النقد الدولي: الفقراء الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا
«النقد الدولي»: عدة أسباب تجعل 90% من الأثرياء لا يصابون بـ«كورونا»
قال صندوق النقد الدولي، إن جائحة كورونا أضرت بالفقراء أكثر مما أضرت بالأغنياء، سواء داخل البلد الواحد أو فيما بين البلدان، حيث أن الأحياء الفقيرة تعرضت في بلدان العالم لعدد أكبر من الإصابات والوفيات بفيروس كورونا مقارنةً بالأحياء الأكثر ثراء.
في بحث أجراه 3 من خبراء الصندوق مؤخرًا، قالوا إنه غالبا ما تكون الضرورة هي الدافع وراء السلوك والخيارات التي تضع الأفراد الأفقر في الخطوط الأمامية من حيث الإصابة بالمرض أثناء الجوائح، والسبب الأول هو أن كثيرًا من العاملين بأجور منخفضة يتركز عملهم في الخدمات التي تعتبر ضرورية أثناء الجائحة (مثل محال البقالة وخدمات التوصيل) أو الوظائف التي تتيح خيارات محدودة للعمل من بُعد.
أما السبب الثاني، فيقول الخبراء، إن الأحياء الأفقر من المرجح أن تكون ذات كثافة سكانية عالية، مما يجعلها أكثر عرضة للعدوى، أما السبب الثالث فهو أن الناس في المجتمعات المحلية الأفقر غالبًا ما تكون مدخراتهم للطوارئ ضئيلة للغاية، مما يحد من قدرتهم على تخفيض ساعات العمل للحد من مخاطر إصابتهم بالمرض، ومنهم على سبيل المثال (العاملون لحسابهم الخاص في القطاع غير الرسمي).
كما يمكن للأفراد الأكثر ثراء أن يحدوا من مخاطر الإصابة بالمرض، حيث يتوفر لهم خيار العمل بقدر أقل وتخفيض الساعات التي يمضونها خارج منازلهم، ولهذين الخيارين تأثيرًا هائلا، فحسب عمليات المحاكاة نجد أن عددا يزيد بقليل على 10% من الأسر الغنية يصاب بالفيروس، في حين أن أكثر من نصف الأسر الفقيرة تصاب به على مدار عامين، وينعكس هذا في معدل الوفيات، حيث يشير النموذج إلى أن احتمالات الوفاة أكبر بحوالي أربعة أضعاف في حالة الأسر الفقيرة، ويُفهم من هذه الأرقام أن الأسر الفقيرة تتحمل العبء الأكبر للتكاليف الصحية الناشئة عن الجائحة، بحسب البحث الذي أجراه ميكال أندريل اقتصادي أول في إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي، وجون بلودورن نائب رئيس القسم المعني بتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" في إدارة البحوث بالصندوق، وآلان ديزيولي اقتصادي قسم النمذجة الاقتصادية التابع لإدارة البحوث بصندوق النقد.
وأشار الخبراء الثلاث إلى أن هناك إجراءان مهمان على مستوى السياسات يمكن أن يساعدا على تخفيف الأثر الكبير للوباء على الفقراء إلى أن تتاح لقاحات وعلاجات فعالة على نطاق واسع ويتم تقديمها لكل من يحتاج إليها: "أولا، دعم الدخل الموجه للأسر الفقيرة سيساعد بشكل مباشر على حماية استهلاك هذه الأسر من الصدمة الاقتصادية الكبيرة المعاكسة.
ثانياً، يؤدي تحسين المعلومات المتعلقة بانتشار الوباء واحتوائه مع إجراء اختبارات واسعة النطاق للكشف عن الفيروس إلى تعزيز القدرة على تحديد الحالات الجديدة وعزلها، ما يحد من مخاطر العدوى".
وبحسب البحث، تعد أحدث الاختبارات السريعة زهيدة التكلفة، حيث قامت منظمة الصحة العالمية بالتفاوض مؤخرا على سعر 5 دولارات لكل اختبار، ومع زيادة الطلب والإنتاج يمكن أن يهبط السعر إلى دولار واحد أو أقل، ونظرا لبساطة هذه الاختبارات، يمكن لأي أسرة أو محل عمل استخدامها، حيث لا تحتاج إلى معدات طبية أو مختبرات للتقييم، دون أي معالجة مركزية أو تسجيل.
ومن المرجح أن يتم تعميم اللقاحات تدريجيا على مدار الشهور والسنوات القادمة، إلا أن معدلات الإصابة في بعض البلدان تُواصل الارتفاع في الوقت نفسه وبسرعة أكبر مما كانت عليه في الأيام المبكرة للجائحة، وكان الإغلاق العام والتباعد البدني وارتداء الكمامات الواقية هي الأدوات الأكثر استخداما لاحتواء الجائحة، ومع ذلك يمكن للاختبارات الرخيصة والسريعة للكشف عن الفيروس أن تكون أداة أخرى ضمن هذه المجموعة من الأدوات.
وأكد بحث "الصندوق" إلى أنه سيتم استخدام الاختبارات لتحديد الحالات الإيجابية وعزلها بدرجة أكبر من الفعالية في السيطرة على الوباء في البلدان التي تضم نسبة أعلى من الأسر الفقيرة، لافتاً إلى أن تحديد نصف المصابين بالفيروس دون أعراض من شأنه تخفيض الوفيات بنحو ثلاثة أرباع العدد الكلي في غضون عامـ ويحظى الفقراء بأكبر استفادة من هذا المنهج، إذ إن معدل وفياتهم بسبب مرض كوفيد-19 سينخفض بنحو ثلاثة أرباع العدد الكلي مع تحسن الاختبارات المكثفة، مقارنة بانخفاض قدره حوالي النصف بين الفئات الأكثر ثراء.
وبحسب "البحث" فإنه حين لا يخضع المصابون بالفيروس دون أعراض لاختبارات الكشف عنه ويتنشر الفيروس دون أن يُكتشف، ينخفض إجمالي الناتج المحلي انخفاضا حادا بنسبة 15% في السنة الأولى في الاقتصادات الممثِّلة، وحين تكون مخاطر الإصابات بالفيروس أعلى، يختار الناس الانسحاب وتخفيض النشاط الاقتصادي قدر إمكانهم، وتتقلص الخسارة إلى 3,3% فقط من إجمالي الناتج المحلي إذا تم اكتشاف 50% من المصابين بالفيروس دون أعراض عن طريق الاختبارات وخضعوا للعزل بغية الحد من العدوى.