أسرة مصطفى عبيدو لـ«الوطن»: الشهيد كان بيجيب حلويات لأطفال سيناء
أسرة الشهيد مصطفى عبيدو تخطف الأنظار في احتفالية يوم الشهيد 2021
الرئيس عبدالفتاح السيسي يكرم أسرة الشهيد مصطفى عبيدو
في مكالمة هاتفية تلقتها يوم 11 فبراير 2020، لم تتخطَ كلمات معدودة «شدي حيلك يا أمل، البقاء لله»، تسربت من أذنها إلى قلبها الذي اعتصره الألم والحزن، ليجري على لسانها صيحات متصلة من فرط الصدمة، لم يهدأها عنها سوى نجلها البكري بكلمته الطفولية «معلش»، لتتحول إلى «زوجة الشهيد»، اللقب الذي تحمله بفخر، إلى أن تتحقق أمنيتها في أن يمد زوجها الراحل مصطفى عبيدو يده لها بعد وفاتها ليدخلها معه الجنة.
أسرة الشهيد مصطفى عبيدو تخطف الأنظار في احتفالية يوم الشهيد 2021
أمل عبيدو، زوجة العميد أركان حرب مصطفى عبيدو، الذي توفى العام الماضي، بسيناء أثناء تصديه للإرهاب بقوة الجندي المصري، تركت بصمة واضحة مع نجليها بين الجميع اليوم، ورسخت صورة زوجها الراحل بالأذهان، لدرجة أن سالت دموع بعضهم، وفي مقدمتهم، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالندوة التثقيفية الثالثة والثلاثين للقوات المسلحة بعنوان «لولاهم ما كنا هنا»، بمناسبة الاحتفال بـ يوم الشهيد، بمركز المنارة الدولي للمؤتمرات بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة.
ظهرت زوجة عبيدو ونجليها «سيف ولوجين»، في الفيلم التسجيلي بالندوة بعنوان «حلم الشهيد»، بصوت أم حنونة وزوجة فقدت «السند والظهر»، تجاهد دموعها حديثة العهد التي خطت مسارها على وجهها، لتقاومها ابتسامات بسيطة تحمل فخرًا كبيرًا، حيث سجلت تلك اللقطات بعد أيام من استشهاد زوجها تمهيدًا لعرضها بالندوة التثقيفية ليوم الشهيد العام الماضي، والتي تم تأجيلها بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، لترى النور اليوم.
علمت أمل عبيدو بتكريمها في الندوة يوم جنازة زوجها، الذي شيع جثمانه العديد من القيادات العسكرية والشعبية والآلاف فى قرية وردان بمحافظة الجيزة، مسقط رأسه، وأثناء التحضير للندوة هذا العام، حرص المسئولون عنها على مشاركة نجليها بأغنية «ابن الشهيد»، على حد قولها.
أمل عبيدو لـ«الوطن»: كلامي في الفيلم كان تلقائي.. والشهيد كان بيجيب حلويات للأطفال في سيناء
لم تستعد زوجة الشهيد للفيلم التسجيلي بكلمات معينة مسبقًا، وإنما تحدثت على سجيتها «قولت اللي جوايا»، بمشاعر حقيقية، ورغم تأثر الملايين بكلماتها لكنها تجدها «مهما اتقال مش هقدر أوفي له حقه»، حيث تعتبره شخصًا مميزًا للغاية، كأب حنون وزوج مخلص وابن بار بكل أسرته وضابط شجاع، جمع في خصاله كل الصفات المميزة، على غرار كل الشهداء الذين قدمتهم مصر، في رأيها.
ومن بين المواقف المميزة التي تأثرت بها لزوجها الراحل، وروتها أمل عبيدو لـ«الوطن»، بصوت يغلبه البكاء والحنين، هو أنه «لما كنا بننزل نشتري حاجات للبيت، كان بيجيب حلويات، مع أنه مش بياكلها، ولما سألته أول مرة قالي ده علشان لما بنعمل مداهمة وندخل قرية في سيناء مش بنرهب الناس، احنا بنحميهم، وبحب أديها للأطفال علشان أطمنهم وأفرحهم».
وبحب بالغ، كانت ترد على ابنتها لوجين، على سبيل المزاح، حينما كانت تحدثها عن رغبتها في الزواج مستقبلا بشخص أشبه بوالدها مصطفى عبيدو، بأنها: «كنت بقولها بابا ده مش هتلاقي زيه اتنين، هو واحد بس وأنا أخدته»، كونه كان شخصا مميزا للغاية، يحرص على مساعدتها بالمنزل في أوقات إجازته رغم إرهاقه، والمذاكرة لأبنائه والاهتمام بأسرته، لذلك ترى أن «الشهيد بيعيش حياته كلها شهيد على الأرض».
مازالت تحتفظ ببقايا متعلقات زوجها لحظة استشهاده حتى الآن، من «البيادة والحزام العسكري الملطخ بالدماء والكارنيهات وسماعة واحدة وبعض المال»، حيث تعتبرهم كـ«وسام على صدري».
زوجة الشهيد: الرئيس السيسي قالي أنتوا في عينيننا وعايز أشوفكوا تاني
مع صعوبة التجربة المريرة التي مرت بها أسرة الشهيد، وجدوا المواساة والدعم من الدولة، وفي مقدمتهم الرئيس، منذ استشهاد والدهم، لذلك كان يغمر أمل عبيدو الفخر والسعادة منذ معرفتها بلقائها السيسي بالندوات وتكريمها، لتتحقق مقولتها في الفيلم «مصطفى بيعززني في حياته ومماته».
أبدت زوجة الشهيد سعادتها الكبيرة بوقوفها اليوم أمام الرئيس وتكريمه لها، الذي اعتبرته مصدر فخر بالغ، قائلة: «وقت عرض الفيلم حسيته متأثر جدا، ولحظة التكريم لقيته فعلا نعم الأب، وقالي أنتوا في عينينا وقال لأولادي عايز أشوفكوا تاني».
لوجين عبيدو: كنت فخورة جدًا أني قابلت الرئيس السيسي وحسيته أب تاني ليا
الفخر والبهجة نفسهما شعرت بهما ابنتها الصغيرة لوجين عبيدو، التي تشارك منذ أيام مع شقيقها سيف في التحضير لأغنية الاحتفالية، رغم التوتر البالغ من وقوفها لأول مرة على المسرح وأمام الملايين وخاصة الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع ترديديها لكلمة «أنا بنت الشهيد» التي قالتها بالأغنية، بصوت حزين ووجه غمرته الدموع.
مع صعودها على المسرح لتكريم والدها، لمست الطفلة لوجين فارق كبير بوجود السيسي، الذي اعتبرته بمثابة «أب تاني بالنسبة ليا»، على حد وصفها، خاصة مع احتضانه لها بحب وصدق، ازدادوا سعادة حينما قال لها بحنان أبوي «عايز أشوفكوا تاني».
رغم مرارة الموقف، إلا أن لوجين تفتخر بشدة بوالدها الراحل، الذي كان في مكانة الأب والصديق والداعم لها، حيث كانت تربطهم علاقة خاصة، قائلة: «كان بيتكلم معايا في كل حاجة طول الوقت وهو في الإجازة، حتى لما كان بيسافر كان دايما يطمن عليا، ولما يرجع كان بيحب يذاكرلي وخصوصا الدراسات بطريقة حلوة جدا ومختلفة»، لتظل تحمل داخلها تلك الذكريات عن والدها الشهيد مصطفى عبيدو رغم رحيله.