من قلب النزاعات.. أبطال يدفعون أرواحهم ثمنا لنقل الحقيقة
يدفعه شغفه الصحفي للذهاب إلى مناطق النزاع، السعي خلف الحقيقة وكشفها يكلفه الكثير، فهي أحيانًا تسلب روح الباحث عنها، يقف وسط الصراعات حاملًا مدفعه الإعلامي، يوجهه صوب المشهد المترامي فيتلقى طلقة نافذة أو قذيفة ثقيلة تقتل بداخله المجازفة مرة أخرى، أو تقتله هو نفسه؛ ويمتلئ العالم بالأبطال الذين دفعوا روحهم ثمنًا للحقيقة، لكن في النهاية تبقى السلامة المهنية، والحفاظ على الحياة أهم من الموضوع الصحفي، وفيما يلي عدد ممن وضعهم القدر صوب الموت، فأصبحوا أيقونات، ونماذج يحتذى بها:
- ماري كولفن، استهدفت بقذائف طيران في فبراير 2012 في سوريا:
الصحفية الأمريكية ماري كولفن، رغم معرفتها بقواعد السلامة المهنية أثناء تغطية الصراعات، إلا أنها لقيت مصرعها ومعها المصور الفرنسي ريمي أوشليك، بسبب خطأ فادح وقعت به، وهو حديثها في تليفون محمول يرسل إشاراته عن طريق الأقمار الصناعية، ثم تركته مفتوحًا فتم تتبعه؛ كانت كولفن حينئذ في حمص بسوريا، كمراسلة صحفية لجريدة صانداي تايمز، وخلال غارة للقوات التابعة للرئيس السوري بشار الأسد، يوم 22 فبراير عام 2012، كانت قوات النظام تستهدف الصحفيين الدوليين، فهاجمت حمص طوال 19 يومًا على التوالي، وتم ضرب المركز الإعلامي المؤقت الذي مكثت به "ماري" التي كانت قد بلغت من العمر 55 عامًا، وغطت حروبًا كثيرة، منها حرب الشيشان والحرب الأهلية السريلانكية، حيث فقدت إحدى عينيها، وهي تعد من أبرز الصحفيين الحربيين في العالم.
- مارك جيلبيرت، قتل رميًا بالرصاص وحرقًا.. في نوفمبر 2009 بالفلبين:
في واحدة من أشد الوقائع وحشية التي حدثت للصحفيين، وفق لجنة حماية الصحفيين، وقع مارك جيلبيرت أريولا، ضحية للصراعات في الفلبين، وكان مارك يعمل مصورًا لدى تليفزيون الأمم المتحدة، حينما توجّه مع موكب كبير لإيصال التوكيلات الخاصة بالمرشح إسماعيل مانجوداداتو، ضمن قافلة ضمت 57 شخصًا منهم 30 صحفيًا فلبينيًا، وعلى الرغم من التهديدات التي تلقاها مانجوداداتو، من احتمالية تعرض القافلة لهجوم إلا أنه أرسل بها النساء الحوامل والأطفال والشباب من المؤيدين له، وكذلك استدعى الإعلاميين، وامتنع هو عن الذهاب، حيث توقّع ألا تتم مهاجمتها حينئذ؛ وتوصلت تحقيقات النيابة إلى أن مائة فرد من الجماعات المسلحة الموالية لأعداء مانجوداداتو، هي السبب وراء ارتكاب المجزرة في الـ23 من نوفمبر 2009، حيث تم اقتياد الأفراد إلى منطقة تلال نائية، ومن ثم قتلهم رميًا بالرصاص ثم حرقهم، ودفنهم في مقبرة جماعية، وصنف الحادث وفق 4 منظمات حقوقية بالفلبين، وخارجها، بأنه "تصفية جيل كامل من الإعلاميين سواء في المجال المطبوع أو المرئي".[SecondImage]
- كارين فيشر وكريستيان ستروي، رميًا بالرصاص داخل خيمتهما.. أكتوبر 2006 بأفغانستان:
نموذج آخر من استهداف الصحفيين في أفغانستان 7 أكتوبر 2006، حيث كانت كارين فيشر، وكريستيان ستروي، الصحفيان بالتليفزيون الألماني، دويتشه فيله، يجهزان فيلمًا وثائقيًا من داخل المخيمات على حسابهما الخاص، وكانا يقبعان في خيمة من أكثر الأماكن أمنًا بالمنطقة على بعد 150 كيلومترًا من العاصمة كابول، وعلى الطريق مباشرة حتى لا يتم استهدافهما بسهولة، كما أن المنطقة كانت تحت سيطرة الحكومة الأفغانية، وقوات حلف شمال الأطلسي، وكان الصحفيان قبل الاستهداف يتفقدان عددًا من المشاريع التابعة لصندوق الأمم المتحدة للطفولة شمال أفغانستان، فتم تعقبهما، واستهدافهما داخل الخيمة، بإطلاق النار عليهما، ولم تتوصل جهات التحقيق إلى منفذ عملية اغتيالهما حتى الآن.
