الري: مصر أكثر دول العالم جفافا.. والتشغيل الأحادي لسد إثيوبيا يضرها
الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري
قال الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، إنّ مصر تسعى من خلال أسبوع القاهرة للمياه، إلى تعزيز أواصر التعاون والتبادل المعرفي، ورفع الوعي بقضايا المياه، وتشجيع الأفكار المبتكرة لمواجهة التحديات التي يواجهها هذا المورد المهم، الذي يقترن وجوده بوجود الحياه، قال تعالي "ولقد جعلنا من الماء كل شيء حي" صدق الله العظيم.
وأكد عبدالعاطي، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة للمياه، أنّ مصر حرصت منذ فجر التاريخ على ترسيخ وتعظيم هذا المورد في وجدان المصريين، فقدسوه وتفننوا في إدارته واتخذوا من الإجراءات ما يضمن استدامة عطاءه بالكم والكيف، وبما يعود بالخير والرخاء على مصر والمصريين، بما يعظم الفوائد ويقلل المخاطر.
وتابع: "سلك المصريون درب آباءهم وأجدادهم في الحفاظ على المياه، من خلال الإدارة المتكاملة للموارد المائية والمحافظة عليها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يلبي احتياجات الحاضر، دون انتقاص من الحقوق المستقبلية للأجيال المقبلة، لكل القطاعات في ظل التغيرات المناخية وغيرها من التحديات، حيث يعاني ملايين من سكان العالم من نقص المياه خلال الأعوام الـ25 المقبلة، ما لم تتكاتف الجهود الدولية وتُتخذ إجراءات وسياسات فاعلة لمواجهة التحديات.
وأضاف أنّ مصر تعتبر أكثر دول العالم جفافا، إذ يواجه قطاع المياه في مصر العديد من التحديات، لا سيما مع تنامي الفجوة بين الطلب على المياه ومحدودية مواردنا المائية، ما جعل التوازن بين الموارد والاحتياجات مشكلة تحد كبير يجب مواجهته، خاصة أنّ الأمر لا يقتصر فقط على كمية الموارد المائية المتاحة بل وطبيعتها أيضا، إذ إنّ أكثر من 97% من مواردنا المائية تأتي من خارج الحدود، في الوقت الذي لا يمكننا فيه التعويل على المياه الجوفية كونها مورد غير مستدام قابل للنضوب.
عبدالعاطي: زيادة عدد السكان ساهمت في خفض نصيب الفرد من المياه ليقترب من الشح المائي
ولفت إلى أنّ التزايد التدريجي لعدد السكان الكبير خلال النصف قرن الماضي، أدى إلى انخفاض نصيب الفرد من المياه ليقترب من درجة الشح المائي، وفي ظل تنامي العجز في الموارد المائية، فإنّ الدولة تحاول تقليل الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات المتصاعدة، من خلال إعادة تدوير المياه الذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي، ويمثل نحو 33% من الموارد المتجددة، إضافة إلى استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز.
وأكد أنّ التقديرات الأولية لنقص المياه المتجددة في مصر بـ2% (فقط)، يؤدي إلى فقدان ما لا يقل عن مليون نسمة لعملهم، وتبوير ما لا يقل عن 200 ألف فدان، ما يعزز فرص الهجرة غير الشرعية، ويهدد الأمن والسلم الإقليمي، بما يمثل 56% من مواردها المائية حال زراعتها في مصر.
الري: التغيرات المناخية تهدد دلتا نهر النيل
وأشار إلى أنّ مصر تواجه تحديا خطيرا، إذ تمثل التغيرات المناخية تحديا كبيرا، يتمثل في تعرض دلتا نهر النيل شمال مصر للتآكل نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر وبما يؤثر سلبا على الزراعة في شمال الدلتا نتيجة تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتدهور نوعيتها وما لذلك من آثار بيئية واجتماعية واقتصادية جسيمة تتطلب اتخاذ إجراءات للتكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية دلتا النيل حيث أنها من أكثر المناطق هشاشة في العالم.
عبدالعاطي: نتقهم حق إثيوبيا في التنمية والاحتياج للطاقة.. وعليهم أن يفهموا أن المياه هي الحياة لشعب مصر
وأضاف وزير الري، أنّ مصر تواجه في الوقت ذاته، تحدي الوصول لاتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، ففي الوقت الذي ندعم فيه حق إثيوبيا في التنمية والاحتياج للطاقة، نطالب بأن يكون هناك تفهم إثيوبي للاحتياجات المصرية من المياه التي تمثل الحياه بالنسبة لشعبها دون مبالغة.
وأوضح أنّ مصر سعت منذ توقيع إعلان المبادئ في 23 مارس 2015 في الخرطوم، للتوصل لاتفاق متكامل حول ملء وتشغيل السد، يراعي شواغل الدول الثلاث، لكن المواقف الإثيوبية المتشددة حالت دون ذلك، ويمثل التعاون المشترك ضرورة لتقليل التأثيرات السلبية على دول المصب، ويمثل الملء والتشغيل الأحادي دون تنسيق مع دول المصب تحديا يسبب أضرارا كبيرة لدولتي المصب، خاصة أثناء فترات الجفاف والفيضان المائي.
