والدة صياد محتجز في تونس: بيصرف على 3 أسر.. ونفسي أشوفه قبل ما أموت
اسرة احد الصيادين المحتجزين فى تونس- أرشيفية
يخرجون للبحث عن أرزاقهم في مياه البحر، ولا يعلمون إذا كانوا سيعودون لذويهم أم لا، لكنهم يأملون في أن يمن الله سبحانه وتعالى عليهم برزق أسرهم، غير أن الرياح قد تأتي أحيانًا بما لاتشتهي السفن، وهذا ما حدث مع 28 صياداً مصرياً اُحتجزوا في ميناء صفاقس التونسي، بعدما جرفتهم أمواج البحر وأجبرتهم على الدخول في المياه الأقليمية التونسية.
هم صيادو قرية برج مغيزل التابعة لمركز مطوبس في محافظة كفر الشيخ، الذين ينتظرون بدء موسم الصيد، لينطلقوا بمراكبهم الكبيرة عبر البحار، آملين في العودة بها مُحملة بالأسماك، أو الأموال، ليستطيعوا الإنفاق على أسرهم، لكنهم هذه المرة لم يستطيعوا، فحُجزت مركبيهما ومعها الأسماك التي تمثل عائد رحلة امتدت لأكثر من شهر في المياه.
على عتبه أحد المنازل البسيطة بقرية برج مغيزل، تجلس السيدة «ليلي»، البالغة من العمر أرزله، مُمسكة بصور نجلها أيمن محمد محمد جمعة عرفة، أحد الصيادين المحتجزين في تونس، تناجي ربها أن يعيده إليها خاصة أنه يعول 3 أسر.
وبدموع لا تنقطع من عينيها تروي «ليلى» قصة نجلها، قائلة، «عاش أيمن طوال عمره متحملاً للمسؤولية، ورغم صغر سنه الذي لم يتجاوز 23 عاماً، إلا أنه يعول 3 أسر، أسرتي وأسرته وأسرة شقيقه الأكبر الذي توفى منذ سنوات».
من حين لآخر، تنظر السيدة المُسنة، إلى طفلي نجلها المحتجز، راجية أن يرده الله لهما، وتحاول ان تُصبر زوجته التي تركت زوجها منذ فترة لعدم قدرته على الإنفاق عليها،«بصبر طفليه بأنه هيرجع، ببص في صوره وبقول هترجع يا أيمن، علشان ربنا عوضنا بيك بعد وفاة أبوك وأخوك، هترجع علشاني وعلشان أطفالك وأطفال أخوك، هتكمل المسيرة».
تتحدث السيدة العجوز دائماً عن الموت، ربما تشعر بقربه منها، لذلك تحرص على توصية زوجات أولادها خيراً بما هو باق منها:« حاسة إن الموت قريب، فبقول لزوجات أولادي، لو جرى لي حاجة قبل ما أشوف أيمن، قولوا له إنه أغلى حاجة عندي وخلوا بالكم من اللي باقي مني».
ترك الشاب طفليه وخرج في رحلة صيد مع زملائه منذ قرابة الشهر، لكنه لم يعلم أن أمواج البحر ستقذفه وزملائه إلى المياه الإقليمية داخل حدود تونس، هكذا تحكي الأم، «بقاله يجي شهر خارج من هنا، على مركب صيد، بيرجع بأموال نقدر نصرف منها فترة ونوفي متطلبات الأسرة ويجيبلي علاجي، وكان آخر اتصال بيني وبينه من حوالي أسبوع، كانوا لسة في البحر، وفجأة أخوه جمعة جه قالي إن المركب اتحجز في تونس، شعرت بقبضة في قلبي».
الشاب المحتجز من بين 28 صياداً مصرياً، متزوج ويعول 3 أسر وفق والدته العجوز،«أيمن متزوج وعنده طفلين، وهو عائلنا بعد وفاة أبوه، وأخوه الكبير المتوفى، وظروفنا المادية صعبة جداً بنعتمد اعتماد كلي على أيمن، وبيعول أسرة شقيقه، يعني زوجة شقيقه وأطفالها الـ3، وأخوه جمعة شغال على توك توك يادوب بيصرف على أسرته، فكان أيمن عائلنا».
وتتمنى السيدة المسنة أن يتم الإفراج عن نجلها وزملائه في وقت قريب، ربما لشعورها برائحة الموت وفق حديثها،« نفسي يفرجوا عن وزمايله قريب، قبل ما أموت نفسي أشوفه، مسمعتش صوته ولا أعرف عنه حاجة من أسبوع، قالولي إنه محتجز مش مقبوض عليه لكن مفيش تواصل».
وكشف أحمد نصار، نقيب الصيادين بمحافظة كفر الشيخ، أمس، عن إلقاء السلطات التونسية القبض على مركبين صيد من برج مغيزل بمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، منذ 3 أيام، وعلى متنهما 28 صياداً مصرياً.
وقال نقيب الصيادين في كفر الشيخ، إن المركب الأول اسمه «حسن وحمادة» ملك أحمد محمد الديب، وكان على متنه 16 صياداً، والمركب الثاني اسمه «كريم وعلي» وعلى متنه 12 صياداً، ملك فرج محمد الديب.
وتابع، بأن المركبين كانا في رحلة صيد عادية، ونظراً لسوء الأحوال الجوية، وسوء حالة السواحل المصرية بالنسبة لقلة الأسماك، توجها إلى منطقة «مالطابنك»، لافتًا إلى أنها منطقة دولية تعمل فيها جميع دول البحر المتوسط، ونظرًا لسوء الأحوال، دفعت الأمواج المركبين إلى الاقتراب من السواحل التونسية.