عماد أبوغازى: أبلغنا «عنان» باعتراض «الإخوان» على وثيقة السلمى فقال: سنصدرها بأكبر قدر من التوافق «مش لازم إجماع»
تحول الدكتور عماد أبو غازى في الفترة الأخيرة من قراء التاريخ إلى كتابته ورصده, بعد أن دخل طرفاً فاعلاً فى الحياة السياسية للفترة الانتقالية, كأول وزير للثقافة يدخلها مضطراً ويخرج منها راغباً, عندما قدم استقالته في 20 نوفمبر 2011 احتجاجاً على سياسة المجلس العسكري في قمع المتظاهرين. وبين اضطراره لـ"الدخول" ورغبته الأكيدة في "الخروج" تبقى مئات التفاصيل التى جمعها عن تلك المرحلة القلقة, راصداً مشاهد مختلفة من العلاقة بين الإخوان والمجلس العسكرى, تلك المشاهد التى من حظها أنها وقعت أمام شخص مهمته الأولى فى الحياة هو التاريخ, هناك تكمن أهمية الحوار مع الدكتور عماد أبو غازى, وزير الثقافة الأسبق, وإلي نص الحوار..
* كيف رصدت العلاقة بين المجلس العسكرى والإخوان؟ هل كانت «صفقة» أم «تفاهامات» أم «صراعاً»؟
- لا نستطيع الرصد الآن؛ فالوقت ما زال مبكراً، وأنا هنا أتحدث بحكم عملى كباحث فى علم التاريخ، فالحدث لا يمكن تحليله بشكل كامل إلا بعد فترة كبيرة على مرور الحدث.
هنا عدد من الشواهد علينا أن نطرحها لنفهم العلاقة بين «العسكرى» والإخوان، وأول هذه الشواهد هى إعادة تشكيل لجنة التعديلات الدستورية. هناك لجنة شكلها مبارك، وكانت تضم فقهاء دستوريين لمهمة محددة وتعديل مواد الدستور. وبعد خلع مبارك، أعاد المجلس العسكرى تشكيل تلك اللجنة بشكل جديد واضح عليه تغليب تيار الإسلام السياسى ومسانديه، وكان وقتها بدأ يتم طرح مسار محدد للفترة الانتقالية، يبدأ بدستور جديد ثم انتخابات، لكن اللجنة وضعت تصورا مغايرا يبدأ بتعديلات دستورية تُطرح للاستفتاء، ثم آلية محددة تبدأ بالانتخابات، ثم وضع الدستور الجديد، وكان هذا المسار ربما يراه الكثير يصب فى صالح تيار الإسلام السياسى، وأنه انحياز كامل من المجلس العسكرى لصالح هذا المسار.
* هل تكلمت مع المجلس العسكرى فى هذا الأمر؟
- لم أتكلم كفرد، لكن حينما شُكلت حكومة شرف، كانت الدعوة للاستفتاء قد طرحت، وكان مقررا له بعد 12 يوما من أداء اليمين الدستورية، وطرح وزير العدل عبدالعزيز الجندى فى أول اجتماع للحكومة مع المشير فكرة إلغاء الاستفتاء وإصدار إعلان دستورى مؤقت يوضع من خلاله الدستور أولاً لبناء مؤسسات الدولة، لكن المشير وقتها قال إن الدعوة للاستفتاء تمت، ولن نستطيع التراجع.
* المشير هو من قال هذا!
- نعم؛ لأن الاجتماع كان برئاسته، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من الوزراء كانوا يقولون إنهم مع «الدستور أولاً»، وهذا كان يسبب استنكارا كبيرا من جانب المجلس العسكرى.
* كانوا يوجهون لوماً للوزراء؟
- لا ليس لوما، وإنما كانوا يقولون إن هذا هو مسار الدولة، ويجب أن يلتزموا به.
* أتذكر أن الدكتور يحيى الجمل خرج وقال إن الدكتور شرف يفضل «الدستور أولاً»، والأخير نفى.
- لا لم ينف. الدكتور شرف أكد أنه مع «الدستور أولاً».
* أعلنها؟
- نعم، أعلنها بنفسه، وأغلب الوزراء أعلنوا ذلك، وأنا كنت أولهم.
* هل وجه «العسكرى» لك لوماً على ذلك؟
- لا، تقريباً «ما خدوش بالهم من ده فى البداية.. وركزوا مؤخراً»، ثم سارت الأمور بشكل غريب، فأجرينا تعديلات على دستور 71 تنص على إلغاء الدستور، والتعديلات نفسها معيبة، فالأمر كان يحتاج إلى لجنة لصياغة إعلان دستورى وليس لتعديل دستور 71.
