يخطأ الكثيرون سواء في المزاح أو في المشاجرات بـ «سب الدين»، ورغم أن الشخص لا يقصد المعنى الحرفي لها إلا أن قد يكون ذلك ذنب كبير.
وورد سؤال على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية عن حكم سب الدين؟ وما جزاء مَن يفعل ذلك؟، وهو ما رد عليه الدكتور علي جمعة.
وأجاب جمعة بأن اتفق الفقهاء على أن مَن سَبَّ ملة الإسلام أو دين المسلمين فإنه يكون كافرًا، أما مَن شتم دينَ مسلم فإنه لا تجوز المسارعة إلى تكفيره، لأنه وإن أقدم على أمر محرَّم شرعًا إلا أنه لما كان محتملًا للدين بمعنى تدين الشخص وطريقته، فإن هذا الاحتمال يرفع عنه وصف الكفر، إلا أنه مع ذلك لا ينفي عنه الإثم شرعًا، لأنه أقدم على سب مسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»، كما أنه تجرأ بذلك على لفظ سَيِّئ قبيحٍ دائر بين الكفر والإثم، فإن سلِم من الكفر فإنه واقع في المعصية.
وأضاف أن قد نهى الشرع عن إطلاق الألفاظ الموهمة التي تحتمل معاني فاسدة، فكيف إذا احتملت الكفر وسب دين الإسلام، وعلى ذلك جرى كلام الفقهاء في تأثيم صاحبه واستحقاقه للأدب من قبل الحاكم، مع المنع مِن المبادرة بتكفيره، فمقتضى كلام فقهاء الحنفية كما يقول العلامة ابن عابدين في «رد المحتار على الدر المختار»: «أنه لا يكفر بشتم دين مسلم، أي لا يحكم بكفره لإمكان التأويل.
قال: ثم رأيته في "جامع الفصولين" حيث قال بعد كلام: أقول: وعلى هذا ينبغي أن يكفر من شتم دين مسلم، ولكن يمكن التأويل بأن مراده أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام، فينبغي أن لا يكفر حينئذٍ والله تعالى أعلم».
وأقره في «نور العين»، ومفهومه: «أنه لا يحكم بفسخ النكاح، وفيه البحث الذي قلناه. وأما أمره بتجديد النكاح فهو لا شك فيه احتياطًا، خصوصًا في حق الهمج الأرذال الذين يشتمون بهذه الكلمة، فإنهم لا يخطر على بالهم هذا المعنى أصلًا» اهـ. وجرت الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فقد جاء في الفتوى رقم 638 لسنة 1941م، لفضيلة المفتي الأسبق الشيخ عبد المجيد سليم: «لا يُفتَى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن، وأن من ذلك ما يقع من العامة من سب الدين، فإنه يمكن حمل كلامهم على محمل حسن، لأنهم لا يقصدون سب دين الإسلام» اهـ.
وبناءً على ما ذكر وفي واقعة السؤال رد جمعة: «فإن سب الدين أمرٌ محرمٌ شرعًا، فإن قصد به المتلفظ طريقة الشخص وتدينه وأخلاقه فهو آثم شرعًا مرتكب لمعصية سمَّاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسقًا، ولكنه لا يكون كافرًا ولا يجوز إطلاق الكفر عليه، أمَّا مَن سب الدين مريدًا به دينَ الإسلام قاصدًا عالمًا مختارًا فهو كافر مرتد عن الدين.»
تعليقات الفيسبوك