19 أكتوبر 2014، تاريخ محفور بأنين الوجع في ذاكرته، سجله حادث مؤلم شل أحلامه، لم يكن يخطر على بال صاحب القوام الرياضي الممشوق أن يفقد أهم أجزاء جسده، إذ عاش حياته رحالا بين الألعاب الرياضية المختلفة، بدأها من السباحة في التاسعة من عمره، وأخذته المصارعة 9 سنوات قبل أن يتعرض لإصابة في الكتف ويتجه مجددا إلى المياه مرة أخرى ويحترف الغوص، ويحصل على نجمتين في الغطس، وكان في طريقه إلى النجمة الثالثة، إلا أنه فقد ساقيه الاثنين بعد انفجار تانك هواء بنادي الكشافة البحرية في الإسكندرية.
"أنا مُت وصحيت، قعدت 5 أيام في غيبوبة، وجالي تسمم في القلب والمخ والدم، وكانت قصة كبيرة"، يقول حسين محمد منصور، 25 عاما، قبل أن يوضح سبب وجوده في موقع الانفجار: "أنا كنت مساعد مدرب غوص، والمدرب طلب مني أقف عند غرفة الشحن عشان الطلاب ميدخلوش، وحصل اللي حصل".
رغم الإعاقة الصادمة في حياة حسين، إلا أنه أبى أن يعيش مكبلا بفقدان ساقيه بعد بترهما من فوق الركبة في الحادث الذي أصابه أيضا بكسر في الجمجمة، وقرر بإرادة نارية استكمال مسيرته في الغوص، معلنا خوض رحلة تحدي كبيرة وشاقة في حياته، لكن كيف؟
بعد انتشار أخبار الحادثة وقت وقوعها قبل نحو 6 سنوات، صدر لحسين قرار من رئاسة الجمهورية، بعلاجه على نفقة الدولة، وحصل على جهاز ركبة ذكية إلكترونية تساعده على السير، بعد عامين من العيش بجهاز هيدروليك كانت الحياة معه صعبة: "تعبت جامد جدا، أنا موقفتش مرة واحدة، بقوم واتمرن بالجهاز، بس البني آدم طاقة، والحمد لله لما كنت بقع كنت بقوم تاني".
"أنا الحكاية وأنا بطلها"، جملة لها أثرها الكبير على "حسين" وهي المفضلة لديه، ويحرص على تريددها دائما لتحفيز نفسه على العودة إلى السباحة مرة أخرى، بعد أشهر من الحادث، وفور التئام جروحه الصعبة، لعشقه الشديد للمياه: "رغم كل الصعوبات اللي مريت بيها، لكني كنت صابر وعندي إصرار أني أكمل، ودعم الناس كان بيقويني لما بهبط".
الغواص البطل، لم يكتف بالنجاح في التحدي، بل قرر مشاركة تجربته مع يمرون بظروف مشابهة له، ومساعدتهم ودعمهم لمواصلة حياتهم بشكل طبيعي: "الناس بقت تكلمني عشان ناس تانية فقدت الأمل في الحياة، بروح ليهم أو أكلمهم، وبديهم صبر وقوة، وربنا كان بيقدرني وبنجح في ده الحمد لله، ربنا عوضني خير كتير وكرمني كرم كبير أوي، أنا لو بصحتي مكنتش قدرت أعملها ولا وصلتلها".
حسين الذي يخلع الجهاز الذكي عند الغوص في البحر، لأنه غير مخصص للمياه، يسعى أن يكون أول مدرب عربي لذوي الاحتياجات الخاصة في الشرق الأوسط، إلا أنه يواجه صعوبات في الإجراءات ويحاول تجاوزها وتحقيق حلمه، متمنيا أن يجد من يساعده في تذليل العقبات: "نفسي حد يساعدني إني أقدر أوصل لده".
تعليقات الفيسبوك