هذا ما حدث من خلال الإعلان الدستورى فى 31 مارس 2011، وطبعاً الغريب أن بعض النصوص حصل فيها تغيير، مثلاً نص المادة 60 يقول إن أعضاء مجلسى الشورى والشعب ينتخبون أعضاء التأسيسية بدلاً من كلمة يختارون التى كانت موجودة. التعديلات كانت «مرنة»، ولم يكن مفهوما لماذا تمت، بالإضافة إلى أنه فى أكثر من موقف كانت احتجاجات التيارات الإسلامية بميدان التحرير فى كثير من الأحيان سندا للمجلس العسكرى، مثلما حدث فى جمعة قندهار.
* الإسلاميون وقتها أصدروا مثل تلك التصريحات؟
- فعلاً، كانت الهتافات مؤيدة لـ«العسكرى»، الأمر كان يبدو على أنه «استعراض عضلات» لصالح المجلس العسكرى، واستمرت الاحتجاجات حتى فض الاعتصام فى أول أغسطس 2011، وطوال هذه الفترة كان هناك مؤشر على أن هناك تفاهما بين المجلس العسكرى والأحزاب الإسلامية.
* هل كنتم تعرفون ما يدور فى الاجتماعات بين الأحزاب الإسلامية و«العسكرى»؟
- كحكومة، كنا نحضر الحوارات مع كل الأحزاب، وتحديداً موقف وثيقة السلمى، ولقد طلب منا المجلس العسكرى أن نطرحها، وكانت هناك تأكيدات على أنها ستصدر فى «إعلان دستورى مكمل»، ولكن تم عقد «اجتماع مغلق» مع الأحزاب الإسلامية، وبناء عليه رفض المجلس إصدار الوثيقة، وتم إلغاؤها.
الدكتور عصام شرف وقتها قرر إرجاء النظر فى الوثيقة، لكنهم لجأوا إلى الاحتشاد فى ميدان التحرير فى جمعة 18 نوفمبر التى كانت بمثابة تمهيد لأحداث محمد محمود. وكان هذا اليوم محددا له من قبلها بفترة من جانب قوى ثورية أن يكون «جمعة المطلب الواحد» للضغط من أجل تسليم السلطة، وفجأة تحولت الجمعة لصالح الإسلاميين، وأنا شخصياً أرى أن القوى المدنية كانت المثيرة لاحتشاد الإسلاميين فى الميدان لإخفاء مطلب تسليم السلطة، وهذا ما حدث وقتها فعلاً.
ثم، وبفضل المهندس محمد الصاوى، الذى أسس وقتها حزب الحضارة، عقدنا اجتماعا بحضور الأطراف الأربعة الرافضة للوثيقة، ومنهم: الدكتور أسامة ياسين ووحيد عبدالمجيد، وطرف رابع لا أتذكره، وتوصلنا لاتفاق حول صيغة الوثيقة تحدد طريقة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وسافرت بعدها فى رحلة عمل إلى الإمارات فى وأنا مطمئن.[Quote_2]
* الاجتماع كان يوم 15 نوفمبر؟
- فعلاً، وفى اليوم التالى اتصلت بالوزير منير فخرى من الإمارات، وفجأة وجدته يقول لى إن الأمور انقلبت رأسا على عقب، وإن حزبى «النور» و«الحرية والعدالة» رفضا الوثيقة، ورفضا الاعتراف بنص مدنية الدولة، وعندما قال رئيس الوزراء إننا سنؤجل مصير الوثيقة فأجلوا مليونية الجمعة كان ردهم «مش هنقدر نؤجل المليونية».
* الدكتور محمد مرسى من قال ذلك؟
- لا أعرف، أنا كنت خارج مصر وعدت فجر الجمعة 18 نوفمبر، وطبعاً وقعت أحداث المليونية، ومن بعدها فض الاعتصام المفاجئ الذى جرى «من ورا» وزير الداخلية ورئيس الوزراء.
* يعنى ذلك أن التعليمات كانت من المجلس العسكرى للشرطة؛ لأن بداية فض الاعتصام كانت من الشرطة المدنية؟
- فعلاً، فض الاعتصام فى البداية كان من جانب الأمن المركزى، ثم تدخل الجيش فى الأيام التالية.
