أحمد كمال أبوالمجد: المشير انحاز لفوز «مرسى» لأن التعامل معه سيكون أسهل من بلدوزر اسمه شفيق
* كيف ترصد العلاقة بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان، خاصة أنك حضرت لقاءات بين الطرفين وتابعت الأمر كمحلل، العلاقة كانت صفقة بين طرفين أم صراعا؟
- لم أحضر لقاءات مع المجلس العسكرى وحده أو مع الإخوان وحدهم، اجتماعاتى كانت على مرحلتين، فى البداية كانت قبل تشكيل المجلس الاستشارى، وكنا فقط ندعى إليها ونجد فيها إخوانا وسلفييين، وقتها كانت الصورة غامضة بعض الشىء وكانت لدينا تساؤلات مثل: هل المجلس «العسكرى» بتشكيله وقتها معبر بدقة عن حالة القوات المسلحة، أم أن هناك وجهات نظر سياسية مختلفة بين الأعضاء؟، وهو ما ظهر بعد ذلك من خلال شخصية الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع الحالى، وأيضاً اللواء محمد العصار، فالعلاقة وقتها كانت غامضة لكنها كانت مؤسسية بمعنى أن «العسكرى» كان ينظر للإخوان كقوة ومجموعة ذات اتجاه واحد، والإخوان تنظر للعسكرى كقوه مناوئة، ويتمنون الخلاص منها، لجنى ثمار ما أحرزوه فى الانتخابات.. هؤلاء يستعجلون وهؤلاء يستبطئون ويضعون العراقيل.. هذا هو تعبير موضوعى عن الواقع لا اعتراض عليه.[Image_2]
* كيف ترى اللجنة التى شكلها الرئيس السابق لإعداد الدستور وكنت فيها والدكتور يحيى الجمل؟
- «مطولتش.. مطولتش»
* لماذا قام المجلس العسكرى بتغييرها رغم القامات القانونية والدستورية؟ هل لإرضاء الإخوان خاص أن اللجنة الجديدة غلب عليها الطابع الإسلامى برئاسة المستشار طارق البشرى؟
- لا، أعتقد هذه النقلة إلى طارق البشرى والمجموعة التى كانت معه، لم تكن أكثر من اختيارات فردية، البشرى كقاض له آراؤه وهو باحث «هايل» فى الإسلام، ربما وجد أنه يمكن إرضاء الإسلاميين به من خلال إرضاء الفرقاء، وهذا يفسر حضور البشرى لكنه لا يفسر غياب فلان وفلان، ما المجتمع مليان.
* هل تحدث معك أحد من المجلس العسكرى فى ذلك الوقت بشأن خروجك من تشكيل اللجنة؟
- عمرهم.. عمرهم.[Image_3]
* هل ترى أن اختيار المستشار طارق البشرى وصبحى صالح تم لإرضاء الإخوان؟
- لإرضاء التيار الإسلامى، أنا مقدرش أقول على طارق البشرى إنه إخوان بالمعنى الصحيح.
* ألم يكن هذا اتفاقا؟
- أعتقد أنها تقديرات يظن أصحابها أنها تخدم نوعا من التوافق وتقلل من التصادم الذى يدفع ثمنه الجميع.
* ألم ترصد ميل المجلس العسكرى نحو الإخوان بدرجة أكبر من القوى السياسية الأخرى؟
- لا.. لا.. أبداً
* ما الذى حدث إذن؟
- ما حدث أن الإخوان عندما فازوا فى الانتخابات.
* لا أنا أقصد فترة ما بعد الثورة مباشرة؟
- لا.. فى فترة ما بعد الثورة كان المجلس العسكرى يجمع الفئات المختلفة ويجتمع مع كافة الأطراف، لكن «إحنا مركزين مع الإخوان على اعتبار أنهم فازوا بعد ذلك»، ونريد تفسير المرحلة الأولى بأنها كانت مرتبطة بذلك ولكنى لا أعتقد، فالحوار كان مفتوحا بحضور الأطراف كلها، وعددياً لم يكن للإخوان أى تميز فى النقطة دى.
