وبالنسبة للدلتا عندنا أصلاً المساحات المزروعة مش كبيرة وأغلبها فى الجزر اللى جنب النيل لأن الموز ماينفعش يتزرع فى الدلتا غير فى الأماكن دى، قرارهم ده ليه معنى واحد وهو إنهم بيفضلوا الموز المستورد».
كان أكثر ما أغضب «أبو قوطة» من قرار وزارتى الزراعة والرى، هو البند الخاص بالتحول إلى طريقة الرى بالتنقيط فى المساحات المنزرعة حالياً، الأمر الذى يراه شبه مستحيل فى أراضى الدلتا المزروعة بالموز، نظراً لطبيعة هذه الأراضى وما يحدثه الرى بالتنقيط بها من ضرر، وبالتالى خسارة جزء كبير من المحصول، وهو ما كان نتاج تجربة شخصية له: «الرى بالتنقيط عندنا فى الأراضى هنا هيكون معقد لأن الأراضى هنا بتجيب عفش وحشائش من كل ناحية، عكس الصحراء، وأنا مجرب لأن أنا جنب الموز عندى مانجة جربت معاها التنقيط وجبت كل معدات الرى بالتنقيط واشتغلت قلت أجرب وفى الآخر كرهت نفسى فى العزيق بتاعها والخراطيم باظت ومابقتش عارف أن شجرة بتشرب وأن شجرة مابتشربش، وفى الآخر المحصول اتضر، واضطريت أقطع الخراطيم وأجيب غيرها جديد».
تطبيق القرار، لا سيما فيما يخص التحول من الرى بالغمر إلى الرى بالتنقيط فى أراضى الدلتا المنزرعة بالموز، يراه «أبوقوطة» فى غاية الصعوبة، الأمر الذى لن يلتزم به المزارعون، على حد قوله: «القرار أصلاً غلط ومش هيتطبق فى الدلتا، وهم يقولوا زى ما يقولوا وأنا مش هنفذ الكلام ده، هم أحرار عايزين ييجوا يدوا غرامات ييجوا يدوا غرامات، أنا بكلمك وأنا عندى أراضى بارويها بالتنقيط بس مانفعش معايا، مجهد ومكلف وغير مُجدى ومشاكله كتير، القرارات اللى زى دى محتاجة تتظبط على المزارعين، يتكلموا معاهم ومع كل الأطراف ويشوفوا إيه المناسب معاهم لأنهم أهل الموضوع».
لم يكن القرار مرفوضاً بصورة كاملة لدى جميع المزارعين، وهى وجهة النظر التى تبناها محمود الشيخ، صاحب الـ58 عاماً، الذى يملك عدداً من مزارع الموز فى عدد من محافظات الدلتا من بينها محافظتا الدقهلية والغربية، كما أنه يملك مزرعة أخرى فى أرض صحراوية تابعة لمحافظة البحيرة، فيعد نفسه من بين أكثر المتضررين من ذلك القرار، إلا أنه يتفق مع القول بأن زراعة الموز تستهلك كميات كبيرة من المياه، ولكنه يرى ذلك حقيقة فى الأراضى الصحراوية فقط بعكس أراضى الدلتا، ما جعله يرفض الجزء الآخر من القرار المتعلق بأراضى الدلتا، فى الوقت الذى تزيد فيه مساحة أراضيه الصحراوية المنزرعة بالموز عن مثيلتها فى الدلتا: «الأراضى اللى هنا فى الوادى على النيل القرار الخاص بيها خاطئ، لأن هنا زراعة الموز زيها زى أى زراعة بتستهلك مياه بنسب عادية، لأن الأرض هنا بتحتفظ بالمياه فترة طويلة، إنما الصحراء محتاجة مياه بكثافة وإحنا فعلاً فى ظروف نقص مياه عشان كده أنا قدرت ده».