- مَيك ديان، استهدف من قبل قوات الأمن.. أغسطس 2014 بمصر:
قتل مَيك ديان، بمصر في الـ14 من أغسطس 2014، وكان حينها يغطي فض اعتصام رابعة العدوية بمنطقة مدينة نصر، المكان الذي تخيره أعضاء جماعة الإخوان، ليكون مقرًا لاعتصامهم عقب عزل محمد مرسي من سدة الحكم، ورغم التحذيرات الكثيرة التي كانت قبل حدث فض الاعتصام من قِبل السلطات المصرية، إلا أن "مَيك" ظل في مكان الحدث حتى آخر يوم في الاعتصام، وتم قتله من قِبل قوات الأمن المصرية، كما ذكرت لجنة حماية الصحفيين، وتم استهدافه هو فقط من فريق القناة؛ عمل "مَيك" مصورًا صحفيًا لدى قناة سكاي نيوز، منذ 15 عامًا غطى خلالها ما يحدث داخل واشنطن العاصمة الأمريكية، ثم ذهب إلى غزة لتغطية ما بها من نزاعات، وأخيرًا لقي حتفه في مصر، بعد أن بلغ من العمر 61 عامًا.
- علاء عبدالوهاب، تم تفجير سيارته الخاصة.. مايو 2009 بالعراق:
التفجيرات، أحد أسباب موت الصحفيين كذلك أثناء تغطية مناطق الصراعات، ويعد العراق البلد الذي يشاع به هذا النوع بكثرة، وهذا ما حدث مع الصحفي علاء عبدالوهاب، الذي يعمل لدى قناة البغدادية، وعلى الرغم من أن مجال علاء بعيد تمامًا عن الصراعات والسياسة، حيث إنه محرر رياضي، إلا أنه تم استهدافه بزرع قنبلة في سيارته، وكان برفقته سلطان جرجس، مقدم برامج رياضية بمحطة رشيد الإذاعية، وكلاهما كانا ينجزان قصة صحفية عن اللجنة الأوليمبية المحلية، وتوفي علاء متأثرًا بجراحه بينما كانت جروح جرجس طفيفة في الساق فقط، ووقع الحادث يوم 31 مايو 2009 في الموصل، حيث استقل علاء سيارته بعد تناول الغداء، وسبب استهدافهم ليس واضحًا حتى الآن، وفي هذا دليل على أن الصحفي يمكن أن يكون مستهدفًا أيًا كانت مهمته، وعليه أن يتخذ كل الإجراءات الاحترازية والسلامة المهنية، خاصة في مناطق النزاعات والصراعات المسلحة.
الآخبار المتعلقة:
قوانين حماية الصحفيين.. نصوص "منسية" وانتهاكات "متكررة"
"السعدي" لـ"الوطن": أهم السبل الحماية ضمان عدم إفلات قتلة الإعلاميين من العقاب
صحفي "رويترز": الأهالي يعتبرون المراسل "عدو".. وإنقاذ الروح أهم من التقاط الصورة
ناصر نوري بعد تغطية 3 حروب: كل المتقاتلين "كدابين".. والصحف تتاجر بدم المراسل
مراسلو الحرب في سوريا يخاطرون بحياتهم.. وثمن أسر الصحفي 140 ألف دولار
صفاء صالح: الاختطاف ومواجهة الذبح أو الاعتقال أخطر ما تعرضت له كمراسلة حربية
رئيس "الشارة الدولية" في حوار لـ"الوطن": هناك تحديات تواجه حماية الصحفيين بمصر.. ومعظم القتلى تلقوا تدريبات السلامة
كيف تضع خطة لمهمة صحفية صعبة؟
"الوطن" تقدم صمام الأمان لصحفي "على خط النار"