* هل الإخوان كانوا منفتحين معك فى وقت الثورة؟
- أنا موقفى من الإخوان مركب، بمعنى أنا توجهى الإسلامى له ينابيع أخرى، فأنا عائلياً لم أجد شيئا جديدا فى الإخوان، فوالدى كان نائب رئيس المحكمة الشرعية وخالى مفتى الديار المصرية، والعلماء الذين أعرفهم ولا أعرفهم كانوا يجتمعون فى منزلنا منهم الإمام أحمد شاكر، هذا هو الجو العام، فالإخوان لم يكن لديهم بريق كبير عندى، ولكن مثل جيلنا كله أعجبنا بحسن البنا، وقد تستغرب أننى لم أره فى حياتى إلا مرتين، فى المركز العام للجماعة فى حديث الثلاثاء، ولكن كان بداخلى تمرد على فكرة الانضباط، لأنى خلقت وولدت أحب الحرية، أستمع للآخر وأحبه وأقدر الكبير، ولكن لا أندفع فى عمليات تنفيذية مرتبطة بحركة سياسية، أنا خدمت بس مرة فى حرب 73، وقبلها بشوية كنا نجتمع فى مقهى أمام جامعة القاهرة من أجل التطوع فى الجيش.
* قلت لى سابقاً إن حوارات جرت مع الإخوان أثناء الثورة؟
- آه.. كانت مختصرة جدا.
* لكن بعد الثورة هل كان فيه حوارات مع الإخوان، هل اشتكوا من توجس تجاه المجلس العسكرى؟
- كانوا مبسوطين لكن الصراع بدأ بعد فوزهم فى الانتخابات، ووجدوا أنها فرصة تاريخية للثأر من نظام ظالم، وأنا متعاطف معهم ولكن أنا مختلف فى الوسيلة فالنجاة فى التوافق فى تلك المرحلة.
* ولكن قبل الانتخابات البرلمانية اتهم عدد من القوى السياسية المجلس العسكرى بعقد صفقة مع الإخوان، ألم تشعر بالصفقة؟
- للأمانة أبداً.. وأنا لم أشعر بهذا، لم نكن وقتها قد فرزنا المواقف النهائية والحقيقية لهذه الأطراف، حتى الشباب أنفسهم كانوا «رايحين جايين»، لم يكن هناك تبلور للمواقف بشكل محدد، المواقف نشأت تباعاً مع تطور الزمن.
* هل ترى أن الانتخابات كانت أول صراع حقيقى بين المجلس العسكرى والإخوان؟
- نعم لأن الإخوان اعتبروها فرصة حقيقية للثأر من نظام ظالم وليمارسوا دوراً حقيقياً فى الحركة المجتمعية، كان فرصة وجاءتهم من السماء، وكان غريباً ألا يستخدموها، ولكن هل يستخدمونها عن طريق مستعجل ولكن عن طريق أن أقعد مع الزمن دى 4 سنين أحسن علاقاتى وأتعلم ما لم أتعلمه فى سنوات التضييق هذا كان المسلك الأفضل، فى المقابل القوى الليبرالية تركت كل شىء وكانت مهمتهم فى الحياة دفن جماعة الإخوان «النهاردة قبل بكرة»، عاونتهم فى ذلك قوى كثيرة يجمعها نقص الذكاء، لأن المجتمع المصرى له مزاج معروف معتدل وسطى، يعذر المخطئ ويفتح الأبواب لعلاقات حميمة مع كل الأطراف، وأنت تعاملت معه على أنه مجتمع استقطابات.
* فى وقت الانتخابات البرلمانية بدأ الكلام على المجلس الاستشارى؟
- نعم.
* كيف ظهرت الفكرة؟
- قبل أن أقول كيف ظهرت، لا بد من التأكيد على أنها كانت تعبيرا عن حاجة متبادلة للتواصل بشكل أدق وأكبر وأن يكون له فعالية، ولو تسألنى عن رأيى وأنا لم أسأل أبداً، كنت أفضل أن يكون هناك مجلس مشترك يتم فيه التواصل بشكل مؤسسى وأن يكون هناك مجلس اسمه مجلس «قائدة الانتقال الثورى» فيه مدنيون وعسكريون.
* والمجلس العسكرى؟
- «مش فى تفكيره»، أو كما نسميه «عوار ثقافى» فالتوافق والتجمع حتى مع المتخالفين فى الرأى لا تتماشى مع النظام العسكرى.
* الإخوان انسحبوا أيضاً من «الاستشارى» بعد تشكيله؟
- فى الانتخابات.
* لماذا؟
- شعروا أن ميدان العمل الرئيسى يتطلب ألا يكونوا ذائبين فى هذا التجمع، هم لهم مهمات تتقرر فى مكان غير مكان الاجتماعات.
