أول رمضان بعد التطوير.. قرية «دكران» شاهدة على إنجاز «حياة كريمة»
الأهالي: «نجدة من السماء»
قرية دكران
من خارج الخريطة إلى داخلها، هكذا عاش أهالي قرى مركز «أبو تيج» بأسيوط، على هامش الحياة، على مدار عقود مضت، مر العام تلو الأخر والظروف من سيء إلى أسوأ، فقد نهش البرد أجسادهم وبحث المرضى عن من يدوايهم ولم يجدوا، ليقطعوا عشرات الكيلومترات من أجل الفحص والكشف عن المرض وتلقى العلاج.
المشهد السابق يجسّد الحياة التي كان يعيشها أهالي قرية «دكران» التي توجد على بُعد كيلومترات معدودة من مركز «أبو تيج» في أسيوط، قبل أن تظهر مبادرة «حياة كريمة»، التي أطلقت شعاع الأمل في نفوس الأهالي الذين عانوا نقص الخدمات، وفي مقدمتها الصحية والتعليمية.
«حياة كريمة» تعيد قرية «دكران» لخريطة الأحياء
منذ عام تقريبًا استقبل أهالي قرية «دكران»، شهر رمضان المبارك، بعيون جفت دموعها من كثرة البكاء على الحال المعدوم، وبين الأمس واليوم يبدّل الله حال بحال، حيث استطاعت «حياة كريمة» إنجاز العديد من المشروعات التي تقدم خدمة حقيقية لأهالي «دكران».
الوحدة الصحية بقرية «دكران»
دقت ساعة الأمل في قرية «دكران»، بعد الإعلان أنَّ القرية ضمن قرى التطوير في المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، وبدأت أولى خطوات التطوير بالوحدة الصحية بقرية «دكران»، في وقت قياسي، خلال عدة أشهر، بعد تطوير وتأهيل الوحدة الصحية حتى تصبح آدمية وتقدم خدمة تليق بالمواطن المصري.
«حمدي»، أحد أهالي قرية «دكران»، والذي بدت السعادة على وجهه وهو يقف أمام الوحدة الصحية بالقرية، معبرًا عن فرحته بالتغيير الكبير الذي حدث في القرية بشكل عام، خاصة فيما يتعلق بالوحدة الصحية، قائلًا: «في السابق كانت الوحدة مهجورة ومش بتقدم أي خدمات، وكان المواطن علشان يكشف لعياله، يركب مواصلتين و3، دلوقتي بفضل حياة كريمة، بقى عندنا وحدة صحية محترمة»، موجهًا الشكر للمبادرة الرئاسية، خلال لقائه بـ«الوطن»، قائلًا: «شكرًا حياة كريمة وشكرًا للرئيس السيسي اللي مخلي باله مننا، ومش ناسينا».
وقال أحمد عبدالهادي، عمدة قرية «دكران»، التابعة لمركز «أبو تيج» بأسيوط، إنَّ مبادرة «حياة كريمة» وضعت القرية على خريطة مصر بعد عقود من النسيان، موضحًا أنَّه لأول مرة يجد أهالي القرية اهتمامًا حقيقيًا من المسؤولين.
وأضاف «عبدالهادي»، أنَّ الوضع اختلف تمامًا، فبعد أن كان أهالي القرية يبحثون عن المسؤولين ليجدوا حلولًا لمشكلاتهم، أصبح المسؤول هو من يبحث عن المواطنين واحتياجاتهم، متابعًا: «العديد من المشروعات دخلت القرية بسبب حياة كريمة، بداية من محطة رفع الصرف الصحي، التي تسهم في حل مشكلات عديدة واجهها أهالي القرية على مدار سنوات، تضمنت المشروعات بناء أجنحة مدرسية لحل أزمة كثافة الفصول، وهو ما حدث في مدرسة السادس من أكتوبر الابتدائية».
«حياة كريمة» والتعليم
لم يكن هدف «حياة كريمة» تجهيز وتشطيب المنازل، في قرية «دكران» بل ركزت على إحياء القرى من جديد، وتحويل حياة مواطنيها من الظلام إلى النور، فقامت بتوسعة ورصف الطرق، وإنشاء ما يقرب من 15 جناحاً مدرسياً جديداً لتخفيف كثافة الفصول وتقليل تنقّل التلاميذ لمسافات بعيدة.
الأجنحة المدرسية التي اهتمت ببنائها المبادرة ساهمت في تحويل أحلام الأطفال بقرية «دكران» بمركز «أبو تيج» في محافظة أسيوط، من مستقبل مجهول إلى مشرق مضيء مليء بالأمل والطموح، ورغم حالة السعادة التي ترسمها مبادرة حياة كريمة على وجوه أهالي القرى، إلا أنها تسببت في سعادة من نوع أخر بقرية دكران، حيث رسمت البسمة على وجوه «فاطمة» و«زياد»، التلاميذ بمدرسة السادس من أكتوبر الابتدائية بقرية دكران، حيث عبرا عن سعادتهما بما قدمته المبادرة لهما.