* اجتمعتم وقتها.. ماذا جرى فى هذا الاجتماع؟
- كان اجتماعا عاصفا من 10 صباحاً وحتى 4 عصراً، وقررنا الاجتماع بشكل طارئ مع المجلس العسكرى، وكان الاتجاه لدى الحكومة هو الاستقالة، ولو كنا سنكمل ستكون لنا شروط محددة بأن نكون حكومة مؤقتة حتى انتهاء الانتخابات، وتشكيل لجنة تقصى حقائق فى أحداث محمد محمود وإعلان نتائجها، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين. وأنا فى هذه اللحظة تلقيت اتصالات من الشباب فى التحرير، وعلمت أن قوات الجيش والشرطة تطلق النار على المتظاهرين، فقررت النزول للميدان للتأكد من ذلك، وبالفعل تأكدت من ذلك، وعدت لمكتبى.. وأعلنت استقالتى.
* ألم تسأل نفسك لماذا قرر المجلس العسكرى فض الاعتصام وقتها؟
- لم يكن يفرق معى.
* والهدف؟
- سألت نفسى: ما الهدف؟ خاصة أن الاعتصام كان موجودا أمام مجمع التحرير منذ عيد الأضحى السابق لفضه بالقوة، ثم زادت الأعداد إلى 200 فرد ولم يعطلوا المرور، ولم يكن هناك مبرر للقوة والعنف وقتها، وبدأت الناس تنزل قبيل الانتخابات، وصاحب الحدث انشغال القوى الثورية بالمعارك المستمرة بعيداً عن الانتخابات، وإدانات مستمرة من الطرف الآخر للمظاهرات.
* تقصد الإدانات التى خرجت من الإخوان؟
- أحزاب الإسلام السياسى عموماً وتواصل الانتخابات. وكان الموقف بحذافيره أن تحدث قبل الجولة الثانية للانتخابات موقعة مجلس الوزراء، ومع انتخابات الشورى تقع أحداث بورسعيد. كأن هناك من يتعمد تفجير الوضع فجأة.
* نعود إلى الوثيقة، حضرتك قلت إن «العسكرى» اجتمع بأحزاب الإسلام السياسى دون علم الحكومة.
- ليس دون علم الحكومة، ومن حق «العسكرى» أن يجتمع بكل الأحزاب فى عدم حضور الحكومة. كانت هناك اجتماعات نحضرها وأخرى لا نحضرها.
* كنت مفوضا فى فترة مرض الدكتور السلمى بإدارة ملف الوثيقة؟
- وقت مرض الدكتور السلمى كان هناك فريق برئاسة الوزير منير فخرى عبدالنور مع وزير التعليم معتز خورشيد ووزير الصحة عمرو حلمى ووزير التنمية المحلية محمد عطية، وكنت أنا ومنير فخرى عبدالنور نحضر بشكل دائم.
* الدكتور السلمى قال إنك فى نهاية فترة الاستماع كتبت تقريرا بأن جميع القوى الليبرالية موافقة على الوثيقة بشرط حذف المادتين 9 و10 الخاصتين بالقوات المسلحة.
- هذه مسألة أخرى، غير وثيقة السلمى، متعلقة بموقعة السفارة الإسرائيلية والاحتقان الموجود وقتها، فدخلنا فى مفاوضات مع 13 حزبا وحركة كل منها على حدة.
* حضرتك ومن؟
- أنا ومنير فخرى عبدالنور. ووقتها الوثيقة لم تكن تطرح أصلا، لأن الدكتور السلمى كان مريضا.
* وحول ماذا دارت المناقشات؟
- حول قانون الانتخابات وطريقة وآليات تسليم السلطة.
* وهل تحدث التقرير النهائى لهذه الجلسات عن القوى الليبرالية؟
- الأمر لم يكن له علاقة بالقوى الليبرالية أو غيرها، الأمر كله كان يدور حول الانتخابات هل تجرى فى موعدها أم لا، و«الحرية والعدالة» تمسك بإجراء الانتخابات فى موعدها، ولم يكن لديه مشكلة فى نوعية قانون الانتخابات، بينما كانت الأحزاب الأخرى مصرة على إقامة الانتخابات فى موعدها، لكن بنظام القوائم الكاملة أو «الثلثين والثلث». وبعدها عقدنا اجتماعا مجمعا مع الفريق عنان، وكان موجودا الوزير أسامة هيكل وعدد من أعضاء «العسكرى» واللواء رفعت قمصان والمستشار حاتم بجاتو، ووقتها خرج تقرير مجمع عن كل لقاء منفرد مع الأحزاب وتم رفعه إلى «العسكرى».
* فى مرحلة الانتخابات، قيل إن الإخوان تمسكوا بنظام القائمة.
- لا، لم يتمسكوا بنظام القوائم، هم قالوا إنهم يوافقون على ما يتوافق عليه الجميع، شرطهم الوحيد كان إجراء الانتخابات فى موعدها.
* قيل إن «العسكرى» كان يريد إجراء الانتخابات بالنظام الفردى من أجل عودة رؤوس العائلات ورجال الوطنى.