"الشيخ": أراضى الوادى زراعة الموز فيها زيها زى أى محصول بيستهلك مية بنسب عادية.. إنما الصحراء محتاجة مية بكثافة وأتفق مع قرار حظر زراعته فيها
رغم اتفاق «الشيخ» مع الجزء الخاص بمنع زراعة الموز فى الصحراء بالقرار، إلا أنه يرى أن ذلك ستكون له نتائج على المستوى العام فيما يخص توافر فاكهة الموز فى الأسواق المصرية، خاصة أن أغلب زراعات الموز فى مصر تكون فى الأراضى الصحراوية، على حد تعبيره: «الموز فى الصحراء مزروع فى مساحات كبيرة، عشان كده القرار ده هيأثر على وجود الموز بشكل عام، وسعره طبيعى هيرتفع رغم إن هو أصلاً دلوقتى سعره عالى، وهيتحول لفاكهة مكملة، لأن أكتر من 60% من المزروع موز بيكون موجود فى الصحراء»، وفيما يخص أرضه المنزرعة بالموز حالياً يقول: «أنا كده كده عندى زراعات تانية موالح فى الأرض بتاعتى فى الصحراء وبالتالى هدخل بديل للموز وهستغنى عنه خالص بقى».
كانت مسألة التحول من الرى بالغمر إلى الرى بالتنقيط فى أراضى الدلتا معضلة بالنسبة لـ«الشيخ»، فرغم اقتناعه بضرورة الحفاظ على المياه، إلا أنه يتفق مع وجهة النظر التى تقول بصعوبة تطبيق هذا النظام فى أراضى الدلتا المنزرعة بالموز: «التنقيط ده إحنا جربناه فى الأراضى السمرة هنا ومانفعش، لأن طبيعة الأرض نفسها مختلفة عن أرض الصحراء اللى بتنفع معاها الطريقة دى، وبعدين أنا راجل زارع أرضى بارويها بالغمر، طيب أنا هحول من الغمر للتنقيط، وده فيه تكلفة عالية، طيب هل التكلفة دى الحكومة هتساعدنا فيها وتخلينا نعمل نظام تنقيط حديث ولا هى مالهاش دعوة بالكلام ده؟»، لينهى حديثه قائلاً: «والله مش عارفين هنعمل إيه لأن الموضوع ما زال مش واضح، خاصة إن القرار ده كان نزل مرة قبل كده ورفعوه تانى، فالأمور متقلبة مش ثابتة، زى قرار الرز، كانوا نزلوا قرار بمنع زراعته وفجأة سابوا الناس تزرع».
مرشد زراعى: القرار يشمل جميع الأراضى ولا أسمدة إلا بتغيير نظام الرى اعتباراً من الموسم الصيفى 2021
ويقول يوسف الجرم، مرشد زراعى ورئيس قسم البساتين بإدارة الرياضة الزراعية بمحافظة كفر الشيخ، إن نص القرار الوارد إليهم فى الإدارة يشمل جميع الأراضى المزروعة بالموز وليس فقط الصحراوية منها، وأن الاستثناء الوحيد كان فقط للمساحات المنزرعة فعلياً قبل صدور القرار وحتى انتهاء فترة دورتها الإنتاجية والتى تصل مدتها إلى 3 سنوات مع الالتزام بتعديل نظام الرى الزراعى بالأراضى القديمة من الرى بالغمر إلى الأساليب الحديثة بالتنقيط، بما لا يزيد على 5 آلاف متر مكعب للفدان سنوياً، ولا يسمح بصرف أى أسمدة إلا بتغيير نظام الرى لهذه الأرض اعتباراً من الموسم الصيفى 2021، على أن تكون 4 شكائر فقط فى السنة.
يتفق «الجرم» مع القرار فيما يخص التحول إلى أنظمة الرى الحديثة لتوفير أكبر قدر ممكن من المياه، ولكن يرى ضرورة إعادة النظر فى حظر الموز بشكل كامل، معبراً عن ذلك بقوله: «إحنا هنتكلم فى الموضوع ده لسه، لأن ماينفعش محصول استراتيجى زى الموز يتمنع زراعته فى مصر، زراعة الموز لو قامت على الرى بالتنقيط هيكون مُجدى ومافيهوش أى تأثير على المياه وهيكون زيه زى أى محصول تانى».
تبلغ مساحة الأراضى المزروعة بالموز فى محافظة كفر الشيخ، بحسب «الجرم» نحو 3 آلاف فدان، يقع منها فى إدارة الرياض التى يعمل بها نحو 208 أفدنة، ومن ثم البحث عن مصلحة هؤلاء المزارعين بما لا يضر بالمياه، على حد تعبيره: «الموز كمحصول من الواجب إننا كدولة مانستغناش عنه وأنا باناشد بكل قوة إن ده مايحصلش، وبدل ما نستورده ننتجه فى أرضنا لكن فى نفس الوقت نلزم الفلاح إنه يعدل أوضاعه بحيث يشتغل بالرى بالتنقيط، وأى أراضى تصلح للرى بالتنقيط».