* فانسحبوا؟
- انسحبوا برفق، فالدكتور مرسى كان عضواً معنا لمدة شهور وكان شخصاً عاقلاً، وأنا عندى هواية تحليل الناس وكنت مركزا على الدكتور مرسى ورئيس حزب النور الدكتور عماد عبدالغفور، وكان الانطباع لدىَّ أن مرسى «بتاع تكتيك» ويعرف ما يريد وأن الخطوة تؤدى لأخرى، وأن رؤيته الفكرية التى طرحها فى المناسبات كانت معقولة، أما الدكتور عبدالغفور فكان هناك اجتماع استمر لمدة 6 ساعات مع المجلس تكلم فقط فى الـ15 دقيقة الأخيرة وكان كلامه عاقلاً وهادئاً، فقلت له أنا مراقبك طول الاجتماع، وقلت له نعقد معاهدة «إن قاطعتنى وصلتك.. وإن لم تزرنى زرتك.. وإن لم تحاورنى حاورتك» واكتشفت أنه يمتلك خلفية علمية وفقهية جيدة، والحوار بيجيب نتيجة.
* هل ترى أن الإخوان عندما نزلوا الميدان فى المليونية التى سميت «جمعة قندهار»، كان بتحريض من «العسكرى» ضد القوى الثورية؟
- آه. بس مسألة إنى أمتلك معلومة دى صعبة عليّا شوية عشان أتحدث فى هذا الأمر.
* لكن كتحليل؟
- لا تنس أن الإخوان نفسهم عندهم أجيال تمتلك رؤى مختلفة عن هذا، أنا جلست عشرات المرات مع شباب الإخوان فى أيام الثورة الأولى، والإخوان فيهم مكونات متعددة، مقدرش أنا مثلاً أشبه عبدالمنعم أبوالفتوح الذى قضى الجزء الأكبر من حياته فى الإخوان بالسلفيين، وكان منفتحا على مجتمعات أخرى وأمين نقابة الأطباء وبيسافر ويروح.
* ما الذى كان يريده «العسكرى» من الإخوان، والعكس فى هذه الفترة؟
- المجلس العسكرى كان يريد أن يصل بحركة الإخوان إلى السكون، فلا تنفلت ولا تنفصل، والإخوان كانوا يفكرون بأنه طالما المجلس العسكرى يؤيدهم فأهلا وسهلاً، ولكن لو جاء الوقت ووجدوا أن فيه قيدا على حركتهم «هيخافوا على مستقبلهم ومستقبل البلد» حسب رؤيتهم، فكان لا بد أن يقع هذه النوع من الخلاف اللى خد شكل لم أكن أريده، خاصة أن المجلس العسكرى الذى وعد فى أكثر من مرة بصدق بتسليم السلطة لمؤسسات مدنية منتخبة، وكان سيفعل ذلك فى أول فرصة ويخرج بسيرة عطرة ووفاء للوعد، فـ«مكنش له لازمة اللى حصل ده فى مسار العلاقات»، لأنها لن تُفهم فى إطارها الصحيح وستعطى الفرصة للمزايدات، مثل لا تعطيهم حق الخروج الآمن، أنا لا أدرى عن أى شىء تحديداً يتحدثون وهل من المصلحة أن نفتح ملفات لا داعى لفتحها، هذه حسابات دقيقة.
* ما رأيك فى تصريح الدكتور محمد غزلان بعد نجاح الدكتور محمد مرسى فى الانتخابات، حول الخروج الآمن لقيادات «العسكرى»؟
- لم يكن هذا ضرورياً ولا مناسباً، أنا أقول كمشاهد، بالنسبة للتصريحات فهى تحتاج للانضباط وأن ده يتكلم وده لا يتكلم، زى الأخ الفاضل اللى أذن فى المجلس وده يظن أنها خدمة للإسلام، ولكن تسمحلى ده «عبط»، ما هكذا تورد الإبل وربنا قال «اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» ولكن إنى أبقى غشيم وأعلم أنى غشيم وأتكلم كلام الغشم، فأنا أصيب جماعتى وفكرى وأيديولوجيتى بـ «حمق».[Quote_1]
* نرجع تانى للوراء لأسألك هل اختيار الدكتور عصام شرف رئيساً للوزراء كان بالاتفاق بين الإخوان و«العسكرى»؟
- معرفش دور الإخوان إيه، لكن المجلس العسكرى وجد فيه شخصا مهذبا نزل للميدان وقوبل بالاحترام، ويمكن التعامل معه طول الوقت، ولكنه «ما كانش ممكن» طوال فترته بعكس الجنزورى.
* بمعنى؟
- أنت عندك استمرار تنازع «الصلاحيات» وخلفيته لم تكن تسمح له بأنه «يخبط على الترابيزة» فى وجود المجلس العسكرى ولكن للجنزورى كان الأمر ممكن.[Quote_2]
* هل نصحت المجلس العسكرى بمنح «شرف» الصلاحيات فى ذلك الوقت؟
- لا.. لم يكن الأمر ممكنا، لكن أنت عندك دائماً خط رمادى بين المنصوص عليه والحاصل عليه، وكان المجلس العسكرى بيأخذ الاستشارى مأخذ الجد، وكنا نصر على رأينا، ومش عايز أرجع للفترة المباركية لكن أنا من طبعى أكره المصادمات، وأحب أقول رأيى مغلفاً بأكثر العبارات دقة، عشان توصل من غير ما تعمل لنا حرب أهلية.