- لا، المجلس العسكرى قرر فى البداية أن الانتخابات ستجرى بنسبة 50% و50%، ولم يكن لديه إصرار على الفردى.
* عندما أقر نسبة الـ50% فردى، الإخوان اعترضوا؟
- لا، الأحزاب الأخرى هى التى كانت تريد إما الانتخابات كاملة بالقوائم وإما نسبة الثلثين على الأقل، بالإضافة إلى الاعتراضات على دوائر الانتخابات، ولقد دارت المناقشات بوجود ممثلين عن 40 حزبا، وانتهت إلى تطبيق نظام «الثلثين والثلث»، وأن يترشح الحزبيون على المقاعد الفردية، رغم اعتراض الحكومة على المادة 5 التى سمحت بذلك.[Image_2]
* لماذا؟
- لأننا بذلك نمنع مواطنا من حقه فى الترشح فى الانتخابات، وسيطعن على ذلك بعدم الدستورية، لكن ما حسم الموضوع إعلان عدد كبير من الأحزاب أنهم إذا لم يسمح لهم بالترشح على المقاعد الفردية سيكون لهم موقف، وأعتقد أن وجهة نظرهم أن الطرف الذى يملك مرشحين حزبيين ومرشحين غير حزبيين ينزلون على المقاعد الفردية أحزاب الإسلام السياسى.
* الإخوان المسلمون يعنى؟
- ليس فقط الإخوان، السلفيون أيضا كان لديهم القدرة على المنافسة على الفردى.
* لكن لم تكن هناك توقعات بأن يحصل السلفيون على تلك النسبة من المقاعد، والناس ركزت معاهم بعد الجولة الأولى.
- لكن كان متوقعا أيضا أن يحققوا نتيجة.
* مَن مِن الوزراء فى حكومة شرف كان ضد المادة 5؟
- فى المرة الأولى كان أغلب مجلس الوزراء، والقرار تمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء، ولم يفرض من «العسكرى».
* المجلس العسكرى لم يفرض ذلك؟
- «العسكرى» أرسل القانون بهذا الشكل بعد المناقشة مع المستشارين القانونيين له، وعرض على الحكومة.
* ووافقتم عليه؟
- لا، كان هناك أغلبية وأقلية.
* من كان يرفض؟
- كان الرافضون للمادة 5 حوالى 4 وزراء، منهم أنا ووزير الداخلية.
* كان بينهم الدكتور قنديل؟
- لا أعتقد.
* هل كنت ترى أن أداء هشام قنديل كان يميل إلى التيار الإسلامى؟
- طبعاً.
* من الذى رشحه؟
- لا أعرف، لكنه كان رقم 2 فى وزارة الرى، ومعروف لماذا استقال الدكتور حسين العطفى وقتها.
* حضرتك لاحظت أن قنديل كان منحازا للتيار الإسلامى؟
- هذا حقيقى، ففى أثناء مناقشات حول قانون دور العبادة وقانون التمييز الدينى، مثلا، كان يميل إلى التيار الدينى.[Quote_3]
* نعود إلى قانون الانتخابات.
- ما دفعنا إلى تغيير القانون مرة أخرى هو ضغط الأحزاب، وتهديدها بالانسحاب من الانتخابات، فتم عقد اجتماع جديد مع المجلس العسكرى، وعدلت المادة 5، بالإضافة إلى الإعلان الدستورى لتحصينها من الطعن.
* ارصد لنا العلاقة بين «العسكرى» والإخوان فى هذه الفترة.. كانت فاترة أم قوية؟
- لم يكن هناك فتور فى العلاقة بين الطرفين، و«العسكرى» كان يحاول التواصل مع جميع الأحزاب، لكن التساؤل لدىّ كان حول الإصرار على طرح وثيقة السلمى للمناقشة مع الأحزاب، والتأكد من أنها ستصدر فى جميع الأحوال حتى لو لم يتم الاتفاق، ونحن فعلاً وصلنا إلى صيغة تفاهم مع الأحزاب الليبرالية التى كانت رافضة للوثيقة.
* ومتى رصدت اختلافا فى العلاقة بين الطرفين؟
- أحياناً كان يقال فى الاجتماع مع «العسكرى» إنه على مسافة واحدة من جميع الأحزاب، لكن الممارسات تختلف، تحديدا فى وثيقة السلمى وجمعة قندهار، كنت أشعر أنهم يرغبون فى الاستفادة من الإسلاميين، يمكن اتفاق على الاستفادة منهم. تحديد العلاقة ممكن يكون «صفقة» أو «مصالح متبادلة» أو «توافقا» بمظلة أمريكية.
