اخترت الدول الثلاث فقط فرنسا وبريطانيا وأمريكا من بين الدول التى وقعت على البيان المشترك حول الأوضاع فى مصر، لكشف ما تمارسه من اعتداءات على حقوق الإنسان على أراضيها، وذلك لأن الدول الثلاث فقط من بين الموقعين أعضاء دائمون فى مجلس الأمن بكل ما يملكه من صلاحيات تتحكم فى مصائر دول وحكومات، ولولا وجود روسيا والصين فى المجلس للحقت بالعالم عدة كوارث، كما أن الدول الثلاث أيضاً هى الأعلى صوتاً فى المناداة بحقوق الإنسان وادعاء تمتع مواطنيها بكل تلك الحقوق خلافاً للواقع.
فى فرنسا قامت السلطات هناك بفرض قيود على الحق فى حرية التجمع السلمى، وحرية التظاهر، وأفرطت فى استخدام القوة والقسوة ضد المتظاهرين أصحاب «السترات الصفراء» مما حوَّل المظاهرات السلمية إلى مواجهات دامية مع الشرطة نتج عنها فقْد ما لا يقل عن 25 متظاهراً إحدى أعينهم، وفقد خمسة متظاهرين يداً من أياديهم، بالإضافة لإصابة الآلاف من المحتجين، وتعرض مراقبو حقوق الإنسان، والصحفيون، والنشطاء للإصابة والمضايقات والتهديد بالاعتقال، وغير ذلك من الانتهاكات التى تتعارض مع ما يتغنى به دعاة الحرية واحترام حقوق الإنسان فى فرنسا.
وفى عام 2018 قام وزير الداخلية الفرنسى بإصدار العديد من الإجراءات المقيدة للحريات، من بينها منع الأشخاص من مغادرة مدن إقاماتهم، وإلزامهم بالحضور إلى مقر الشرطة يومياً، ومنعهم من الاتصال بأشخاص معينين، كل ذلك برره الوزير الفرنسى بضرورة حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب.
فى بريطانيا لم يقف الأمر عند تصريحات رؤساء حكوماتها حول أهمية حماية الأمن القومى، ولو كان ذلك على حساب حقوق الإنسان، ولكن على الأرض أقرت بريطانيا ثلاثة قوانين تحوى بنوداً قاسية تنتهك مبادئ حقوق الإنسان، وذلك فى أعقاب هجمات الحادى عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة الأمريكية، ومنحت تلك القوانين صلاحيات أوسع للأجهزة الأمنية وصار بإمكانها الاعتقال لفترة غير محددة لرعايا أجانب دون توجيه اتهام وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب واعتبارها موثقة ويعتمد عليها عند المحاكمات.
وبعد تفجيرات لندن عام 2005 وضعت إجراءات وتدابير إضافية تتعارض مع التزاماتها أمام القانون المحلى والدولى بشأن حقوق الإنسان، وأدى تطبيق هذه القوانين والإجراءات إلى إطلاق أيدى ضباط الأمن والمخابرات فى استغلال سلطتهم على حساب حقوق الإنسان، وتم تسجيل حالات قتل غير قانونى وتعذيب واعتقال تعسفى.
فى عام 2004 زارت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب بريطانيا وكتبت تقريراً أكدت فيه أن تنفيذ قانون مكافحة الإرهاب تسبب فى معاناة الكثير من المعتقلين والمحتجزين من اضطرابات عقلية وصحية، وأن المعاملة والإجراءات داخل السجون وأماكن الاحتجاز غير إنسانية وغير لائقة ومهينة ومذلة.
هذا عن فرنسا وبريطانيا، أما عن الولايات المتحدة الأمريكية.. أو الشيطان الأعظم كما وصفها الإمام الخمينى ذات يوم، فلها فى انتهاك حقوق الإنسان ملف ناصع السواد، أعدته دولة عظمى رداً على الملاحقات الأمريكية لها فى هذا المجال، ويستحق وحده مقالاً كاملاً.. انتظرونا.