أبو الغيط يرأس اللجنة العليا للعمل العربي: نحتاج بنية تحتية رقمية
أحمد أبو الغيط
ترأس أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أعمال الدورة 50 للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، مؤكّدًا خلالها أنَّ الوضع العربي المُثقل بالمشكلات زادت عليه أعباء إضافية بسبب كورونا، ما يفرض على الجميع مضاعفة الجهود لوضع استجابة متعددة الأطراف.
وأشار «أبو الغيط»، في معرض كلمته، إلى أهمية التحول الرقمي في الاقتصاد والسياسة، والأمن، مبينًا أنَّ التكنولوجيا الرقمية تقع في القلب من المنافسة العالمية على قمة النظام الدولي بين الولايات المتحدة والصين.
وجاء نص كلمة «أبو الغيط» كما يلي:
المدراء العامون، ورؤساء مؤسسات العمل العربي المشترك، الدكتور طلال أبو غزالة، رئيس مؤسسة طلال أبو غزالة العالمية،
يسعدني في البداية أنَّ ألتقي بكم مجدداً في إطار اجتماعات لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك المنعقدة في دورتها الخمسين 50، واسمحوا لي أن أرحب بالدكتور طلال أبو غزالة الذي حرص على التفاعل معنا في أعمال هذه الدورة ليشاركنا أفكاراً ومقترحات تصب في جوهر أعمالنا وتُثري نقاشاتنا للنهوض بالعمل العربي المشترك ودفعه قُدماً.
كما لا يفوتني تقديم الشكر للدكتور إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري الذى أصرّ على استضافتنا في هذا الصرح الأكاديمي الكبير.
وأود التذكير هنا باتفاقنا في آخر دورة لهذه اللجنة الموقرة على الاجتماع مرتين في السنة حرصاً على تعزيز التنسيق والتواصل بين مؤسسات العمل العربي المشترك.
ينتابني شعور يمتزج فيه الأمل بالحيرة، فبالرغم من بريق الأمل الذي يلوح في الآفق في مستهل هذا العام الجديد بعد إطلاق حملات وطنية للتلقيح في العديد من دول العالم، إلا أن الجائحة مستمرة في التفشي في كل مناطق العالم، ولقد رأينا سوياً كيف عادت الدول إلى فرض إجراءات صحية مشددة كالحجر، وحظر السفر إثر اتساع نطاق الموجه الثانية من الإصابات بالفيروس.. إن المتابع لتطورات هذه الأزمة يدرك يقيناً أن نهايتها لن تكون سريعة، وبأن آثارها الممتدة ستظل حاضرة لسنوات عديدة للأسف.
إن الوضع العربي المُثقل بالمشكلات، والذي زادت عليه هذه الأزمة أعباء إضافية يفرض علينا أكثر من أي وقت مضى مضاعفة جهودنا لوضع استجابة متعددة الأطراف، كما يحتم علينا تركيز اهتمامنا على مواضيع بعينها.. ولعلكم تتذكرون جميعاً قرارانا خلال اجتماع هذه اللجنة في دورتها 48 التي عقدت في بيروت يوم 20 يونيو 2019 بتحديد ثلاث قضايا أساسية للعمل سوياً عليها وهي: ريادة الأعمال، التنمية المستدامة، والتحول الرقمي.
إن اختيارنا لموضوع التحول الرقمي كمحور أساسي لهذه الدورة نابع من قناعاتنا بأهميته الحاسمة في الحاضر والمستقبل.. في الاقتصاد والسياسة، والأمن.. إن التكنولوجيا الرقمية تقع في القلب من المنافسة العالمية على قمة النظام الدولي بين الولايات المتحدة والصين.. والقضايا المتعلقة بها، سواء فيما يتعلق بالخصوصية أو صيانة الأمن المجتمعي في مواجهة موجات التحريض والشائعات، هي قضايا محل جدل على مستوى العالم كله.. أما مكانتها في الاقتصاد الجديد فليست في حاجة إلى بيان.. إن شركات التكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك المنصات الاجتماعية والترفيهية، خرجت كرابح وحيد تقريباً من عام الجائحة.. وذلك بعد أن أجبرنا وباء كورونا على المكوث في بيوتنا.. ووجدنا أنفسنا مجُبرين على استخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية واكتشفنا الحلول التي تتيحها للتعامل مع الأزمة الصحية، وضمان استمرار تعليم أبنائنا عن بعد واحترام التباعد الاجتماعي، وسير أعمالنا دون تعطيل.
إن تطوير الإمكانيات والبنية الأساسية والبشرية المتعلقة بتطبيقات التكنولوجيا الرقمية المختلفة يكتسب زخماً وأهمية تتزايد كل يوم.. في مجالات الصحة والتعليم وغيرها.. ومن هنا؛ فإن العديد من الأفكار التي سنتناولها في اجتماعنا هذا، تعتمد على التكنولوجيا الرقمية بشكل أساسي، وأشير هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى مقترحات المرصد العربي لتوثيق الاستجابات الوطنية، وإنشاء منصة عربية للتعليم، والمبادرة بإنشاء جامعة رقمية عربية.. إننا نحتاج في المقام الأول، ومن أجل تنفيذ هذه الأفكار إلى توفير بنية تحتية رقمية.. وهو موضوع تشهد فيه الأقطار العربية تفاوتاً ينبغي العمل على معالجته لتسهيل اندماج بلداننا في الثورة التكنولوجية الرقمية التي تتسارع وتيرتها بصورة غير مسبوقة.
إنني اغتنم هذه الفرصة للإشارة إلى الارتباط الوثيق بين موضوعي التحول الرقمي وأمن المعلومات.. فبالرغم من الفرص الهائلة التي تتيحها التكنولوجيا الرقمية لتوفير الرخاء الانساني، إلا أنها تفسح أيضاً ثغرات ومساحات يستغلها المجرمون والاعداء لشن حروب نفسية وهجمات الكترونية، وحملات لتغليط الرأي العام وشق وحدة الصفوف... دون ترك أثر للجريمة.. وهو ما يستدعي التفكير بجدية في بناء قدراتنا في الأمن السيبراني ورفع حصانتنا، حتى لا تكون مجتمعاتنا مسرحاً لهذه الجرائم.
ختاماً، إنني على ثقة من أن الأفكار التي سنناقشها خلال هذه الدورة، والتي ساهم الدكتور طلال أبو غزالة مشكوراً في إثرائها، ستشكل منطلقاً للخروج بتوصيات عملية بناءة.. وأتطلع في هذا الصدد إلى التعرف على ملاحظاتكم ومرئياتكم بشأنها.. وأتمنى لجمعنا الكريم هذا التوفيق والسداد.