* لديك شكوك فى أن يكون التوافق بمظلة أمريكية؟
- لا، أنا أقول الأطروحات المختلفة، وممكن أن «العسكرى» كان يشعر بالمسئولية الثقيلة التى تشبه «كرة النار»، وربما كان يريد أن يتخلص من جناح فى النظام فى ظل رغبة فى الحفاظ على مؤسسات معينة فى الدولة، واستعادة فعاليات مؤسسات أخرى، الأمر الذى ربما ينطبق على الإخوان والسلفيين الذين انطلقوا فى ممارسة السياسة بعد الثورة.
* هل ترى أن «جمعة قندهار» جاءت بتحريض من «العسكرى» أم استعراض قوة من الإخوان؟
- لا أعتقد أنها جاءت بتحريض. كانت استعراض عضلات ليس فقط من الإخوان، بل وصل الأمر إلى مجموعات إسلامية كانت تقول إنها قادرة على فض الميدان بالقوة، ثم عادت إلى التراجع عن تصريحاتها هذه.
* لماذا رفض الإخوان وثيقة السلمى من وجهة نظرك؟
- لأنهم كانوا يرفضون أى شىء يتعلق بالالتزام فى الجمعية التأسيسية، فضلاً عن أنهم يرفضون أى قيد على الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، لأنهم لو تراجعوا عنه مستقبلاً سيقعوا فى «حرج سياسى».
* حضرتك قلت إنك عرفت أن هناك اجتماعات أخرى بين «العسكرى» والأحزاب؟
- فعلاً، فى اليوم التالى ذهب ممثلون للأحزاب إلى «العسكرى»، وأبدوا اعتراضهم على الوثيقة، وأنهم مصرون على النزول للميدان للتظاهر.
* تقصد الأحزاب الإسلامية؟
- نعم.
* لكن الدكتور السلمى قال إنك كتبت فى تقريرك أن هناك توافقا للأحزاب الليبرالية على الوثيقة دون مادتى 9 و10.
- لا، أنا كنت خارج القاهرة وقتها، والتقرير الذى كتبته كان بخصوص اجتماعات الشباب، ولم يكن له علاقة بالأحزاب.
* هل ترى أن هذه الفترة شهدت توترا فى العلاقة بين الإخوان و«العسكرى»؟
- لا، والدليل أن «العسكرى» أرجأ حسم أمر الوثيقة حتى ألغيت، ولو كان هناك خلاف حقيقى لأصدر «العسكرى» الوثيقة.
* إذن المسألة كانت بالونة اختبار حول الوثيقة؟
- فعلا، كانت بالونة اختبار.
* هل تكلمت مع أحد أعضاء «العسكرى» بخصوص الوثيقة؟
- بشكل منفرد لا، ولكن كنا نتحدث فى الاجتماعات المشتركة بين الطرفين بصحبة السلمى ومنير فخرى عبدالنور.
* مع مَن؟
- الفريق عنان.
* هل كان متحمسا للوثيقة؟
- نعم، وقتها كنا نطلب تأجيل المناقشة إلى بعد العيد، لكنه قال لنا: «لازم ننجزها بسرعة».
* وعندما أبلغتموه برفض الإخوان، ماذا قال؟
- قال: «انجزوا إنتم أكبر قدر من التوافق الأول، ونحن سنصدرها، مش لازم إجماع من الكل»،
* وهل حققتم التوافق؟
- أحداث محمد محمود عطلت كل شىء، والأمور لم تكتمل ولكن كان هناك بدايات للتوافق، وأن التعديلات المطلوبة على المادتين 9 و10 ستكون مقبولة.
* «العسكرى» عاد وسحب المادتين.
- الوثيقة كلها، وليس المادتان فقط.
* الدكتور السلمى قال مرة إن الحكومة صوتت بالموافقة على إصدار إعلان دستورى مكمل بمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية، باستثناء وزيرين هما هشام قنديل وصلاح يوسف، ماذا كان رد فعل «العسكرى» على ذلك؟
- لم يصدرها.
* هل الحكومة صدمت فى «العسكرى» فى مسألة عدم إصدار قوانين تطالب بها الحكومة؟
- نعم، قانون الحريات النقابية مثالا على ذلك.
* لماذا لم يصدر؟ وماذا كانت حجة «العسكرى»؟
- إنه «مفيش داعى لتغيير أوضاع النقابات العمالية، وخلينا كده لغاية ما البلد تستقر».
* وماذا كان يريد «العسكرى» وقتها؟
- لم يكونوا يريدون الاستمرار فى السلطة، لكنهم كانوا يريدون المحافظة على مؤسسات النظام بشكل معين. هم تخلصوا من «جناح فاسد»، وعليهم أن يبقوا الأوضاع على ما هى عليه، بمعنى استيعاب جناح الثورة نحو الاستقرار والجمود.