* تتذكر أول اجتماع دعيت إليه مع المجلس العسكرى بعد الثورة؟
- مش فاكره لكن أتذكر انطباعاتى وقتها.
* ماهى؟
- انطباعات إيجابية، وأن الناس عندهم سعة صدر للحوار أكثر مما نظن، وليس فيهم الغلظة المتوقعة من قيادات عسكرية، استمر ذلك طوال الوقت، إلا فى الأوقات التى تجاوز فيها الشارع فى توجيه الاتهام للعسكريين وظهور صور المشنقة وغيرها، وكان وقتها تقال داخل الاجتماعات عبارات بينهم «معقول يا فلان إحنا نعمل كدا».[Quote_3]
* مين كان يقول؟
- المشير بيخاطب سامى عنان، ماهم كانوا بيقعدوا جنب بعض ويقولوا «عاجبك الكلام ده»، «الكلام ده مش معقول أبداً»
* هل المشير كان منزعجا من الانتقادات الموجهة إليه؟
- كان فقط منزعجا من عبارات الإهانة وإنكار الفضل والتهديد، هو معذور فأنا لا أفهم أن مجلسا عسكريا امتنع عن ضرب الثورة وحرسها يتعرض لهذا.
* ما الأهم عند المجلس العسكرى.. الخروج الآمن أم تسليم البلد؟
- هناك أمر غاية فى الأهمية وهو أن المجلس العسكرى كان مرتبطا بصلات قائمة أو مفروضة عليه مثل التعامل مع نظام قديم، فكانت إحدى قدميه فى دوره والمشير بصفة خاصة فى تنازل الرئيس، فى رواية لم يسلط الضوء عليها، ولكن ما فهمناه أن المشير ظل فترة مترددا حتى أبلغ الرئيس بقرار التنحى.
* هل هو من أبلغ الرئيس؟
- أبلغ من عن طريقه، وشفت اللواء عمر سليمان وقتما قرر الرئيس التنازل وكان حزيناً لأن ده هو لمسه فى الرئيس وأنا شخصياً هاتفنى الرئيس حينما قام بتشكيل لجنة تعديل مواد وضع الدستور وقالى إنى بكلمك عشان بنشكل لجنة لتعديل مواد الدستور وحاطط اسمك فيهم وقالى «تفتكر الشبان اللى فى الميدان دول فاهمين هما بيعملوا إيه»، فردى كان بسيطا وقلت له «أفتكر يا سيادة الرئيس إنهم فاهمين أكتر منى ومن سيادتك»، دة موقف لا بد أن يؤخذ بجدية وأن الفرصة قصيرة جداً ولا بد أن يتعامل معها بجدية ولم أشعر أنه لم يتعامل مع الموقف بجدية.
* حضرتك قلت لى إن المشير جه فى وقت وفرض على الرئيس التنازل عن الحكم، حضرتك عرفت ده إمتى، يوم التنحى؟
- عرفت هذا الأمر منذ فترة وتحديداً قبل إعلان الفريق أحمد شفيق ترشحه للرئاسة.
* بمناسبة الفريق شفيق.. ما تعليقك على تأخر إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وما دار حولها؟
- نمى إلى علمى من أشخاص أثق بهم أنه حدث تذبذب فى المراحل الأخيرة للانتخابات الرئاسية، وكان هناك رغبة من طرف ما بأن يعلن فوز أحمد شفيق ولكن الأمر تغير فى اللحظات الأخيرة، اعتقادى الشخصى بأن شفيق شخصية حاسمة وجازمة ولها كاريزما مقبولة ولكن لم يكن محبوبا من المجلس العسكرى.
* لم يكن محبوبا رغم كونه شخصية عسكرية؟
- نعم وأنا أعتقد وأتصور أن الرئيس مبارك كان يعطى لشفيق حجما كبيرا.. وهذا لم يكن فى صالحه؟
* يعنى هل تقصد وفقاً للمعلومات التى وردت إليك بأنه تم تغيير نتيجة الانتخابات؟
- جاءنى إحساس فى وقت من الأوقات بأنه يلعب بنا.. لدرجة أنى قلت فى جلسة مرة خلاص ما تريحونا وتعملوا قرعة، طالما الأمور قابلة للتدخل بعد ما ننفق كل ما أنفقناه فى الانتخابات، فطلع أخونا ضياء رشوان على التليفزيون يقول بما يوحى بأن شفيق الرابح، هل كان عنده معلومات، أعتقد أنه مش ضياء يطلع يبنى حاجة من عنده، ويبدو أنه فى فترة كان هناك رغبة وعزم على التدخل لصالح شفيق، لكن هذا لم يحدث ويقال إن المشير كان رأيه «لا»، نمشيها طبيعى وينجح اللى ينجح، بعد الإجراءات الأخرى اللى عملها المجلس العسكرى توحى بأنه كان قلقا من مجىء الإخوان.