الطفلة «فاطمة» التي لم تتجاوز عمر الثامنة، التلميذة في الصف الثاني الابتدائي، عبّرت عن سعادتها بما حدث في مدرستها قائلة: «مدرستنا بقت حلوة وشكلها حلو، وبقينا نروحها وأحنا مبسوطين»، مضيفة: «فصول المدرسة مبقيتش زي زمان زحمة».
ودخل على خط الحديث، «زياد»، التلميذ في الصف الرابع الابتدائي قائلًا: «كنت زمان بكره أروح المدرسة كل يوم، دلوقتي بقينا بنستنى اليوم التاني يجي علشان نروح مدرستنا اللي بقى شكلها حلو وجميل»، مضيفًا: «أنا وكل زمايلي بقينا فرحانين، وعندنا مدرسة حلوة».
إعمار البيوت
اهتمت مبادرة «حياة كريمة» بإعادة إعمار البيوت، ولكن أجمل ما كانت تقدمه المبادرة الرئاسية، هو إنقاذ العديد من البيوت والزيجات التي كادت أن تتوقف وينفصل الطرفين بسبب ظروف الحياة القاسية، ومن بين هذه القصص تعرفت «الوطن» في رحلتها إلى قرية دكران، على أسرة «حمدي» البسيطة التي تعيش في القرية.
قست ظروف الحياة لسنوات على أسرة «حمدي» إلى أنّ ظهرت مبادرة «حياة كريمة»، في حكاية «حمدي وغادة»، التي كادت أن تكون نهايتها الفشل، لتكون أشبه بالمصباح السحري، فبعد أن كانت الزيجة مهددة بسبب مرور الوقت دون جدوى، جاءت المبادرة لتحقق حلمهما في أقل من شهرين فقط.
تعود حكاية «حمدي» و«غادة»، إلى 3 سنوات مضت، عندما رفضت أسرتها إتمام زواج ابنتهما من «حمدي»، بسبب الحالة التي كان عليها منزله، الذذي من المحتمل أنّ ينهار على ساكنيه في أي وقت، ورغم مرور سنوات عمل فيها «حمدي»، من أجل تجهيز منزل آدمي إلا أنه فشل في تحقيق ذلك.
في صباح أحد الأيام، كان «حمدي» جالسًا على حجر شارد الذهن وعقله غارق في الهموم، جاءته نجدة من السماء، هكذا وصف حمدي عوض لحظة مجيء حملة «حياة كريمة» وهي تقول فين حمدي عوض.
وكانت المبادرة، حيث فوجيء حمدي بأنهم سيقوموا بجهيز المنزل ويشطيبه تشطيب كامل لكي يستطيع الزواج، وبعد أقل من شهرين تحول البيت الذي كان أشبه بالـ«العشة» إلى بيت له «سقف وحوائط وأرض سيراميك ودورة مياه ومبطخ وغرفة نوم»، متابعًا: «يا ريت كل اللي حكمونا قبل كدة زي السيسي، كان زماننا عايشين في جنة»
«غادة» زوجة «حمدي»، التي تنتظر وضع مولودها بعد 3 أشهر، تحكي عن «حياة كريمة»: «لغاية ما اتجوزت ودخلت بيتي، وأنا أهو حامل، لسة مش مصدقة إن بلدنا بقى فيها ناس تدور على المحتاجين علشان تشوف مشاكلهم وتحلها ليهم»، مضيفة: «بقى عندنا بيت وعايشين فيه مستورين وأم حمدي كمان عايشة معانا وبقينا عارفين معنى كلمة حياة».
مشروعات الصرف الصحي وتبطين الترع
يبدو أنَّ شريان الحياة الذي ضخته مبادرة حياة كريمة في القرى التي تدخلها، لم يكن من فراغ، حيث اقامت المبادرة وحدات الصرف الصحي، وتوصيل الشبكات لكافة البيوت بدكران، وكذلك اقامة محطات الرفع، لتتمكن حياة كريمة وقت قصير من اعادة الحياة واعمار القرى الفقيرة.
ولم تغفل المبادرة الاهتمام بمشروعات تبطين الترع من أجل الحفاظ عليها، وهو المشروع الذي يشارك في أعمال الكثير من أبناء قرى «أبو تيج».
من جهته، قال المهندس خالد سيد، مفتش بالري في محافظة أسيوط، المسؤول عن مشروع تبطين الترع في قرية «بني سميع»، إنَّه تمّ العمل فى المشروع منذ 3 أسابيع، مضيفاً أنه من المقرر استمرار المشروع لمدة تصل إلى 10 أشهر، ويتمّ العمل بنظام التناوب، أسبوع عمل يتمّ غلق المياه فيه، وأسبوع آخر يتوقف العمل، لأنَّه من الصعب غلق المياه طوال فترة العمل.
مفتش بالري تابع أنَّ العاملين بمشروع الترع في القرية من أبنائها، وبعضهم من أبناء القرى المجاورة، والجميع يتسابق من أجل المساهمة فى مشروعات «حياة كريمة» التي توفر عيشة آدمية لأهالي القرى.