* تعتقد أنهم كانوا مشغولين بـ«الخروج الآمن»؟
- فى البداية لا، ولكن تلك القضية بدأت تثار بعد أحداث ماسبيرو، فقبلها لم تكن هناك حاجات محددة ضدهم. يعنى مثلاً أحداث كشوف العذرية فى 9 مارس 2011 ممكن تقول عنها «خطأ فردى»، وكذلك موضوع ضباط 8 أبريل، لكن مع ماسبيرو ثم محمد محمود ومجلس الوزراء بدأ يكون هناك شهداء وأمور تستوجب المحاسبة.
* شعرت أنه بعد أحداث ماسبيرو بدأ التفكير فى الخروج الآمن؟
- لا أعتقد أن الفكرة نفسها طرحت أثناء أحداث ماسبيرو. وقتها كان هناك إمكانية لاستيعاب الأمور، ولكن بعد أحداث محمد محمود الأمر تكشف بقوة.
* هل تعتقد أنه كان هناك توافق غير منظور بين الإخوان و«العسكرى» لاستبعاد الدكتور محمد البرادعى من رئاسة الوزراء؟
- لا أعرف. لن أجاوب عن هذا السؤال.
* كيف رأيت العلاقة بين الإخوان و«العسكرى» بعد خروجك من الحكومة؟
- حصل لحظة فيها شد فى أعقاب الانتخابات البرلمانية بغرفتيها، خاصة بعد أحداث بورسعيد والاشتباكات التى حدثت حول محيط وزارة الداخلية، وكان وقتها نواب الإخوان يدافعون عن القوة المفرطة ضد المتظاهرين، فضلاً عن أن هذا البرلمان لم يقم بإصدار أى تشريع ضد المحاكمات العسكرية ولم يتخذ أى خطوات بشأن قضايا قتل الثوار.
* ومتى كانت «نقطة الغليان» بين الطرفين؟
- أنا لم ألحظ مطلقاً أى مراحل غليان بين الطرفين، حتى بصدور الإعلان الدستورى المكمل وحل البرلمان الإخوان استفادوا جداً منهما فى الانتخابات الرئاسية.
* كيف؟
- هناك كتلة من الأصوات التى نسميها «الكتلة العائمة» وقت قرار حل البرلمان حسمت رأيها بالتصويت لصالح الدكتور مرسى.[Image_3]
* تعتقد أن قرار حل البرلمان جاء بالاتفاق بين المحكمة الدستورية و«العسكرى»؟
- لا، هذا قرار قضائى واجب الاحترام مهما كانت وجهة نظرى فيه.
* هل تحدثتم أثناء إعداد قانون الانتخابات بأنه سيكون غير دستورى؟
- فعلاً، ولكن فقهاء دستوريين قالوا إنه دستورى لأنه متوافق مع الإعلان الدستورى الصادر فى مارس، فكانت هناك وجهتا نظر.
* هل ترى أنه كلما توطدت علاقة الجماعة بأمريكا تفوقوا على «العسكرى»؟
- لا.
* كيف ترى إقالة المشير والفريق؟
- أعتقد أنه لولا أحداث رفح وما حدث فى الجنازة، إقالتهما لم تكن تتم بهذه السرعة والعجلة.
* هل تعتقد أن الإقالة جاءت نقضا للعهد بين الإخوان و«العسكرى»؟
- لا أعرف. صعب جدا الحكم على ذلك حاليا، لكنى أعتقد أنه فى كل الأحوال لم يكن ليستمر تشكيل «العسكرى» لفترة طويلة.
* هل توقعت هذا الخروج؟
- لا لم أتوقعه، كنت أتوقع خروجا هادئا، ولكن إشارات خرجت من الرئيس مرسى فى خطابه الأول فى 1 يوليو حول تكريم قيادات «العسكرى» تعنى انتهاء دوره.
* هل المشير والفريق دفعا ثمن التعاون مع الإخوان؟
- لازم نفكر بطريقة أخرى، النظام داخل القوات المسلحة يتحدث عن تغييرات دورية كل فترة زمنية، ولكن أحداث الثورة أبقت القيادات الحالية مدة أطول، باستثناء المشير الذى يعتبر أطول عهد لوزير الدفاع، وحتى المشير نفسه كان يتكلم أنه بعد المرحلة الانتقالية دوره ينتهى.