* أى إجراءات؟
- حل مجلس الشعب.
* ترى أنه كان قرارا سياسيا وليس قضائيا؟
- قرار سياسى، فى لحظات الثورات يمتزج القضاء أحياناً بالسياسة، ويظن كل طرف أنه من الحكمة أن نسلك هذا المسلك وهذه قضية خلافية، وأنا من رأيى لو عايزين نؤسس دولة ديمقراطية حقيقية خلى القانون يأخذ مجراه.
* هل هناك إجراءات أخرى اتخذت خوفا من وصول الإخوان للحكم؟
- هو فيه أكثر من حل مجلس الشعب.
* لكنك تقريباً قلت إن المشير انحاز لفوزهم فى الانتخابات الرئاسية؟
- لا.. هو انحاز لعدم مجىء الآخر، مثل الناخبين بالضبط.
* تعتقد أن المشير كان يفضل مرسى على شفيق؟
- قد يكون تصور أن مرسى خارج هو وجماعته من أزمة وأن التعامل معهم، يكون أسهل من «بلدوزر» زى شفيق، وشفيق أيضاً أخطأ فى بعض تصريحاته التى أخافت البعض منه.
* أى تصريحات؟
- هعمل وأشيل وأسوى وألفاظ قاسية شوية على الآخرين، تعطى له صفة الحازم صحيح، ولكن أحياناً تحتاج للاستشارة والتروى والتأنى.
* ترى أن نزول عمر سليمان للرئاسة كان بمشاورة «العسكرى» وخروجه أيضا؟
- تلك المسائل لا أحب أن أفتى فيها بالاستنتاج، ولكن من الممكن أن تكون مشاورات سليمان كانت تشمل جهتين، أن مبارك يستريح له أكثر لو جاء وأن المجلس العسكرى يفضله على شفيق، لكنها تبقى فى منطقة الاستنتاجات.
* ما أبرز النصائح التى كنت توجهها للمجلس العسكرى سواء داخل الاستشارى أو فى الجلسات التى سبقته؟
- طول الوقت كنت أتحدث عن التوافق، لو خدت مواقف الجهات كلها ووضعتها بجانب بعضها ستجد فيه توافق على 85% من الأمور، مش هنقطع هدوم بعض على 15%، فتعالوا ننطلق لحماية الثورة.
* من لفت نظرك من أعضاء «العسكرى» فى الاجتماعات؟
- بدرجات متفاوتة 3 أفراد، المشير شخصياً كان له دور فعال، كنت أشعر أحياناً أنه يحزن حينما يجد قدحا وسامى عنان كان هادئاً وطويل النفس فى المناقشات ولم يقل عمره كلاماً غير معقول، العصار كان صريحاً، فأتذكر أنه حضر بمفرده فى أحد اجتماعات الاستشارى للتناقش معنا وكان حساساً للغاية دفاعاً عن كرامة القوات المسلحة.
* هل ترى أن أزمة الجمعية التأسيسية للدستور كانت محل خلاف بين «العسكرى» والإخوان؟
- أظن أنها كانت بداية اتجاه الطرفين للمغالبة، فهنا تتجه المغالبة للمصادمة.
* هل حاولت التدخل للتوسط بينهما؟
- من بعيد فقط.. وأعلنت رأيى فى الصحف والاجتماعات.
* لكن هل مثلاً كلمت الدكتور مرسى والمشير قلتلهم عايزين نقعد؟
- لكى أعمل وساطة يبقى فيه «إذن معايا» ولكن الطرفين كانا غير سعيدين بوجودى.. لكن كنا فى الجلسات نقول نفس الكلام.
* ولماذا كانوا يدعونك للاجتماعات؟
- «يعنى كمان هيطلعونى من المجلس الاستشارى».. واطلع كدا بره كله مرة واحدة.. عموما العلاقة على المستوى الإنسانى جيدة للغاية سواء «جلسات الغذاء» وأستقبل بعضهم من حين لآخر.
* ما أبرز أخطاء «العسكرى» خلال الفترة الانتقالية؟
- تطويل الفترة الانتقالية وكثر الجدل حولها وبعض المطالب كان لا بد أن تكون أكثر فاعلية.
