معركة ضد العشوائية
معركة مصر التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي ضد العشوائية وخصوصا في الريف المصري معركة مريرة وشاقة لأنها نتاج تاريخ معقد افرز نمطا من التفكير والسلوك العشوائي ليصبح أسلوب حياة في الريف المصري على امتداد 4726 قرية و26757 كفر ونجع وعزبة. ورغم مرارتها الا انها تكشف عن طاقات هناك واجبة الاستغلال.
ولا حل لها الا بالهروب للمستقبل بإنشاء مائتي مدينة ريفية تتوسط كل واحدة منها عددا من القرى تكون كل قرية بمساحة ألف فدان تباع لأبناء كل قرية من قرى مصر وتحمل اسم القرية القديمة مع إضافة صفة الجديدة لها في أقرب ظهير صحراوي لها. ومن عائدات البيع تبنى المرافق لهذه القرى وتخطط بشكل علمي يناسب البيئة المحيطة ويستغل مواردها في انتاج منتجات تميز كل مدينة والقرى التي تتبعها عن الأخرى. ولا مانع من انشاء كتائب تعمير تحت رعاية القوات المسلحة لتذليل العقبات في وجه تنفيذ ذلك.
وانشاء هيئة مجتمعات ريفية جديدة تكون لها الولاية على هذه القرى والمدن. كما يمكن إيجاد مصادر تمول عديدة من جهات التمويل الداخلية والخارجية.
لتخفيف الضغط على الوادي والدلتا القديمة التي كان يعيش عليها قبل قرن 12.7 مليون نسمة عام 1920. ويعيش على المساحة نفسها تقريبا الان ما يزيد عن مائة مليون نسمة. وهوما أكده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، يوم 9سبتمبر 2020 قائلا إنه اعتبارا من منتصف الثمانينات وحتى 2015 مثل البناء العشوائي 80% وهو ما أدى إلى حجم هائل من المشاكل والتحديات. ولفت مدبولي، إلى أن القرى في مصر التي من المفترض أنها كانت تجمعات سكنية صغيرة حصل عليها امتداد عشوائي غير مخطط.
تاريخ معقد
يعيش الريف المصري على وقع قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 الصادر في يوم 9 سبتم وهو يوم عيد الفلاح. وهو على اية حال قانون اصلاح زراعي وليس قانون اصلاح الريف. ومن بعده لم يصدر من الحكومات المتعاقبة اية قوانين لإصلاح الريف. وكل ما جرى هو قرارات تتعلق بالخدمات التعليمية والصحية وباقي الخدمات وكان اغلبها تنفيذا لمعاهدات تمويل خارجية. وقد لخص الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء كل ما جرى بقوله: منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي كان للدولة وقفة، وصدرت آنذاك عدة قرارات من الحاكم العسكري بتجريم البناء على الأرض الزراعية، واتخذت الدولة في هذه المرحلة مجموعة من الإجراءات الرادعة كان من بينها عدم توصيل المرافق، والهدم، وحاولنا بطرق صعبة أو عقابية وقف هذا الزحف العمراني العشوائي، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تؤت ثمارها في إنهاء هذا الوضع. وأضاف: منذ 2008 قمنا بعمل أحوزة عمرانية لكل المدن والقرى ولكل التوابع في الدولة، وأضفنا بالفعل 160 ألف فدان تم استقطاعها من الرقعة الزراعية.
هجرات متنوعة وعودة ضاغطة
هجرات من الريف الى المدن: شهدت فترة الخمسينات والستينات موجة هجرة من الريف الى المدن بغرض العمل في المشروعات الصناعية التي تبنتها الدولة في تلك الفترة وبغرض التعليم ثم العمل في المدن. ولم ينسى هؤلاء اصولهم واحتفظ كل منهم بأرض ومنزل في القرية وكثير منه عادوا بعد نهاية خدمتهم واحالتهم للتقاعد.
هجرة الى دول الخليج:
توجه أبناء الريف المصري بكثافة نحو العمل في دول الخليج من منتصف السبعينات. وعاد كل منهم بمدخرات انفقت معظمها في بناء منازل وتحويل نمط الحياة الريفية من الإنتاج الى الاستهلاك.