* هل فعلاً «العسكرى» كان حريصا على عدم سيطرة فصيل بعينه على الحكم؟
- أرى أنه لم يكن هناك حرص بشأن تلك النقطة، فالأمور لا بد وقتها أن يكون المسار صحيحا منذ البداية. أن نكون قد بدأنا بالدستور أولاً، وتشكيل لجنة التعديلات الدستورية كان انحيازا.
* أكثر من شخص قالوا إن من شكل لجنة التعديلات الدستورية هو الوزير ممدوح مرعى، ألم يحاول المستشار محمد الجندى وزير العدل بعد ذلك أن يعيد التشكيل؟
- نحن أصلاً استلمنا مهام الوزارة، وباق 12 يوما على الاستفتاء، واللجنة انتهت من أعمالها والمواد مطروحة للنقاش.[Quote_1]
* كيف كنت ترى تركيبة المجلس العسكرى؟
- أغلبهم عسكريون بعيدون عن السياسية ألقى عليهم عبء العمل السياسى. بعضهم يفهم فى السياسة جدا
* مثل من؟
- وقتها كان واضحا جداً الفريق السيسى من خلال تعليقاته القليلة، واللواء العصار واللواء مختار الملا والفريق عنان أيضا.
* هل كان الأعضاء فى «العسكرى» لهم مساحة داخل الاجتماعات، أم كان المشير مسيطرا؟
- بحكم تكوين «العسكرى» فالمشير هو المسيطر، وأعتقد أنه كانت هناك نقاشات داخلية بينهم.
* ما التعليقات السياسية التى كانت تصدر عن الفريق السيسى؟
- مثلاً تعليقات حول أحداث السفارة الإسرائيلية والإضرابات الفئوية.
* هل المجلس العسكرى كان يقرب وزراء بعينهم فى حكومة شرف؟
- لم يكن هناك استبعاد لأحد، لكن بحكم الملفات التى تناقش كان يحضر وزراء الملف السياسى الاجتماعات المشتركة مع مجموعة السياسة.
* هل أنت متفق مع أن اختيار شرف كان بالتوافق بين الجماعة و«العسكرى»؟
- لا، نهائى.
* الدكتور معتز عبدالفتاح قال إن «العسكرى» أخطأ بتأجيل تسليم السلطة وكان يريد إعطاء الفرصة للقوى الليبرالية والقوى الثورية حتى تنافس، خاصة أنه قال إن التيار الليبرالى عمره عامان؟
- لا أعتقد أنها فرقت كثيرا، وأنا لا أتفق مع مقولة إن التيار الليبرالى عمره قصير، فعمره يتجاوز المائة عام.
* هل أخطأ التيار الليبرالى والثورة فى المرحلة الانتقالية؟
- الخطأ جاء من أنهم لم يدركوا أن الأمر سيحسم فى صندوق الانتخابات، وأنهم لم يتجهوا لتوحيد الصفوف، والقوى الثورية وقعت فى جميع الفخاخ التى نصبت لهم.
* هذه الفخاخ كانت من «العسكرى» والجماعة؟
- بغض النظر، نظام قديم ممكن، «العسكرى» ممكن أيضا، لكن ليس الإخوان، لأنهم وقتها لم يكونوا قد وصلوا للسلطة.
* ما تلك الفخاخ التى وقعوا فيها؟
- أحداث البالون وما أعقبها من اعتصامات فى يوليو مثلا، وغلق مجمع التحرير، هذه كانت فخوخا لإبعاد المواطنين عن الثورة، فضلا عن أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرهما، كانت انتقاما ماديا من الثوار، وكأنها آلة قتل جنونية فى يد السلطة وكانت تبث شعورا للمواطنين بأننا نعيش فى أزمة، ولكن الانتفاضة الحقيقية كانت فى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير 2012 التى حاول الإخوان و«العسكرى» أن يجعلوها «احتفالية»، ولكن المد الثورى كان أقوى، وبعدها بشكل غريب ينطلق فخ جديد اسمه «عصيان مدنى» بتاريخ 11 فبراير، «لا الذين دعوا إليه فاهمين، ولا معارضيه فاهمين».
* وقتها لم يكن للعصيان المدنى تأييد شعبى؟
- صحيح، وكان المفروض الاحتفال بـ11 فبراير يتم مثل 25 يناير، وهذا أيضا كان فخا مثل أحداث العباسية. لا تعرف من يدفع لذلك، الأمر الذى أثر على اتجاهات التصويت فى الانتخابات الرئاسية.
