فى أبريل من العام الماضى 2019 أطلق المجلس الأوروبى للإفتاء والبحوث (ECFR)، الذى أسسه فى العاصمة الأيرلندية «دبلن» يوسف القرضاوى، المنظّر الحالى لجماعة الإخوان الإرهابية، تطبيقاً باسم «يورو فتوى Euro Fatwa»، ورغم الهدف المعلن للتطبيق وهو تقديم تعليقات دينية حول الممارسات الاجتماعية والاقتصادية وتوضيح قواعد العبادة للمسلمين غير الناطقين بالعربية فى الغرب وتحديد طرق أداء واجباتهم، فإن المحتوى الدينى للتطبيق والفتاوى التى يتضمنها أثار قلق العديد من السياسيين فى أوروبا، ومن بينهم النائبة الفرنسية ناتالى جولى، والنائب البريطانى إيان بيزلى وآخرون، وأعربوا عن مخاوفهم من الفتاوى التى تحرّض على الكراهية وتؤثر سلباً فى التماسك الاجتماعى بين العرقيات الأوروبية.
وحذّرت دراسة جديدة صادرة باللغة الإنحليزية فى أبوظبى عن «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» من مخاطر توظيف جماعة «الإخوان المسلمين» وسائل التواصل الاجتماعى فى نشر فكرها المتطرف، وتجنيد المزيد من العناصر والمؤيدين لها.
وأشارت الدراسة التى حملت عنوان «يورو فتوى.. وسيلة أخرى لنشر الفكر المتطرف لجماعة الإخوان المسلمين» إلى أن هذا التطبيق بات من أهم التطبيقات التى يتم تنزيلها بشكل متكرر فى أنحاء العالم كله، خاصة مع حالة الإغلاق الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، التى دفعت مئات الآلاف فى أنحاء أوروبا إلى الاعتماد على هذا التطبيق لمعرفة بعض الفتاوى والاستفسارات الدينية، خاصة فى ألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد وفنلندا وأيرلندا، ولفتت الدراسة إلى أن الهدف الواضح لتطبيق «يورو فتوى» هو نشر أفكار جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية الأخرى.
وتطرّقت الدراسة إلى الأسباب التى دفعت جماعة الإخوان إلى التركيز على الإعلام الجديد، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعى، فى الترويج لأفكارها وأيديولوجيتها المتطرفة، وجذب العديد من الشباب للانضمام إليها بطاعة عمياء، ومن بينها ما تتسم به هذه الوسائل من خصائص تساعد التنظيم الإرهابى على تحقيق أهدافه، مثل السرعة فى نقل البيانات والمعلومات، والسرية وعدم القدرة على كشف هوية مستخدمى هذه الوسائل وصعوبة تتبعهم.
وانتهت الدراسة إلى أن المؤسسات الأوروبية التى طالبت بحظر تطبيق «يورو فتوى» محقة فى ذلك، بعد أن ثبت أن بعض الإرهابيين الذين ارتكبوا أعمال عنف وإرهاب فى بعض الدول الأوروبية قد استخدموه، وبات من الضرورى العمل على حظر هذه النوعية من التطبيقات التى تُستخدم فى نشر التطرف والكراهية وتدمير أسس التعايش بين الثقافات والأديان. الدكتور هانز شندلر، مدير مشروع مكافحة التطرف (وهو منظمة غير ربحية وغير حزبية للسياسة الدولية تم إنشاؤها لمكافحة التهديد المتزايد للأيديولوجيا المتطرفة)، ألقى باللوم على شركات التكنولوجيا الكبرى لعدم قدرتها على مكافحة التطرف عبر الإنترنت بشكل مستدام، كما دعا إلى إطار عمل أكثر صرامة، بما فى ذلك غرامات لمن يروجون للكراهية ويستخدمون تطبيقات إعلامية جديدة مثل «يورو فتوى»، كما حذَّر «شندلر» من فتاوى شيخ الفتنة القرضاوى التى دعت إلى التفجيرات الانتحارية باعتبارها «عمليات بطولية»!
تطبيق «يورو فتوى» أصدر منذ انطلاقه 265 فتوى، من بينها فتاوى القرضاوى الداعية للعنف والتى أسهمت فى ازدياد «الإسلاموفوبيا» فى الغرب، واتهام الإسلام بمعاداة غير المسلمين ومحاولة قتلهم والتخلص منهم، وأثارت تلك الفتاوى غضب أوروبا، خاصة عندما قال القرضاوى فى إحدى فتاواه: «إن أسلمة أوروبا ستكون بداية عودة الخلافة الراشدة، وإن الإسلام سيعود مجدداً لأوروبا كقوة فاتحة ومنتصرة بعد طرده منها مرتين من قبل»، بجانب تصريح له يدعو فيه إلى احتلال أوروبا، قائلاً: إن نشر الإسلام فى الغرب واجب على كل المسلمين، وإن احتلال أوروبا وهزيمة المسيحية سيصبحان أمراً ممكناً مع انتشار الإسلام داخل أوروبا، حتى يصبح الإسلام قوياً بما يكفى للسيطرة على القارة بأكملها، بالإضافة إلى تحريمه عمل المسلمين فى أجهزة الشرطة فى الدول الأوروبية باعتبارها دول كافرة. وظهرت مؤخراً مطالبات رسمية فى كل من ألمانيا وفرنسا تدعو لحظر «يورو فتوى»، كما حذّر مسئولون فى أنحاء مختلفة من أوروبا من التهديد الذى يمثله هذا التطبيق، والمنظمات التى تروّج له، وقال المكتب الاتحادى الألمانى لحماية الدستور: إن التطبيق «لبنة فى عملية بناء التطرف».
وهددت الحكومة البريطانية مَن يجعلون التطبيق متاحاً للتحميل، مؤكدة أنها ستتخذ «إجراءات صارمة» ضد شركات التواصل الاجتماعى التى تساعد فى الترويج للكراهية.
وذكر سياسيون أن التطبيق يُظهر مدى ما وصلت إليه الجماعات المرتبطة بالإخوان من استغلال نقاط الضعف فى وسائل التواصل الاجتماعى لنشر أفكارهم المتطرفة.
المشهد كما نراه يوضح أن القارة العجوز تعض أصابعها ندماً على سماحها لتنظيم الإخوان الإرهابى بالتغلغل داخل المجتمعات الأوروبية، والعمل بحرية على أراضيها لسنوات، وها هى الآن تحاول تصحيح هذا الخطأ.