في ذكراهما.. قصة استقالة البابا سلستين الخامس ومجمع "ترنت" المسكوني
البابا سلستين الخامس
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية، اليوم الأحد، بذكرى حادثين مهمين بالنسبة لها، الأول هو استقالة البابا سلستين الخامس، بابا الفاتيكان من منصبه بعد خمسة أشهر فقط من انتخابه عام 1294م، والثاني هو انعقاد المجمع المسكوني في "ترنت" عام 1545م.
والبابا سلستين الخامس، هو من مواليد 1215م في مملكة صقلية باسم بييترو أنجيليريو، وعقب وفاة والده أنجيلو أنجيليريو عمل بييترو في الحقول، وكان لأمه ماريا ليوني أثر بالغ في توجهات بييترو الروحانية؛ إذ رسمت لابنها مستقبلًا أكثر إشراقًا من كونه مجرد فلاح أو راعٍ، والتحق بييترو بسلك الرهبنة في منطقة بينيفنتو ضمن نظام القديس بينديكت وهو في السابعة عشرة من عمره، وكان يميل للزهد والانعزال، وفي سنة 1239 أوى إلى كهف في جبل موروني للعزلة، ومن ثم عرف باسم بييترو دا موروني.
وبعد خمس سنوات ترك بييترو عزلته هذه ليأوي ـ مع رفيقين ـ إلى كهف مماثل في جبل مايللا بمنطقة أبروتسو في وسط إيطاليا، حيث عاش حياة شديدة التقشف والصرامة على نهج القديس يوحنا المعمدان، وقد أسس أثناء هذه الفترة نظام الرهبنة الذي سمي باسمه فيما بعد، وهو نظام السلستينيين.
وتم انتخابه بابا للفاتيكان في 5 يوليو 1294م، ويعد آخر بابا انتخب بطريقة غير طريقة الاقتراع السري في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، إلا أنه استقال من منصبه في 13 ديسمبر من ذات العام، قبل أن يتوفى في 19 مايو 1296م، ولم يحمل أي بابا بعده اسم سلستين حتى اليوم.
أما الحدث الثاني وهو ذكرى انعقاد مجمع "ترنت" أو "ترينتو" على اسم المدينة التي انعقد فيها المجمع بشمال إيطاليا، فهو خاص بذلك المجمع المسكوني الذي عقد بين عامي 1545م و1563م، ويعد المجمع التاسع عشر للكنيسة الكاثوليكية، والذي جاء انعقاده مدفوعًا بالإصلاح البروتستانتي، الذي وُصف بأنه تجسيد للإصلاح المضاد.
وأصدر المجمع إدانات لما اعتُبر هرطقات ارتكبها أنصار البروتستانتية، وأصدر أيضًا بيانات وتوضيحات رئيسة لعقيدة الكنيسة وتعاليمها، بما في ذلك الكتاب المقدس، وقانون الكتاب المقدس، والتقليد المقدس، والخطيئة الأصلية، والتبرير، والخلاص، والأسرار المقدسة، والقداس الإلهي، وتبجيل القديسين. واجتمع المجمع مدة خمس وعشرين جلسة في الفترة من 13 ديسمبر 1545م إلى 4 ديسمبر 1563م، وأشرف البابا بولس الثالث -الذي دعا إلى المجمع- على الجلسات الثماني الأولى، بينما أشرف البابا يوليوس الثالث على الدورات 12 حتى 13، وأشرف البابا بيوس الرابع على الدورات 17 حتى 25.
كانت تبعات المجمع هامة أيضًا في ما يتعلق بطقوس الكنيسة وممارساتها.
وفي المداولات، جعل المجمع النسخة اللاتينية للإنجيل مثالًا رسميًا لقانون الكتاب المقدس وكلف بإنشاء نسخة قياسية، على الرغم من أن هذا لم يتحقق حتى عام 1590م.
وفي عام 1565، أي بعد سنة من انتهاء أعمال المجمع، أصدر بيوس الرابع قانون الإيمان المسيحي ترايدنتيني (نسبة إلى ترايدنتوم، وهو الاسم اللاتيني لترنت).
ثم أصدر خليفته بيوس الخامس التعليم المسيحي الروماني، ومراجعات لصلوات الساعات والمسيال، في أعوام 1566م، 1568م و1570م على التوالي، وأدى هذا بدوره إلى تدوين قداس ترايدنتيني، الذي بقي الشكل الأساسي للقداس في الكنيسة خلال الأربعمئة سنة التالية.
ومر أكثر من ثلاثمئة عام حتى انعقد المجمع المسكوني التالي، أول مجمع للفاتيكان، في عام 1869م.