* هل ترى أن الإخوان ردت على سيناريو 54 مع الجيش؟
- جزئياً. فى الفترة من 52 إلى 54 استخدم مجلس قيادة الثورة وقتها الإخوان لضرب الحياة الديمقراطية فى مصر، وعبدالناصر حينما شعر بأن جناح محمد نجيب سينتصر، تحاور مع قيادات الإخوان وأفرج عنهم من أجل الوقوف بحيادية فى أزمته مع نجيب، لكن فى أواخر 54 حينما حشدت الجماعة لمظاهرات ضد مجلس قيادة الثورة، وما أعقبها من إعدامات إجرامية لقيادات الإخوان.
* السيناريو حدث بالعكس؟
- جزئياً، بوصولهم للسلطة.
* وأنت تقود المفاوضات مع «العسكرى» وبين الحكومة والإخوان، هل شعرت بـ«دلال» للإخوان عند «العسكرى»؟
- لا، لم أشعر بذلك.
* هل كانت المفاوضات من جانب الإخوان مقتصرة فقط على الدكتور أسامة ياسين؟
- لا، كان فيه لقاء فى سبتمبر 2011 بحضور الدكتور مرسى، وعدد من قيادات الحزب والجماعة، وشهد طرحا واضحا من مرسى بالموافقة على إجراء الانتخابات وفقاً للجدول المعلن دون تعديل، ووقتها لم يكن لديهم اعتراض على أى نظام انتخابى.
* كانت لديهم هواجس من «العسكرى»؟
- القلق الوحيد كان الخوف من عدم إجراء الانتخابات.
* تعتقد لماذا لم يكن هناك وزراء من الإخوان فى حكومة شرف؟
- الحكومة وقتها كانت مكبلة وأشبه بمهمة انتحارية وتنتقص من رصيدنا كل يوم بما فينا عصام شرف نفسه، وكان دائماً يتم استنزاف الحكومة فى معارك جانبية بحيث نظهر وكأننا «صفر اليدين»، ولم نقدم وقتها أى تطور فى قوانين مثل الحريات النقابية والمحليات والجمعيات الأهلية.
* هذه القوانين رفضها الإخوان؟
- لا. نحن قدمنا قانونا كاملاً للحريات النقابية كانت به أفكار مطروحة لقانون المحليات، وأرسلنا تصورا للمجلس العسكرى بشأن القانون ولم ينظر إليه، بالرغم من أن وقتها كنا نحتاج لمجالس محلية بعد حلها.
* العلاقة الإجمالية بين «العسكرى» والإخوان وفقاً لتقييمك كانت تفاهمات أم صراعات؟
- ليست صراعات، ولكن هل هى صفقة أم تفاهمات بين طرفين؟، طرف يريد التخلص من مشكلة بشكل معين، وطرف آخر وجدها فرصة ملائمة.. «ده ممكن يكون سيناريو»، لكن فى النهاية لا بد أن نقر بأن هناك انتخابات أجريت، وأطراف فازت فيها.
* ألم تلحظ غضب «العسكرى» من فوز الإخوان فى الانتخابات؟
- وقتها كنت قد تركت الوزارة.
* الوزير أسامة هيكل قال إن المشير توقع فوز الإخوان بنسبة 20%، هل هذا طُرح أمامك؟
- لا، لم أكن حاضرا هذا الاجتماع.
اخبار متعلقة:
550 يوماً من الصراعات والتفاهمات
د. على السلمى: «العسكرى» ضحى بمستقبل مصر من أجل تفادى الصدام مع «الإخوان»
أسامة هيكل: اقترحت إجراء استفتاء على وجود «العسكرى» ووافق المشير و 4 أعضاء اخرين.. لكن الأغلبية رفضت
المعتز بالله عبدالفتاح: حاولت إقناع الإخوان بأن«العسكرى» سيسلم السلطة فقالوا لى «ماحدش بيوصل السلطة و يسيبها و يمشى»
يحيى الجمل: الإخوان هم من أتوا بـ«عصام شرف» للحكومة لأنه عضو سابق فى الجماعة
وحيد عبدالمجيد: «عنان» التقى «الشاطر» قبل إعلان مرسى رئيسًا و تفاصيل الاجتماع «حلقة مفقودة»
«السلمى» في رسالة لـ«الوطن»: معتز بالله كان شريكاً في اختيار وزراء حكومة شرف
أشرف ثابت:الشاطر ومرسى وعنان اجتمعوا قبل نتيجة الرئاسة بـ72ساعة..ومعلوماتنا أنهم فشلوا فى الاتفاق
مصطفى بكرى: «طنطاوى قال لى: «العسكرى» كان مجتمعاً لمتابعة نتيجة الرئاسة ودخلت الحمام فخرجت لأجد مرسى رئيساً»
أحمد كمال أبوالمجد: المشير انحاز لفوز «مرسى» لأن التعامل معه سيكون أسهل من بلدوزر اسمه شفيق