حيثيات إسقاط عضوية قيادات جماعة الإخوان من جداول "المحامين"
مجلس الدولة
قضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، في الدعوى رقم 24101 لسنة 71ق بقبول الدعوى المقامة من سمير صبري المحامي، وبإلغاء قرار النقابة المدعى عليها السلبي بالامتناع عن إسقاط قيد المدعى عليهم وهم صبحي صالح وعصام عبد الرحمن سلطان وأسامة مرسي العياط وحاتم عبد السميع الجندي ومحمد محمود حامد (وشهرته محمد العمدة) وعبد المنعم عبد المقصود متولي، من جداول النقابة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت النقابة المدعى عليهم بالمصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وكان المُدعي في الدعوى المذكورة (سمير صبري سعد الدين) قد أقام دعواه مختصمًا فيها نقيب المحامين بصفته، بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قراره السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بشطب كل من المدعى عليهم.
وصدر الحكم برئاسة المستشار فتحي إبراهيم محمد توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية كل من المستشارين إبراهيم عبدالغني محمد، والدكتور فتحي السيد هلال، ورأفت محمد عبدالحميد، وحامد محمود المورالي، وأحمد ضاحي عمر، وأحمد جلال زكي، نواب رئيس مجلس الدولة.
وردًا على الدفع المبدى من نقابة المحامين بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، أوردت المحكمة في أسباب حكمها أنه لما كان المدعي ينعى على المحامين المذكورة أسماؤهم إدراجهم بقائمة الإرهاب الواردة بحكم محكمة جنايات القاهرة في الدعوى رقم 653 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، فإن المدعي بحسبانه أحد المحامين المقيدين بنقابة المحامين يكون له مصلحة ظاهرة ومباشرة في ألا يمارس مهنة المحاماة من تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء ومن لا يألون جهدا في زعزعة استقرار الوطن، ومن ثم يضحى الدفع الماثل قائما على غير سند، خليقا والحال كذلك بالرفض.
وشيدت المحكمة حكمها على سند من أنه انطلاقًا من الدور المهم الذي تضطلع به مهنة المحاماة بحسبانها تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون، فقد نظمها المشرع بموجب قانون المحاماة واستلزم فيمن يتم قيده في الجدول العام بنقابة المحامين عدة شروط منها أن يكون محمود السيرة حسن السمعة وأهلا للاحترام والثقة الذين يتعين توافرهما في كل من يمارس تلك المهنة المقدسة، كما أوجب المشرع على المحامي أن يلتزم في سلوكه المهني والشخصي بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة.
ويتعين أن تتوافر كافة شروط القيد بالجدول العام طيلة مدة ممارسة المحامي لمهنة المحاماة، بحيث أنه إذا فقد أياً من تلك الشروط حال ممارسته للمهنة فقد رتب المشرع أثرًا مباشرًا على ذلك يتمثل في سقوط قيد المحامي بجداول النقابة دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من لجنة القيد.
وتطبيقًا لما تقدم، أوضحت المحكمة أنه لما كانت محكمة جنايات القاهرة قررت بجلسة 12/1/2017 في العريضة رقم 5 لسنة 2017 عرائض كيانات إرهابية في القضية رقم 653 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، والمنشور قرارها بالوقائع المصرية في 18/5/2017، بإدراج العديد من الأسماء على قائمة الإرهابيين على ذمة القضية المذكورة، وجاء في أسباب قرار المحكمة أنه "في أعقاب أحداث 30/6/2013 انتهجت جماعة الإخوان مخططا يهدف إلى إشاعة الفوضى بالبلاد ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين بغرض إسقاط الدولة والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
وذكرت المحكمة أنه وقر في يقينها على وجه القطع واليقين أن ما أُسند إلى المطلوب إدراجهم على قوائم الإرهابيين من جرائم، تمثلت في تمويل شراء الأسلحة وتدريب عناصر جماعة الإخوان المسلمين عسكريًا، وإعدادهم بدنيا للقيام بعمليات إرهابية ضد رجال القوات المسلحة والشرطة ونشر الأخبار والشائعات الكاذبة حول الاقتصاد المصري، واحتكار الشركات والمؤسسات المتحفظ عليها للبضائع بهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني، وجمع العملات الأجنبية من الأسواق، وتهريب ما تبقى من أموال جماعة الإخوان المسلمين من عملات صعبة للخارج من خلال شركات الصرافة التابعة للجماعة.
ومن ثم أفادت المحكمة بأنه لما كانت أسماء جميع المحامين المذكورين عدا محمد محمود حامد وشهرته محمد العمدة قد وردت ضمن الأسماء المدرجة على قائمة الإرهابيين بموجب قرار محكمة جنايات القاهرة المذكور، وهم جميعًا مقيدون بجداول نقابة المحامين، الأمر الذي يفقدهم دون أدنى شك شرط حسن السمعة الواجب توافره في كل منهم كي يستمر قيده بجداول النقابة، ويترتب على ذلك سقوط قيد كل منهم بقوة القانون من هذه الجداول دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من لجنة القيد، فشرط حسن السمعة يعدو شرط قبول واستمرار للقيد بجداول النقابة، وذلك نفاذًا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (13) من قانون المحاماة، فلا يتعين أن ينال شرف القيد بنقابة المحامين المنوط بها مشاركة السلطة القضائية في تحقيق أهدافها من حرض على سفك دماء حماة الوطن من أفراد القوات المسلحة والشرطة وترويع الأبرياء من المواطنين ومن يسعى لانتهاك محارم القانون وهدم مؤسسات الدولة والإضرار العمدي باقتصاد البلاد، فهؤلاء خرجوا عن صف الجماعة الوطنية وأفلت عنهم شمس الضمير المصري.
وفي ضوء ذلك، وإذ امتنعت النقابة المدعى عليها عن اسقاط قيد المدعى عليهم الثاني والثالث والرابع والخامس والسابع من جداولها فإن قرارها السلبي يكون قائمًا على غير سند من القانون، والحال كذلك بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار، وهو ما تقضي به المحكمة.