في رمضان من كل عام، يتجدد الجدال بين المواطنين، بشأن الإمساك عن تناول الطعام والشراب أثناء آذان الفجر، فضلا عن الخلاف بشأن الفجر الكاذب والصحيح، وهو ما تحدث عنه علماء أزهريون مسبقا.
وورد ذلك السؤال، إلى برنامج دار الإفتاء المصرية «سؤال وجواب من الإفتاء»، خلال شهر رمضان، يتضمن أنه «إذا بدأ الفجر، ويحمل أحد ماء يشربه أو نحوه، فهل يتركه أم يمكن له استكمال الشرب؟».
المشرف على الفتوى بجامع الأزهر: على المسلم الإمساك عن الطعام والشراب مع بداية آذان الفجر
الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، والمشرف على لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، أكد أنه في حالة كان أحد المسلمين يحمل الماء أو الطعام ويهم به وقت أذان الفحر، يجب عليه تركه والإمساك عنه فورا، مع قول المؤذن «الله أكبر» يبدأ اليوم الجديد للصوم، حيث إنه حال استكمال البعض التناول بعد بداية الأذان، فإن ذلك يعتبر خطأ كبير يفقده الصيام.
وأوضح عباس، في تصريح لـ«الوطن»، أنه مع بداية أذان المغرب يبدأ المسلم إفطاره، ومع بداية أذان الفجر يبدأ صيامه، منذ قول «الله أكبر» للحفاظ على الصيام، وفقا لقول الله تعالى «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ».
الفرق بين أذان الفجر الكاذب والصحيح
وشدد الدكتور عباس شومان، على أهمية عدم تطرق المواطنين للحديث عن أذان الفجر الكاذب والصحيح، والذي حسمه العلماء والشيوخ والأئمة من قبل مرارا، بأنه كان مسبقا يؤذن سيدنا بلال بن رباح ليلا للمسلمين لتنبيهم والاستيقاظ والاسترشاد قبل الفجر للأكل والشرب، نظرا لعدم وجود توقيات أو ساعة بذلك العصر، وهو ما أطلق عليه «الفجر الكاذب»، بينما يؤذن بن أم مكتوم للفجر إيذانا بالصوم والصلاة.
وفي سؤالا مشابها سابقا عبر موقع دار الإفتاء المصرية، شدد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، أن الأصل في الأذان مرتبط بدخول وقت الصلاة المفروضة؛ لأنه شُرِع للإعلام بدخول الوقت، مشيرا إلى أنه فيما يتعلق بصلاة الصبح، فإنه ورد في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن بلالًا يُؤَذِّن بلَيلٍ، فكُلُوا واشرَبوا حتى يُؤَذِّن ابنُ أم مكتوم»، والذي كان يتم لإعلام الناس بالوقت، فلا يجوز قبله بلا خلاف في غير الفجر.
وتابع جمعة أنه كان يعتمد ذلك مسبقا، ولكن لا يخفي أن وقوع اللبس في هذا الزمن قليل أو نادر مع وجود أجهزة المذياع والتلفاز والتقاويم الضابطة للمواقيت والساعات المنتشرة في كل مكان.
لماذا نسبق أذان مكة المكرمة؟
لم يكن ذلك الجدل الوحيد بشأن أذان الفجر مؤخرا، حيث إنه قبل أيام، ورد سؤالا إلى دار الإفتاء، ينص على «ما القول الفصل في توقيت صلاة الفجر؟ وما ردكم على دعوى أن توقيت صلاة الفجر بالقاهرة سبق مكة المكرمة في بعض الأيام مع أن القاهرة غرب مكة المكرمة؟».
وأجابت دار الإفتاء بقولها بإن الحق الذي يجب المصير إليه والعمل عليه، والذي استقر عليه علماء الهيئة والموقتون وعلماء الفلك المسلمون عبر الأعصار والأمصار، والذي عليه عمل دار الإفتاء المصرية في كل عهودها، أن توقيت الفجر الصادق المعمول به حاليًّا في مصر، هو عند زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 19.5°، هو التوقيت الصحيح قطعًا، والذي يبدأ من أول ظهورٍ لعلامته المعروفة التي دلَّت عليها نصوص الوحيين، القرآن الكريم والسنة النبوية القولية والفعلية، وأخَذَه الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وطبقوه قولًا وعملًا، ثم أخذه عنهم السلف الصالح قاطبة؛ وذلك بانتشار ضوئه المستطير الصادق في الأفق يمينًا وشمالًا، وليس هو الفجر المستطيل الكاذب الذي يكون ضوؤه كهيئة المخروط المقلوب.
وأوضحت الدار أنه فيما يخص التشكيك أن توقيت الفجر في القاهرة يسبق أحيانًا توقيتَه في مكة المكرمة، مع أن القاهرة تقع غرب مكة، فهذا ليس اعتراضًا علميًّا؛ إذ من المقرر في علوم الفلك والجغرافيا، أن تحديد المواقيت مبني على خطوط الطول ودوائر العرض معًا؛ حيث تدل خطوط الطول على فوارق التوقيت، ودوائرُ العرض على طول النهار، وهذا يقتضي أن مقارنة خطوط الطول إنما تكون بين المدن الواقعة على دائرة عرض واحدة؛ لتساوي طول النهار فيها؛ فلا تصح المقارنة بينهما حينئذ، وإنما يمكن المقارنة مثلًا بين مكة وحلايب؛ لاستوائهما تقريبًا في دائرة العرض.
تعليقات الفيسبوك