* أكثر فاعلية ولا أكثر حسماً؟
-الاثنين.
* مثل؟
- عدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية التى أخذت وقتا طويلا ثم مناقشات وضع الجيش فى الدستور وحول دورها مما يوحى بانطباعات أن المؤسسة العسكرية تريد أن تكون سلطة فوق السلطات، وأيضاً ظلت العلاقة غامضة بين المجلس العسكرى وكيان القوات المسلحة نفسها.
* بعد نهاية الفترة كيف ترى العلاقة وهل كان معبرا عن جسم الجيش؟
- فى الأساسيات آه، قد يكون فى الجيش من غضب من «العسكرى» واعتبره مفرطا فى كرامة الجيش.
* هل كانوا متخوفين من انقلاب داخلى؟
- لم تكن هناك أى ظواهر لانقلاب داخلى، لكن بس ميدان التحرير والميادين الأخرى تمثل بؤرة مشتعلة طول الوقت، وكانت مصدر قلق.
* هل الإخوان ساعدوهم فى تهدئة ميدان التحرير فى بعض الأوقات؟
- نعم.. أعتقد ذلك، فى لحظات قدرتها الجماعة بأنها مصيرية وفرصة للفوز بدور أوسع، وكانت هناك أزمة داخلية داخل الجماعة «نقلل العيار ولا نزوده».
* هل الإخوان كانت متوجسة من استمرار «العسكرى» فى السلطة؟
- فى الأول آه.. لكن بعد كده من تصريحات «العسكرى» المتكررة بتسليم السلطة صعب يقولوا كدا.
* هل تكلم أحدهم عن الهواجس دى من الإخوان؟
- بعضهم فعلاً كان يردد بأن العملية طولت، بيضحكوا علينا ولا إيه، لما المجلس العسكرى زود العيار وقال إنه بيستعجل الفرصة لتسليم السلطة، والكلام ده قالته هيلارى كلينتون لنا بأن «العسكرى» عايز يمشى.
* هل كان هناك توافق بين «العسكرى» والإخوان فى قضية التمويل الأجنبى؟
- يظل هذا سراً بالنسبة لى، وأنا أعتبرها خيبة كبيرة.
* هل ترى أن أمريكا انتصرت للإخوان على المجلس العسكرى فى الفترة الأخيرة؟
- أمريكا تمارس التجربة والخطأ، فى أكثر الأمور وثقتى فى حكمتهم «مش كبيرة» وهى تلعب لمصلحتها، وأنا فى اجتماعات مع هيلارى كلينتون واجتماعات مع جون كيرى «الكيميا مشتغلتش بينا خالص».
* هل هم فى تلك الفترة كانوا يميلون أكثر للإخوان؟
- فقط يدرسون، ولم يصلوا لنتيجة لأن عندهم أكثر من رأى فى الموضوع.
* وهل تعتقد أنه فى الفترة الأخيرة حسموا الصراع بين «العسكرى» والإخوان لصالح الجماعة؟
- لا.. أنا أعتقد أن الصراع قد حسم بأمر خارجى وهو ما وقع فى سيناء، وهو ما جسم ونقل للرأى العام بحماس مما يسىء لصورة القوات المسلحة، فسكتت القوات المسلحة على الطريقة التى خرجت بها القيادات.
* ترى أن الإخوان قد ردوا على سيناريو 54؟
- لا أعتقد.. أنهم رابطين الربط بتاع 54، المعارك متوازية وليست متواصلة.
* لكن هناك مرة حصلت معركة بيانات بين الطرفين، والمجلس العسكرى قال الماضى ليس ببعيد؟
- كلها عبارات غامضة لكن هم «أدرى»، فعينهم على بعض أكثر مننا.
* وهل ترى أن تشرذم القوى الليبرالية والثورية، أدى لتشابك العلاقة بين الجماعة و«العسكرى»؟
- ما مفيش قوى ثالثة.. وجسم الثورة ليس له قيادة معروفة، فى الاجتماعات كان بيقعد قدامنا صف فيه 10 هذا عن كذا وده عن كذا، وفيه اختلاف كبير فى التجربة، التى تنضج فيها الأفكار على نار هادئة.
* هل توافقت الجماعة و«العسكرى» على مرشح للرئاسة وليكن منصور حسن؟
- أعتقد أن هذا لو صح.. لم يستمر لأكثر من أيام.
* ولماذا لم يستمر؟
- بسبب اختياره أحد العسكريين وهو اللواء سامح سيف اليزل كنائب له، وده سبب له مشكلة وأنا أرى أن منصور حسن تردد طويلاً فى القرار هل كان الأفضل له أم لا.
* هل من الممكن أن يكون الإخوان أعطوا له تطمينات ثم تراجعوا؟
- وارد.
