"الإفتاء": عدم دفع رسوم مياه الشرب حرام شرعا وسرقة وخيانة
توصيل مياه الشرب
حذرت دار الإفتاء المصرية من السرقات والتعديات على مياه الشرب والصرف الصحي.
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، في فتوى له على موقع دار الإفتاء، إنه يحرم شرعا الانتفاع بموارد الدولة من شبكات المياه والصرف الصحي عن طريق عمل توصيلات غير قانونية من أجل التهرب من دفع الرسوم المقررة لذلك؛ لما في ذلك من السرقة المحرمة وأكل أموال الناس بالباطل، والإضرار بالمصلحة العامة، وخرق النظام، وخيانة الأمانة، ومخالفة ولي الأمر الذي أمر الشرع بطاعته.
وأضاف: لا يخفى ما وراء ذلك من انتشار للفساد وضياع للحقوق، بالتعدي على حق الفقراء ومحدودي الدخل باستغلال الحصة المخصصة لحاجتهم الأصلية من الماء المدعوم في غير ما خصصت له.
وتابع: لا يحق لأحد الادعاء بأن الماء حق له والناس شركاء فيه فيبيح لنفسه سرقته؛ إذ إن أحقية الإنسان في الماء وشراكته فيه إنما يكون فيما هو مطلق؛ كالآبار والعيون، لا في الماء المحرز الذي بذلت الأموال لأجل تنقيته وتحليته، وهذا كله يجعل عمل توصيلات المياه والصرف الصحي بصورة غير قانونية والتهرب من دفع رسومها أمرا محرما شرعا.
وقال "علام": توفير الانتفاع بالمياه وعملية إيصالها لمحتاجيها على الوجه الصالح لاستخدامها يكلف الدولة نفقات باهظة؛ يتطلبها حفر الطرق، وتمديد الشبكات، وتركيب المحطات، والمراحل العديدة للمعالجة والتكرير والتنقية، وتتحمل الدولة النصيب الأكبر من هذه التكاليف؛ دعما للمواطنين ومراعاة لذوي الدخل المحدود، وتفرض في المقابل أسعارا رمزية يجب إيفاؤها، ويحرم التهرب من دفعها؛ لتكفل بذلك استمرار عمليات معالجته، ودوام توفره، ما يجعل سرقة توصيلات المياه تعديا على المال العام الذي تتكفل الدولة بحفظه، وخرقا للنظام ومخالفة لولي الأمر، وخيانة للأمانة، وتغذية للجسم بالحرام، وإضرارا بالمصلحة العامة التي أعلى الإسلام شأن الحفاظ عليها، فأما كونه تعديا على المال العام، فإن في الانتفاع بالمياه دون دفع الرسوم المخصصة لها استحلالا لما يقابل تكاليف نقل هذه المياه ومعالجتها دون وجه حق، ومن المقرر أن حفظ المال من المقاصد الشرعية التي جاء بها الشرع الشريف، وتوعد من تعدى عليه بأي صورة من صور التعدي سواء كان بالسرقة أو الاختلاس أو الانتهاب أو أخذه دون وجه حق، ويزداد الأمر حرمة إذا كان المال مالا عاما يتعلق الحق فيه بجميع المواطنين لا بفرد بعينه، وقد قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل".
وأما كونه خرقا للنظام ومخالفة لولي الأمر: فإن تنظيم الانتفاع بالمرافق في الدولة مضبوط بقواعد وعقود مبرمة بين المواطنين والدولة، ومحكوم بقوانين تحفظ مصالح الناس في المعاش، وقد نصت اللوائح والقوانين على منع سرقة المياه وتجريم فاعل ذلك، ويجب شرعا الامتثال لذلك؛ إذ أمر الله تعالى بطاعة ولي الأمر في غير معصية؛ فقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".