الإفتاء تدعو للتطعيم بلقاح كورونا: واجب لحماية النفس من الهلاك
د. شوقي علام مفتي الديار المصرية
واصلت دار الإفتاء المصرية نشر فتاوي فقه النوازل وذلك عبر موقعها في ظل تصاعد أعداد مصابي فيروس كورونا وانطلاق الموجهة الثانية للفيروس، حيث نشرت الدار عبر موقعها الرسمي فتوي حول حكم التطعيم بلقاح كورونا.
وقالت الدار، في جوابها إنه من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، صحته التي يستطيع بها تحقيق مراد الله تعالى منه، ورعايتها وحسن تعاهدها والمحافظة عليها من الأمراض المؤذية والأوبئة الفتاكة، إذ الأمراض والأسقام هي أشد ما يعرض النفوس للتلف، فحمايتها منها إحياء وحفظ لها، وحفظ النفوس مقصد شرعي جليل من المقاصد الكلية العليا للشريعة الغراء، بل هو متفق عليه بين كل الشرائع السماوية.
الوقاية خط الدفاع الأول ضد المرض
أوضحت الدار أن الأصل في الوقاية أنها مرحلة استباقية تحفظية لمنع وصول الداء إلى الجسد في الابتداء، فهي خط الدفاع الأول ضد المرض، فإذا وصل الداء للجسد كان العلاج هو خط الدفاع الثاني، ولذلك كانت الوقاية مقدمة على العلاج، لأنها آمن منه خطرا، وأيسر تبعة، وأقل تكلفة، فتحفظ بذلك على الإنسان جهده وصحته وماله، وتحفظ على المجتمع ما يمكن أن يتحمله من تبعات المرض وآثار تطبيبه وتكاليف علاجه.
تابعت: جاءت الأدلة الشرعية بالأمر بالتداوي، وفيها أعظم دلالة على أن حفاظ الإنسان على سلامة نفسه من الأمراض مقصود شرعي، وبذلك جاء الهدي النبوي في السنة المشرفة، فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تداووا عباد الله؛ فإن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل معه شفاء».
لقاح كورونا
بدوره، قال د. شوقي علام مفتي الديار المصرية، إنه من أهم أساليب الوقاية من الأمراض في العصر الحديث، اللقاحات الطبية، التي تساعد الجسم الإنساني على تكوين مناعة ضد الإصابة بالأمراض، وفكرة عملها، كما تفيده منظمة الصحة العالمية، أنها تحتوي على أجزاء موهنة أو معطلة من كائن حي معين تؤدي إلى استجابة مناعية داخل الجسم، وتحتوي اللقاحات الحديثة على المخطط الأولي لإنتاج المستضدات بدلا من المستضد نفسه.
الجهاز المناعي
وبغض النظر عما إذا كان اللقاح يتكون من المستضد نفسه أو من المخطط الأولي الذي يتيح للجسم إنتاج المستضد، فإن هذه النسخة الموهنة لن تسبب المرض للشخص الذي يتلقى اللقاح، ولكنها ستدفع جهاز المناعة إلى الاستجابة قدر الإمكان كما لو كانت استجابته الأولى للعامل الممرض الفعلي.
وقال المفتي: ما يعيشه العالم في هذه الآونة من انتشار فيروس كورونا وما تسبب فيه من الوفيات الهائلة: يجعل الأخذ بأساليب الوقاية وإجراءات الاحتراز من الوباء مطلوبا مرعيا، كما يجعل أخذ دوائه الآمن من الخطر عند توفره واجبا شرعيا.
حفظ النفس
فإذا تمكنت الجهات الطبية المختصة من إيجاد لقاح طبي يقي من الإصابة بالعدوي أو يقلل من احتماليتها، ولم يكن من ورائه مضاعفات أو أخطار، فتشرع المبادرة حينئذ لأخذ هذا اللقاح؛ لما في ذلك من حفظ النفس ووقايتها من الوباء.
وتقرر في قواعد الفقه أن للوسائل حكم المقاصد، فما يتوصل به إلى الواجب فهو واجب، وما يتوصل به إلى محرم فهو محرم، وحفظ النفوس من الهلاك واجب شرعا، فإذا كان الأطباء قد وجدوا لقاحا مناسبا ضد وباء كورونا، وأفاد المتخصصون أن تناوله يحمي من الإصابة بالوباء، ولا يترتب عليه مخاطر صحية أخرى، على مستوى الأفراد والمجتمعات، فالمبادرة إلى أخذه مشروعة، بل هي واجبة على من يفيد المختصون أن الحفاظ على صحته متوقف على تناول اللقاح، وقاية أو علاجا، لما في ذلك من حفظ النفوس من الخطر والتهلكة.
فيروس كورونا
اختتم المفتي فتاويه بقوله إن الأخذ بأساليب الوقاية من الأمراض واجب على من يخشى عليه الإصابة بها، واللقاحات الطبية من أهم وسائل الوقاية في العصر الحاضر، فإذا أفاد المتخصصون بأن اللقاح المعد للوقاية من فيروس كورونا، فعال في الحماية من الإصابة بالفيروس، وأنه لا يؤدي إلى مضاعفات أخرى، فإن أخذ اللقاح حينئذ مشروع، وهو واجب على كل من أفاد الأطباء المتخصصون أن الحفاظ على صحته متوقف على تناول اللقاح والدواء، وذلك حماية للنفوس من الفناء، وللمجتمع من أن يتفشى فيه الوباء.