تبرعت بأسمنت وكراسي.. حكاية كنيسة ساهمت في بناء مسجد بالإسكندرية
القس روفائيل: وقفت على المنبر وتابعت بناءه بشكل مستمر لخدمة أهالينا
القس روفائيل حلمي داخل المسجد
على غرار مشاهد ثورة 1919، حين اعتلى القساوسة منابر المساجد، كان القس روفائيل حلمي، راعي كنيسة العذراء مريم والبابا كيرلس السادس بمنطقة «الزوايدة»، على موعد بتكرار ذات السيناريو، لكنه لم يعتلِ المنبر لإلقاء عظة أو خطبة، إنما للاطمئنان على انتهاء تشييد وتجهيز المسجد المواجه لكنيسته، والتي شاركت من قبل في بنائه.
ذلك المشهد الذي عكس مدى التلاحم الوطني بين الكنيسة والمسجد، حدث منذ عدة أيام، حين دخل القس إلى المسجد للاطمئنان على انتهاء كافة الأمور للمسجد قبل افتتاحه، والسؤال عن أي مساعدة يمكن أن يقدمها إلا أن جميع الحضور حينها قدموا الشكر وأن كل الأمور انتهت، وما يحتاجونه هو حضوره افتتاح المسجد.
يقول القس روفائيل، إنه بمجرد أن اعتلى المنبر لرؤية المسجد، لم يجد أي كرسي، فسأل الموجودين عن عدم وجود كراسي لكبار السن، فأجابوه أنهم سيوفرونها بمجرد توفير الأموال اللازمة، فعقد العزم على التبرع بالكراسي: «قولت لهم الكراسي هدية من إخواتكم في الكنيسة، وكانوا طالبين 6 كراسي فقدمنا دستة 12 كرسي عشان كبار السن والصلوات كتير في رمضان ربنا يعينهم».
التبرع بالكراسي لم يكن الأول من الكنيسة إلى المسجد، بل جاء بعد تبرعها السابق بالأسمنت في عملية البناء: «مش فاكر اتبرعنا بقد إيه بس كلها حاجات بسيطة في إطار المحبة، محدش محتاج لقيمة الحاجة على قد ما إحنا محتاجين قيمة المحبة بينا وده اللي بنعمله مع الشيوخ الأفاضل وبينعكس على حياة الناس»، حسب حديث القس روفائيل لـ«الوطن».
يرى راعي الكنيسة، أن وجوده داخل المسجد ومشاركته في مراحل البناء مع المسؤولين عنه، حتى لحظة الافتتاح جعله يشعر بفرحة كبرى، وهو ما انعكس خلال افتتاح الشيخ محمد خشبة وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، اليوم الجمعة، مسجد العزيز الرحيم بالمراغي، الذي أنشئ بالجهود الذاتية تحت إشراف الأوقاف، والمقابل للكنيسة.
من جهته قال الشيخ محمد خشبة، وكيل وزارة الأوقاف خلال الافتتاح، إنه في لفتة طيبة تعكس مدى تلاحم الشعب السكندري وتجذر الوحدة الوطنية فيه، علقت الكنيسة عددا من اللافتات تهنئة لإخوانهم المسلمين بافتتاح المسجد وترحيبا بالحضور، كما دخل القس روفائيل حلمي إلى المسجد لتهنئة الشيوخ والمصلين بافتتاح المسجد.
وعقب الافتتاح، حرص مسؤولو مديرية أوقاف الإسكندرية، على رد الزيارة للقس روفائيل داخل الكنيسة، حيث اصطحبهم في جولة إلى الكنيسة بالتزامن مع جمعة ختام الصوم المقدس الذي تصومه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الأيام الجارية والذي ينتهي بعيد القيامة المجيد يوم الأحد بعد المقبل.
ووجه الشيخ «خشبة» الشكر لكنيسة السيدة مريم العذراء والقائمين عليها لما بذلوه من جهد وما قاموا به من حفاوة الاستقبال، مؤكدًا أن مصر نسيج واحد ولحُمة واحدة وشعار أهلها الحب والمودة.