* ما سبب التراجع عن وعد الجماعة بعدم الدفع بمرشح رئاسى؟
- من الطبيعى أنهم لا يريدون أن تفلت منهم فرصة، فتاريخهم يقول هذا.
* هل جاء ذلك بسبب علمهم أن المجلس العسكرى سيدفع بعمر سليمان؟
- مخاوف.. وشفيق أيضاً شكل مخاوف حقيقية، وعن عمر سليمان، خلينا نقول إن الناس دى تعرضت لحبس ولظلم سنوات طويلة ده منقدرش نفر منه، فلما يعرفوا أن عمر سليمان كمان له دور كبير فى مسائل أمنية وأن شفيق أيضاًً، فلا بد من موقف دفاعى مفسر بمنطق «اسبقه قبل ما يسبقك» نملك فرصة تاريخية من أجل فرض الأيديولوجية، كنت بشعر أحياناً أنهم بيحتفلوا بالحرية ولا «تقولى كانى ولا مانى».
* ما النصيحة التى قلتها للمجلس العسكرى واستجاب لها بسرعة، وما التى ألححت فيها ولم يستجيبوا لها؟
- لا.. مش نصائح مباشرة، من جانبى كان هناك إلحاح دائم أن من الخطايا الجسيمة عدم البدء بوضع الدستور، هل من المعقول أن 13 شخصا يترشحون للرئاسة وينفقون أموالاً ولا يعلمون حقوقهم وواجباتهم!!
* حضرتك شايف إن الإخوان استغلوا السلفيين فى صراعهم مع المجلس العسكرى؟
- لا إحنا منعرفش.. لأنى مليش يد فى العمل العام، فكثير من الناس فوجئوا بالسلفيين، وكأنهم «جايين من المريخ»، خاصة فى الإسكندرية بسبب أعدادهم الكثيفة، ولكن السلفيين لم يكن لهم أى معارك ثأرية مع أى طرف، بعكس الإخوان.
* لكن المظاهرات كانت دائماً فيها إخوان وسلفيون؟
- فيه حوارات بين الطرفين، تعرفها تلك الأطراف.
* هل المليونيات كانت تقلق المجلس العسكرى؟
- بالتأكيد.
* وهل الإخوان استخدموها لإصابته بالقلق؟
- هو قلق من غير الإخوان، كان يخشى من الانفلات فيها وبعضها هو ساهم بعنف فى تحجيم تلك التظاهرات وتصفيتها؟
* مثل؟
- الأحداث الكبيرة مثلا.
* تقصد حضرتك محمد محمود ومجلس الوزراء؟
- نعم.. حيث نشاهد فى الإعلام تبادل إطلاق الحجارة بين الطرفين وهما لايعرفان بعضهم البعض، وعليه فالحديث عن طرف ثالث أشعل الأحداث غير مستبعد.
* لماذا أيد الإخوان الجنزورى ثم تراجعوا وطلبوا إقالته؟
- جهاز المعلومات والتقييم عندهم يحتاج لتغذية، فموقف التأييد والعداء لشخص يحتاج لتقييم.
* هل كنت ترى أنه صراع أساسى مع «العسكرى» وليس مع الجنزورى؟
- آه.. لأن «العسكرى» هو الذى يحكم.. ولكن الرجل أدى دور يشكر عليه.
* ماذا عن علاقة الإخوان و«العسكرى» بالبرادعى، هل هم متوافقون على استبعاده؟
- أنا مش عارف، الأمر يوحى بهذا ولكن الأسباب غير مقنعة، فالبرادعى مش تصادمى، فهو جاء من الخارج بأمر وطنى رومانسى، فهو ليس له أجندة مصلحية، كل ما يؤخذ عليه أن أوقاتا يتحمس ويظهر فى الصورة وأوقاتا يغيب عنها.
* هل كان هناك اتفاقات بين الطرفين على تهميشه؟
- أنا «مستصعب» شوية حكاية الاتفاقات، ممكن توافقات وتفاهمات، التقاء المصلحة فى التخلص منه، والنتيجة واحدة.
* هل تتوقع أن يقدم المشير والفريق للمحاكمة خلال الفترة المقبلة؟
- أتمنى ألا يحدث هذا.
* لو وضعت عنوانا للعلاقة بين «العسكرى» والجماعة فى الفترة الانتقالية، ماذا يكون؟
- ارتباك متبادل.
