الوجه الآخر للعندليب.. «روح صوفية وأخلاق فلاحين وأعمال خير ومدح للنبي»
العندليب الأسمر الراحل عبدالحليم حافظ
مطرب عاطفي، من أنجح أبناء جيله، عشقه الكثير من أبناء الوطن العربي، ورددوا أغنياته التي حفظوها عن ظهر قلب، وفلاح أصيل، يقدّر ويعرف معنى وقيمة العائلة، ويتواصل مع أسرته وأهل قريته ومحافظته باستمرار، فضلا عن «الجانب الصوفي» في شخصيته، الذي حافظ عليه وتمسّك به، وظهر جليا في أغنياته الدينية، وما لا يعرفه كثيرون عن العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ (21 يونيو 1929 - 30 مارس 1977)، جانبه الخيّر، وإنسانيته، حيث ساهم في بناء جامعة الزقازيق بإحياء حفلات يذهب ربحها لبناء الجامعة، فضلا عن بناء مسجد في الزقازيق، ووحدة صحية في قريته «الحلوات»، وتدينه وعشقه للنبي الكريم.
روح صوفية و«كامل الأوصاف» للنبي
الكاتب الصحفي أحمد الخطيب، مدير تحرير جريدة «الوطن»، تحدّث عن العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، خلال حلقة اليوم من برنامجه «كلم ربنا»، الذي يذاع عبر أثير «راديو 9090»، قائلا إنّ العندليب الأسمر كان أمله كبير في الله بأن يجبر ضعفه ويجعل منه سرًا من أسرار قوته: «إحساسه بالحب كان فيه صوفية عجيبة، حتى لما كان بيغني لإنسانة سكنت قلبه حقق معادلة فريدة، لما خلى حبه للبشر جزء صغير من حبه لربنا، وأجيال كتير عجبها إحساسه لما غنى للحب، بس قليلين جدًا اللي أدركوا إن أصل الصدق عنده هو حبه لربنا».
«عبدالحليم حافظ كان صادقا في حبه لله، أحس الناس بصدقه وصدقوا كل كلمة حب جاءت على لسانه».. يتابع «الخطيب»، موضحا أنّ صوت العندليب كان فيه صوفية عجيبة، وكل أغنية من أغنياته قلبها صوفي وجوهرها حب لله ورسوله، فأغنيته الشهيرة (قولوا له) جوهرها صوفي، والمنشدون غنونها للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام».
وعرض الخطيب، جزءًا من أغنية العندليب، التي غناها للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقال: «أداها بقلبها الصوفي وجوهرها العاشق لله ورسوله»، وبالنسبة لأغنية «كامل الأوصاف»، فقال إنّها من أجمل الأغاني الرومانسية التي غناها العندليب الراحل: «قلبها كان صوفي، مرة الإعلامية القديرة سامية صادق، بتسأله، يا ترى وصفك لكامل الأوصاف ينطبق على مين، كان رده (سيدنا محمد)».
وعن مجموعة الأدعية الشهيرة، التي غناها عبدالحليم حافظ، قال «الخطيب»، إنّ إسماعيل شبانة شقيقه كشف تفاصيلها، حيث وجده يبكي عندما دخل عليه مكتبه في إحدى المرات: «وقتها حليم اداله مجموعة أوراق، كان فيها أدعية كتبها الشاعر عبدالفتاح مصطفى، وقاله ازاي أنا مغنتهاش لحد دلوقتي، اتصلي بالموجي»، وساعتها غنى لربنا.
وأتمّ: «حليم عاش مؤمن بربنا، وكان صابر على المرض، ومتعته في الحياة كانت إسعاد الناس حتى لو على حساب عذابه، وإحساس الألم اللي عاش فيه صفى روحه وسما بنفسه، وعاش زي الزهرة اللي كان بيغني ليها في واحد من أجمل أدعيته».
دوره في بناء جامعة الزقازيق
الكاتب خليل إبراهيم، تحدّث في كتابه «العندليب لا يغيب» عن دور عبدالحليم حافظ في بناء جامعة الزقازيق: «عندما بدأ التفكير في إنشاء جامعة الزقازيق بالشرقية، تحمّس عبدالحليم وأحيا حفلات لصالحها، ووضع بذرة الجامعة مع الدكتور فؤاد محيي الدين محافظ الشرقية، آنذاك، ثم كثّف الاتصالات حتى ترعرعت البذرة وظهرت جامعة الزقازيق».
واتفق معه محمد شبانة نجل شقيق العندليب الأسمر، مؤكدًا أنّ الراحل ساهم في بناء جامعة الزقازيق، وأحيا 5 حفلات غنائية وتبرع بأجرها لإنشاء الجامعة في سبعينيات القرن الماضي، كما أنشأ وحدة صحية في قريته الحلوات لخدمة المرضى.
