بطولة جراح في العزل.. سافر آخر الليل لإنقاذ مريض كورونا من بتر ساقيه
المريض أصيب بانسداد حاد بالشريان الأورطي و شرايين الحوض عن طريق جلطة
الدكتور إيهاب أثناء العملية الجراحية
للإنسانية وجوه عدة، أعظمها ما يتجلى في مهنة الطب التي لا يعرف أصحابها الراحة، فلم يلبث أن يستفيق الدكتور إيهاب نبيل، من عناء الطريق الطويل الذي يقطعه يوميا من مقر عمله بمستشفى معهد ناصر للبحوث والعلاج بالقاهرة، إلى محل إقامته بمحافظة الإسماعيلية، بعد يوم شاق اعتاده وسط غرفة العملية وأدوات الجراحة الحادة، حتى التحق بمعركة جديدة لمريض حالته خطرة في مواجهة مع فيروس كورونا الذي تمكن من جسده العليل وبات مهددًا ببتر ساقيه إثر جلطات دموية عدة، متخليًا عن موعد راحته وساعات نومه القليلة التي كان يسترقها من يومه ليشحذ طاقته من أجل هدف أسمى من مجرد تأدية مهام وظيفته.
عقارب الساعة تجاوزت الثانية صباحًا، وبينما خيّم الهدوء على الشوارع في ظل برودة الجو، كسره صوت رنة الهاتف المحمول للطبيب الثلاثيني، جراح الأوعية الدموية، مكالمة هاتفية من أحد مسؤولي وزارة الصحة في الثانية صباحًا من فجر أحد الأيام في نهاية ديسمبر الماضي، يستدعيه لمهمة طارئة لإنقاذ مصاب كورونا يرقد بين الحياة والموت بمستشفى العجوزة بالقاهرة، غيّرت مسار يومه الذي وضع جدول مهامه باكرًا، وتحولت وجهة سيارته الملاكي إلى حيث جاء مرة أخرى دون تردد.
استدعاه أحد مسؤولي الصحة لمستشفى العجوزة لمصاب كورونا مهدد ببتر ساقيه
«مكنتش قلقان من العملية لكن قلقان أروح مستشفى العزل اللي فيها عشرات المصابين المؤكدين بالوباء القاتل، يعني إيه تروح برجليك لفيروس راعب العالم كله وتكون قريب بشكل مباشر من غير مسافة مع المصاب».. كلمات مقتضبة بدأ بها الدكتور إيهاب، حديثه لـ«الوطن» عن المهمة الإنسانية التي دفعته لأول مرة دخول مستشفى عزل، وعاد يرويها على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك رغم مرور شهرين على الواقعة التي لا يزال أثرها عالقا في نفسه.
وافق جراح الأوعية الدموية على استدعاء الصحة له على الفور، لعدم توافر طبيب جراحة أوعية دموية بمستشفى العجوزة، وطالبهم بتوفير الأدوات اللازمة للحالة إلى حين وصوله من الإسماعيلية إلى القاهرة: «عملوا ليه كل التحاليل اللازمة والأشعة المقطعية وحضروه للعمليات لحد ما أنا وصلت المستشفى وبدأنا العملية الساعة 8 الصبح»، بحسب قوله.
المريض عجوز سبعيني وعملية تسليك الشرايين استغرقت 3 ساعات
نحو 3 ساعات متواصلة، هي المدة التي استغرقتها عملية تسليك الشرايين للمريض السبعيني العجوز، إثر إصابته بانسداد حاد بالشريان الأورطي وشرايين الحوض عن طريق جلطة شريانية كبيرة سببت قصور حاد بالدورة الدموية بالساقين، وأصبح المريض مهدد ببتر ساقيه أعلى الركبة: «تم استخراج جميع الجلطات اللي تسببت في انسداد الشرايين وإنقاذ المريض وعرفت بعدها إنه تعافى وخرج بصحة جيدة من العزل»، بحسب قول الطبيب بطل الواقعة.
التجربة الأولى للطبيب الجراح داخل العزل يصفها بقوله: «روحت لقيت أبطال بمعنى الكلمة سواء أطباء أو تمريض أو خدمات معاونة، ناس مستعدة تضحي بحياتها في أي لحظة وراضيين»، مشيدًا ببطولتهم في مواجهة الوباء: «خرجت من المستشفى وأنا بفكر يا ترى الشعب المصري حاسس إزاي إن كل فرد في الفريق الطبي معرض للهلاك هو وأهله بسبب الوباء؟».