ثلث سكان العالم يعيشون دون مياه صالحة للشرب
وأكد عبدالعاطي، أنّ العالم احتفل في شهر مارس من هذا العام باليوم العالمي للمياه تحت اسم "المياه وتغير المناخ"، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنّ ثلث سكان العالم يعيشون دون مياه صالحة للشرب، ومع حلول عام 2050، قد يعيش نحو 6 مليارات فرد في مناطق تعاني من ندرة المياه مرة واحدة في العام على الأقل، فالتكيف مع تغير المناخ له أهمية بالغة، خاصة في البيئات الهشة التي تبرز فيها تأثيرات ذلك التغير على المياه.
وولفت إلى أنّه خلال السنوات والعقود المقبلة، فمن المتوقع أن يفاقم تغير المناخ من مشكلات الافتقار إلى المياه العذبة، ما يعني أنّ المناطق الجافة ستصبح أكثر جفافا، ما ستحمل جميعا تأثيرا مباشراً في استخدام المياه المخصصة للزراعة.
وأوضح أنّ إدارة الموارد المائية لم تعد شأنا علميا فنيا فقط ، لكنه أصبح أيضا شأن سياسي، مرتبط بالحوكمة وبالقيم المجتمعية، ففي القرن الحادي والعشرين، ستخضع الموارد العالمية من المياه الصالحة للشراب إلى ضغوط غير مسبوقة، إذ جرى تسجيل انخفاض في تدفق بعض الأنهار، واختفاء بحيرات ومناطق رطبة وانخفاض في منسوب المياه الجوفية، جراء الاستخدام الجائر للمياه.
وقال إنّ التحديات فرضت علينا العمل الدؤوب ومضاعفة الجهود نحو تبني سياسات فاعلة وإدارة رشيدة لمواردنا المائية من مفهوم شمولي وتكاملي، والسعي الجاد لتنميتها ولتنفيذ برامج توعوية مكثفة لكل فئات المجتمع، لترشيد استخدامها والحفاظ عليها بمشاركة أصحاب المصلحة والقطاع الخاص، وعقد الشراكات الجادة لجذب الاستثمارات وتحقيق إدارة جيدة لمواردنا المائية من أجل تلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية لكل القطاعات وتحقيق التنمية المستدامة والمنشودة.
وأكد حرص مِصر على أن تُعد رؤيتها لتحقيق لتخطيط وتنمية وإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، والتي جرى إطلاقها في عام 2016، وترتكز على 4 محاور أساسية يأتي تحتها أنشطة وبرامج فرعية تراعي تحقيق الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمؤسسية، مع الأخذ في الاعتبار التكامل مع الوزارات المعنية (الزراعة، البيئة، والإسكان) ومشاركة المحليات وأصحاب المصلحة والمستفيدين من الشركاء وفئات المجتمع في تنفيذها.
ولفت إلى أنّ الحفاظ على نوعية المياه وحمايتها من التلوث، يأتي بالتحكم في الآثار البيئية السلبية بما يحقق الحفاظ على الصحة العامة، وترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة وتعظيم العائد منها ورفع كفاءتها، موضحا أنّ تنمية الموارد المائية الجديدة، يتم بالتعاون مع دول حوض النيل والاستفادة من مياه السيول، كما أنّ مصر تقوم بتهيئة البيئة المناسبة لحماية الموارد المائية من خلال التعاون بين جميع مؤسسات الدولة، ورفع الوعي العام بقضايا المياه وضرورة ترشيد الاستخدامات المائية، وإصدار التشريعات اللازمة لحماية الموارد المائية.
خطة قومية لإدارة الموارد المائية بـ50 مليار دولار حتى 2037
وأشار إلى ترجمة الاستراتيجية إلى خطة قومية لإدارة الموارد المائية حتى 2037 بتكلفة نحو 50 مليار دولار (وهذا يمثل تحديا آخر)، لتشمل مجموعة من البرامج تستهدف تنفيذ محاور الاستراتيجية.
وأكد أنّ القيادة السياسية أعطت الأولوية لمحور الأمن المائي، فعلى صعيد ترشيد المياه، أطلقت الدولة البرنامج القومي لتأهيل وتبطين 20 ألف كم من الترع بتكلفة تبلغ نحو 50 مليار جنيه، وعلى صعيد تنمية الموارد المائية والتأقلم مع آثار التغيرات المناخية، جرى تنفيذ حزمة من مشروعات الحماية والتخفيف من آخطار السيول وتحويلها من نقمة إلى نعمة، من خلال منشآت حصاد الأمطار على طول الساحل الشمالي الغربي وسيناء والبحر الأحمر ومحافظات الصعيد، وجرى تنفيذ حزمة مشروعات تستهدف الحماية الشاطئية بأطوال تناهز 120 كم ومخطط 120 كم غيرها، إضافة لمجموعة من محطات الرفع لتتكامل منظومة الحماية من أخطار السيول، وتعكس مجهودات الدولة خلال الست اعوام الماضية باستثمارات ناهزت 10 مليارات جنيه.
وتابع أنّ وزارة الموارد المائية والري، أسست لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه، من خلال استخدام نُظم الاستشعار عن بعد، والإنذار المبكر والرصد اللحظي لمناسيب المياه باستخدام نُظم التليمتري، وإعطاء التحذيرات اللازمة بوقت كافٍ لمستخدمي المياه وكذلك القاطنين بالقرب من الأماكن المُعرضة للمخاطر، وعلى صعيد محور تحسين نوعية المياه وإعادة تدويرها.
وأشار إلى مشروعي معالجة مياه مصرف بحر البقر ومصرف المحسمة بطاقة تزيد على 6 ملايين متر مكعب يوميا بتكلفة تناهز 22 مليار جنيه، ضمن أهم مشروعات إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج في أفريقيا والشرق الأوسط.