ابن شقيق العندليب يكشف حقيقة نسبه للنبي: «من نسل الإمام الحسين»
«عمي الراحل ما زال حيًا بين الناس بفنه وأعماله الفنية الخالدة، والذكرى الطيبة والإنسانية هي التي تبقى، إلى جانب ما بذله من أجل الفن»، قال محمد شبانة، نجل شقيق الراحل، في مداخلة عبر برنامج «سكايب» مع الإعلامية ريهام إبراهيم في برنامج «من مصر» المذاع عبر فضائية «سي بي سي».
ينتمي «آل شبانة»، وهم أسرة الراحل عبدالحليم حافظ، لنسل النبي صلى الله عليه وسلم، عن طريق الإمام الحسين، حسب ما قال نجل شقيق الراحل، موضحا أنّ عائلة شبانة لديها شجرة عائلة في جمعية العائلة، والعندليب نفسه كان يعلم ذلك ولم يتحدث في الأمر.
جثمانه باقٍ كما هو رغم وفاته من عشرات السنين
وكشف «شبانة» عن تفاصيل اكتشافه جثمان عمه بحالته، مشيرًا إلى أنّ التربي أخبره بغرق المقابر بسبب مياه عين الصيرة، وكانت الذكرى الـ30 لوفاة الراحل، فحصلوا على تصريح من دار الإفتاء المصرية بالتعامل مع المقبرة، بحضور إمام مسجد الدندراوي ومجموعة من لجنة تخليد ذكرى عبدالحليم والعائلة، ووضعوا الكشاف وطلبوا منه النزول لمشاهدة جثمان عمه، وبالفعل نزل فرأى جثمان عمه الذي لم يره منذ 30 عاما: «نصحوني لو شفت شيء طيب في القبر أحكيه، لو شفت حاجة مش كويسة متكلمش، عمي مات غريب مبطون، ولما نزلت لقيت جثمانه زي ما هو، أنا مبدورش على تفسير للي شفته، ولا بسأل ليه جثمان عمي متحللش».
احتفاظه بأخلاق الفلاحين سبب عدم زواجه بالسندريلا
طرحت قناة «الشرق» الإخبارية، الحلقة السادسة من مذكرات الفنانة نادية لطفي، التي تنفرد بها وتنشرها لأول مرة على سلسلة حلقات، بعدما سجلتها لأول مرة قبل نحو 18 عامًا، ولم تخرج للنور طوال هذه السنوات، والتي تحدّثت فيها عن تاريخها الفني والسياسي والإنساني.
وروت نادية لطفي، شهادتها بشأن زواج عبدالحليم حافظ وسعاد حسني، مؤكّدة أنّ هناك قصة حب نشأت بينهما وليست مجرد نزوة أو علاقة عابرة، إذ وجد فيها حنان الأم الذي حُرم منه، وهي وجدت حنان الأب الذي حُرمت منه، على حد قولها.
وتابعت: «حليم كان يرغب في الزواج الرسمي والعلني من سعاد، لكن كانت هناك موانع حالت دون تحقيق رغبته، على رأسها طباع حليم، فبعيدا عن الأضواء والكاميرات، لم ينس حليم أبدا أنّه فلاح، تسكنه أخلاق الفلاحين المحافظة، وهو ما كان يظهر في عزله لأسرته بعيدا عن حياته العملية، فقسّم شقته إلى جزء مُحرّم غير مسموح الاقتراب منه، تسكنه أخته علية وبنات العيلة، وجزء يستقبل فيه أصدقائه ويدير منه شغله ويُجري فيه بروفاته».
وواصلت: «الفلاح الساكن تحت جلد العندليب كان صعب يرتبط بفنانة عندها التزامات ومعجبين، ووقتها مش ملك ليها وعندها طموح للنجومية والمجد زيه، وممكن تسافر لأيام متصلة بعيد عن البيت لو عندها شغل، عشان كده متجوزوش لأنه مقبلش بظروف سعاد، وهي مقدرتش تتنازل عن كل اللي حققته وتضحي بفنها».
يذكر أنّ عبدالحليم حافظ وافته المنية يوم 30 مارس عام 1977 في لندن، بعد معاناة طويلة مع المرض، عن عمر ناهز 48 عاما، ووصل جثمانه إلى مطار القاهرة الدولي يوم 2 أبريل، حيث قدّم الراحل أكثر من 230 أغنية على مدار مشواره الفني، فضلا عن 16 فيلما سينمائيا ومسلسل إذاعي.