* على عكس البعض ما بيقول إنها صفقة؟
- الحقيقة أنه ارتباك مثل «الزيجزاج»، التعاون مش هييجى مرة واحدة ويروح شايل المشير وسامى عنان بهذه الطريقة، هما نفسهم بداخلهم بيقولوا «نعمل دى ولا نعمل دى» الذى رجح عندهم هذا حجم المسئولية المفترضة للقوات المسلحة عن أحداث سيناء، فيما يتعلق بالأمن القومى، وهما استغلوا هذا الأمر واستطاعوا توظيفه.
* هل استطاع الإخوان اختراق المجلس العسكرى؟
- مش اختراق لا أظن هذا.
* المجلس لم يحقق خروجه الآمن، هل ترى أنه كان يسعى لخروج آمن منذ اللحظة الأولى لوجوده بالسلطة؟
- طبيعى.. أداؤه فى الحصول على هذه لم يكن فعالا.ً
* هل كان هدف المجلس الاستشارى مواجهة الإخوان والبرلمان؟
- كان يضفى على أعمال المجلس العسكرى صفة المدنية، فالحوار بين مؤسسة عسكرية وأخرى مدنية بشأن توجيه المشورة، لا أريد أن أقول النصح لأنها ثقيلة على النفس، وقد أدى هذا الدور جزئياً ولكن ليس من مقام عال، فمقام الاستشارى أرى أنه كان لا بد أن يكون أعلى من هذا من أجل أن تُسمع النصيحة بمزيد من الجدية، وكانت هناك فترات فتور فى العلاقة بين الطرفين.
* هل كان يأخذ المجلس العسكرى مطالب الاستشارى بجدية، يعنى ما الطلب الذى ألححت عليه؟
- لا أتذكر تحديداً الآن.. إنما منذ الحديث عن قانون الطوارئ وانتخابات الرئاسة، بدأت الخلافات تدب على السطح.
* هل «العسكرى» افتقد الشجاعة لإصدار إعلان دستورى مكمل يضع معايير التأسيسية، كانوا خايفين من الإخوان؟
- لا أعتقد الأمر يصل للخوف، بل نقص كفاءة فى الأداء.
* هل تم الإصرار على ذلك الأمر؟
- فى اجتماعاتنا المشتركة كنا بنتكلم عن المعايير طبعا.
* هل أخذ أحد رأيك فى الإعلان الدستورى المكمل الملغى من قبل الدكتور مرسى؟
- نهائياً.. على الرغم من أن المشورة «أذن وعين»، إنما لسبب لا أدريه يمكن أنا أدائى كان مستفزا.
* هل ترى أن فى اجتماعات المجلس العسكرى معكم كان يدار الأمر بالتصويت أم أن المشير هو الذى يدير كل شىء؟
- فيه صورة نراها أمامنا فى الجلسة، لا أعرف ما يدور قبلها أو بعدها، مرة واحدة فقط خيل إلىّ أن المجلس غير منسجم.
* متى؟
- حينما كانت الأمور مشتعلة والمشير غاضبا، من توجيه اتهامات للقوات المسلحة بهذا الشكل، ولكنه عاد للهدوء بعد وقت قصير.
* ولكنك لم تشعر بأنه يدير كل شىء؟
- لا تنس أن الأقدمية فى الجيش لها أمر فاصل.
اخبار متعلقة:
550 يوماً من الصراعات والتفاهمات
د. على السلمى: «العسكرى» ضحى بمستقبل مصر من أجل تفادى الصدام مع «الإخوان»
أسامة هيكل: اقترحت إجراء استفتاء على وجود «العسكرى» ووافق المشير و 4 أعضاء اخرين.. لكن الأغلبية رفضت
المعتز بالله عبدالفتاح: حاولت إقناع الإخوان بأن«العسكرى» سيسلم السلطة فقالوا لى «ماحدش بيوصل السلطة و يسيبها و يمشى»
يحيى الجمل: الإخوان هم من أتوا بـ«عصام شرف» للحكومة لأنه عضو سابق فى الجماعة
وحيد عبدالمجيد: «عنان» التقى «الشاطر» قبل إعلان مرسى رئيسًا و تفاصيل الاجتماع «حلقة مفقودة»
«السلمى» في رسالة لـ«الوطن»: معتز بالله كان شريكاً في اختيار وزراء حكومة شرف
أشرف ثابت:الشاطر ومرسى وعنان اجتمعوا قبل نتيجة الرئاسة بـ72ساعة..ومعلوماتنا أنهم فشلوا فى الاتفاق
مصطفى بكرى: «طنطاوى قال لى: «العسكرى» كان مجتمعاً لمتابعة نتيجة الرئاسة ودخلت الحمام فخرجت لأجد مرسى رئيساً»
عماد أبوغازى: أبلغنا «عنان» باعتراض «الإخوان» على وثيقة السلمى فقال: سنصدرها بأكبر قدر من التوافق «مش لازم إجماع»