"قطب" يكمل مسيرة 50 عاما قضاها "طبيب الغلابة" في تخفيف معاناة المرضى
حسني قطب، طبيب جراحة وأمراض الكبد
غيبه الموت عن عالمنا منذ 139 يوما، ولكن رسالته في الطب وتخفيف معاناة المرضى على مدار نصف قرن، تأبى أن ترحل مع صاحبها وقرر أحد زملائه أن يكمل المسيرة وفتح العيادة أمام المرضى مرة خرى.
الدكتور حسني قطب، طبيب جراحة وأمراض الكبد، قرر أن يكمل مسيرة زميله الراحل الدكتور محمد مشالي، والمعروف إعلاميا بـ"طبيب الغلابة"، والذى رحل يوم الثلاثاء 28 يوليو الماضي، بعد مسيرة عطاء من تخفيف آلام المرضى تخطت الـ 50 عاما، ثمن تذكرة لم تتعدَ الـ 10 جنيهات، حتى وفاته.
قال الدكتور حسني قطب، إنه خريج كلية طب طنطا، وكان يعمل في القاهرة، وله عيادته في القاهرة، ومنذ فترة قرر العودة للعمل مرة أخرى الى طنطا، وأنه منذ 15 يوما قرر فتح عيادة الدكتور محمد مشالي، طبيب الغلابة والذى رحل منذ أكثر 4 أشهر، مرة أخرى أمام المرضى وخاصة الفقراء، وتكملة مسيرة "طبيب الغلابة" وأنه حدد ثمن تذكرته لا تتخطى الـ 15 جنيها، ومن لا يستطيع توفير ثمن التذكرة سيتم الكشف عليه مجانا، "شرف لى أن أكون في نفس عيادة الدكتور مشالي، والذى أصبح رمزا في مجال الطب وضرب أروع الأمثلة في تنفيذ بنود الرسالة الحقيقية لمهنة الطب وهي العمل على تخفيف ألام المرضي، دون السعى ورائ تحقيق المكسب والثراء".
وأوضح أنه تواصل مع أصحاب الشقة التي بها العيادة، وتم الاتفاق على فتح العيادة بعد التواصل مع أبناء الدكتور الراحل والذين لم يعترضوا، وتم تجديد العيادة من خلال أحداث بعض الدهانات بها وبعض التجديدات، واليوم تم فتحها أمام المرضى، لاستكمال مسيرة الدكتور مشالي.
"راعي الغلابة في عملك" كانت وصية والد الدكتور محمد مشالي، والذى كان يعمل في مهنة التدريس بمدينة طنطا، التى أوصى بها ابنه " محمد" عندما تخرج من كلية طب قصر العيني، في 1967، وحرص الطبيب مشالي على تنفيذ وصية والده من أول يوم عمل له في حياته العملية بمهنة الطب، والتي بدأت في عدد من الوحدات الريفية داخل محافظة الغربية، وخلالها تدرج في المناصب داخل مستشفيات محافظة الغربية، منها مديرا لمستشفى الأمراض المتوطنة ثم مديرا لمركز طبي سعيد في طنطا حتى خروجه على المعاش في 2004 ، وكان لديه 3 عيادات في مدينة طنطا، بجوار مسجد السيد البدوي، والثانية في قرية محلة روح، والثالثة في قرية شبشير الحصة، بمركز طنطا.
وحرص الطبيب مشالي على تنفيذ وصية والده، بأن سخر وقته وجهده من أجل تخفيف الألم عن المرضى ، والفقراء والاغنياء، سواء داخل عيادته، فقرر أن يكون ثمن تذكرة كشفه في أول عمله طبيب 10 قروش، وعلى مدار الـ 50 عاما لم يتخطى ثمنها 10 جنيهات، رافضا الثراء أو تحقيق أي أرباح من وراء مهنته، بل كان يساعد غير القادرين من المرضى بتوفير لهم الأدوية والتحاليل الطبية.
طبيب الغلابة، كان يبدأ يومه في الصباح الباكر بتوزيع وجبات على الفقراء والمحتاجين في مدينة طنطا، وفي الواحدة ظهرا، يتوجه الى عيادته، بجوار مسجد السيد البدوي يكشف على مرضاه حتى التاسعة مساء، ثم يستقل القطار متوجها الى عيادته في قرية محلة روح، ومنها الى عيادته في قرية شبشير الحصة، وهما قريتين تابعتين لمركز طنطا، وينتهى يومه في الواحدة صباحا، وكان ثمن كشفه بهما لا يتعدى الـ 5 جنيهات، وكان دائما يردد في حدثه مع وسائل الإعلام " فيه مثل بيقول بيع رخيص هتكسب كتير.. ثمن التذكرة قليل فعلا ولكن فيه بركة وفى الوقت نفسه فيه ثواب.. المنشأة اللي فيها لله لا تغلق أبدا.. ربنا بيسترها".
تجرد "طبيب الغلابة" من كل مظاهر الحياه والترف والثراء مؤكدا أنه لا يسعى وراء المال ونجاحه في تربية أبنائه الـ 3 وأبناء شقيقه، وانه كان سببا في شفاء المرضي أفضل نجاح له في الحياه وهذه كانت رسالته.
قبل يوم رحيله في 28 يوليو الماضي، سبقته أكثر من شائعة بوفاته، وكان في كل مرة يخرج في وسائل الإعلام ينفى خبر وفاته، مؤكدا " انا حي أرزق"، ويوم رحيل نعاه مجلس الوزراء، ودول الامارات، وشيخ الأزهر، واطلقت محافظة الغربية اسمه على مركز طبي بطنطا، وتم دفنه في مقابر عائلته بمسقط رأسه في ايتاى البارود، بمحافظة البحيرة، وأبدى مرضاه عن حزنهم الشديد على وفاته، مؤكدين انه سخر حياته في الكشف عن مرضاه بأسعار رمزية واحساسه بالأمهم والعمل على توفير الأدوية للمحتاجين منهم.