في ذكرى ميلاده.. قصة ولادة نجيب محفوظ وتسميته تيمنا بطبيب النساء
نجيب محفوظ
في يوم 11 ديسمبر لعام 1911 صدرت أول صرخة من الطفل "نجيب محفوظ" الذي سمي تيمنا باسم طبيب النساء الأشهر آنذاك "نجيب محفوظ باشا" بعد أن لجأ عبدالعزيز إبراهيم أحمد الباشا له لينقذ زوجته من ولادة متعسرة، تقديرا للطبيب المعروف الذي أنقذ حياة زوجته وابنه، فأسماه "نجيب محفوظ"، ليكبر الطفل ويصبح أول عربي يحصد جائزة نوبل، فيكون قدر الاسم الخلود طبيبا وأديبا، حاملا في اسمه قصة تستحق أن تروى كما ترك روايات عدة تستحق أن تقرأ.
من هو نجيب محفوظ باشا؟
وبالعودة لعام 1882 وخصوصا في الخامس من يناير ولد طبيب النساء والولادة نجيب ميخائيل محفوظ الشهير بنجيب باشا محفوظ، أستاذ الطب بمدرسة قصر العيني وهو رائد علم أمراض النساء والولادة في مصر والعالم العربي والعالم، التحق بمدرسة قصر العيني الطبية، وفي شهر يونيو من عام 1902م، وهو وقت التخرج المنتظر لنجيب محفوظ من قصر العيني، كانت مصر على موعد مع وباء الكوليرا القاتل، وهو ما أجل موعد تخرج نجيب محفوظ وتم تجنيد طلبة الطب المصريين للمساهمة في مكافحة الوباء، وحينها طلب نقل خدمته إلى أشد مناطق الوباء وهي قرية "موشا" الواقعة بجوار مدينة أسيوط، وتمت الموافقة على طلبه ليسافر محفوظ إلى "موشا"، وينجح فيما فشل فيه موفدين الصحة العامة الإنجليز حيث تعقب حالات الكوليرا، واكتشف المصدر الرئيسي وهي بئر ملوثة داخل منزل أحد الفلاحين.
وتخرج نجيب محفوظ في مدرسة قصر العيني الطبية في العام 1902م وعين طبيب تخدير في قصر العيني لكنه قرر تدشين عيادة خارجية لأمراض النساء والولادة، التي سرعان ما حققت نجاحا مذهلا، كما أسس وحدة صحة الأم لأول مرة في مصر، وكذلك وحدة رعاية الحوامل ووحدة صحة الطفل، فضلا عن مدرسة متكاملة للقابلات، وأصدر كتابين ظلا مرجعا أساسيا للقابلات اللائي تخرج منهن ما يفوق الألف، خلال 30 سنة، درس فيها نجيب محفوظ لهن وإعدادهن لإجراء الولادات في المنازل.
وحقق نجيب محفوظ شهرة عالمية في جراحات إصلاح الناسور المهبلي بأنواعه المختلفة، ليتم عرض عملياته في مستشفيات لندن وأكسفورد وإدنبره وجنوا ولوزان، ويفد إلى قصر العيني جراحو أوروبا لمشاهدة هذا النوع من العمليات، وذلك حتى وفاته في عام 1974.
توفي نجيب باشا محفوظ بعد أن حفر اسمه في تاريخ الطب الحديث، أما الطفل الذي سمي على اسمه كان قد كبر وأصبح كاتبا، رواياته ذائعة الصيت يناقش مشاكل المجتمع المصري بجرأة واحترافية، ففي نفس عام وفاة الطبيب أصدر الأديب رواية "الكرنك" التي تحولت فيما بعد لفيلم سينمائي، وتتحدث عن الفترة ما بين حربي 1967 و1973 والفساد الذي شهدته المخابرات، ويعود اسم الرواية لمقهى الكرنك التي تملكه قرنفلة الراقصة المعتزلة، والتي تقدم مع المشروبات بيئة مناسبة للقاءات الثقافية.
نجيب محفوظ الأديب
نجيب محفوظ، الذي ظل يكتب منذ بداية الأربعينيات وحتى 2004، حصد جائزة نوبل للآداب في عام 1988 ليكون أول عربي يكرم بهذه الجائزة، فتجوب أعماله كل أنحاء العالم بترجمات احترافية لتعريف العالم بـ"الحارة" و"حرافيشها"، وثنايا المجتمع المصري بعيون نجيب محفوظ.
وتُوفي الأديب نجيب محفوظ في 29 أغسطس 2006 عن عمر ناهز 95 عاما، إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوما من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة بمحافظة الجيزة، وترك لنا إرثا أدبيا لا يزال مادة خصبة للقراءة والبحث والاستكشاف.