هجرة عصر العولمة:
منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي توجه أبناء الريف في هجرات غير شرعية كثيفة الى دول واربا. وعدد اخر للعمل في القرى السياحية والمنتجعات الساحلية. وعاد كل منهم بمدخراته الى قريته مدعوما بالعملات الصعبة. ليشهد الريف المصري سباقا محموما على شراء الأراضي والبناء عليها وتحويل نمط الحياة في الريف الى نمط معولم يطبق اسوا ما في الليبرالية الجديدة التي لامسها هؤلاء المهاجرين في بلاد المهجر وعادوا لينقلوا بعض مظاهرها الاستهلاكية في حياتهم. ليحل في ربوع الريف المصري ثلاثية جديدة هي: العشوائية – والاستهلاك – والقبح بدلا من ثلاثية الفقر والجهل والمرض التي حاولت ثورة يوليو بقانون الإصلاح الزراعي التغلب عليها. وان الأوان لثورة الثلاثين من يونيو ان تواجه هذه الثلاثية الجديدة. بالنظام بدلا من العشوائية والإنتاج بدلا من الاستهلاك والجمال بدلا من القبح. وليس جمال المساكن فقط بل جمال عودة الروح المصرية الاصيلة الى مبدعيها من سكان وأدى مصر المقدس ودلتاه من أبناء ريف مصر.
طاقات واجبة الاستغلال
قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إن حجم تغطية الريف المصري من الصرف الصحي كان لا يتجاوز 12% من الريف حتى 2012 ولم تكن تكلفة إجمالي المشروعات تتجاوز 180 مليار جنيه لخدمة باقي الريف، وأصبح حجم التغطية الآن نحو 40% من الريف المصري، ومع استمرار النمو العشوائي والعزب وتوابعها، فأصبحت تكلفة التغطية تتضاعف، الأمر الذي جعل الحكومة بحاجة إلى ضخ أكثر من 300 مليار جنيه في هذا الأمر. هذا في بند واحد هو الصرف الصحي فاذا ما حسبنا باقي البنود سنجد الأرقام ستتضاعف بشكل مخيف. وهي طاقات دولة يجب استغلالها بشكل جديد. وإذا تم حساب تكلفة مباني غطت 400الف فدان في اخر عشرين سنة بواقع ترليون وستمائة وثمانين متر مربع. وإذا كان تكلفة ما تم بنائه على المتر المربع فقط عشره الاف جنيها وهو رقم تقريبي فقط فان ما تم انفاقه سيبلغ حوالي تقريبي جنيه. وهو ما يؤكد وجود طاقات وموارد على الجانبين من الدولة والمواطنين في الريف المصري في حاجة الى استغلال بشكل أفضل.
الهروب للمستقبل (هيئة مجتمعات ريفية جديدة)
انشات مصر هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالقانون رقم 59 لسنة 1979م وتخصصت في بناء المدن على مجموعة أجيال وصل الى ما يسمى الان بمدن الجيل الرابع وهى منتشرة على مستوى الجمهورية من مدينة الإسكندرية حتى أسوان، وذلك خلال السنوات الأربع الماضية وكان من الواجب منذ ذلك الوقت انشاء هيئة مجتمعات ريفية جديدة ول تم ذلك ما كنا لنشهد كل هذه العشوائية التي نعانى منها الان او في اسوا الفروض كانت ظهارة العشوائية في الريف اقل من نسبتها الان وقد ان الأوان لتدارك هذا الخطأ التاريخي بأنشاء هيئة مجتمعات ريفية جديدة تعمل على بناء الريف المصري الجديد بواقع او مائتي مدينة ريفية تتوسط كل منها عشرين قرية مساحة كل منها الف فدان على الأقل في اقرب ظهير صحراوي وتعمل الهيئة على أسس اقتصادية من خلال بيع الأراضي الزراعية وأراضي البناء في المدن والقرى الريفية لمن يرغب من أبناء القرى القديمة التي ستسمى القرية الجديدة باسمها وتجعل كل مدينة بما يتبعها من قرى تتخصص في نعجات انتاج سلع محددة تقوم عليها صناعات في المدن الريفية .
وتوظف اليات التمويل ومصادره الداخلية والخارجية.
ويعمل المشروع بروح ثورة الثلاثين من يوليو في عمل المشروعات القومية. والتي فتحت شبكة الطرق شرايين حياة وجعلت ما كان بعيدا في الماضي قريبا الان عبر محاور الطرق الجديدة. وادعوا الله ان لا تتأخر هذه الخطوة لان معدل الزيادة السنوية في السكان بما يقارب 2مليون سنويا 60 % منه في الريف سيفاقم الازمات الحالية بصورة أكبر.