دعم لامركزية المحافظات.. والمحليات تصنع القرار
مجلس النواب
«اضطرابات سياسية ومساعٍ جادة لأخونة الدولة وبرلمان كل همه إقصاء المعارضة تحت شعار مغالبة لا مشاركة»، هذه المشاهد لخصت عام 2012 سياسياً، حيث شهد هذا العام هيمنة تنظيم الإخوان على مفاصل الدولة والحياة السياسية والنيابية، بعد أن أقصوا شركاءهم فى ثورة 25 يناير من التيار المدنى، وشنوا ضد معارضيهم موجات عنف أبرزها كان «أحداث الاتحادية»، إلا أن الوضع تغير جذرياً فى 2021 بعد أن شاركت جميع القوى السياسية فى الحياة النيابية، واستعادت الدولة هيبتها وشخصيتها بعد فشل مخطط أخونة الدولة، والأمل الآن يدور حول أن تشهد السنوات المقبلة تشكيل واندماج الكيانات فى أحزاب قوية واختفاء الكرتونية منها، ودعم اللامركزية بالمحافظات، والتقدم فى تصنيف مؤشر الحرية والديمقراطية وفقاً للمعايير العالمية.
لقد شهد عام 2012 اضطرابات سياسية كبيرة، كان أبرزها عقب الإعلان الدستورى للرئيس المعزول محمد مرسى، الذى منحه سلطات غير مسبوقة، بجعل القرارات الرئاسية غير قابلة للطعن من أى جهة حتى المحكمة الدستورية، وحصَّن مجلس الشورى من الحل حتى لا يتكرر سيناريو ما حدث لمجلس النواب فى ذلك الوقت بعد قرار المحكمة الدستورية بحله، وكانت نتيجة الإعلان الدستورى نشوب اضطرابات كبيرة كان أبرزها «أحداث الاتحادية»، بعد أن خرج المتظاهرون احتجاجاً على إعلان «مرسى» الدستورى، فأطلق تنظيم الإخوان «النفير العام» لكل قواعده لمواجهة المتظاهرين بالسلاح، وراح ضحية هذه الأحداث الصحفى الحسينى أبوضيف وآخرون، وكانت المفاجأة حينها هو انحياز مرسى الصريح والواضح والمعلن لتنظيم الإخوان فى ذلك الوقت، رغم السلاح المستخدم من الإخوان فى الأحداث.
وبدأ تنظيم الإخوان مخططاً شاملاً لأخونة الدولة من خلال تعيين 1300 إخوانى فى الجهاز الإدارى للدولة، والتغول فى الوزارات والقضاء والمحافظين، أملاً فى إجهاض أى مقاومة مستقبلية لإسقاط التنظيم الإرهابى، إلا أن ثورة 30 يونيو أوقفت هذا السيناريو العبثى بعد الإطاحة بتنظيم الإخوان من سدة الحكم.
حتى مؤسسة الرئاسة كان يسيطر عليها مكتب الإرشاد بشكل كامل، فالتعليمات كانت تصل من المقطم لـ«الرئاسة» فى مصر الجديدة بشكل دورى، دون أى اعتراض من محمد مرسى العياط فى ذلك الوقت، فتنظيم الإخوان كان يجرى اجتماعين يومى السبت والأربعاء من كل أسبوع، وبعد كل اجتماع يتم إرسال مندوب من الإخوان لمرسى لإبلاغه بالتعليمات الجديدة، وكان أبرز هذه التعليمات الإعلان الدستورى الذى خرج من مكتب الإرشاد فى ذلك الوقت.
وعلى مستوى البرلمان، أقصى الإخوان التيار المدنى بشكل تام داخل المجلس خصوصاً داخل اللجان النوعية التى تعد «مطبخ المجلس» المسئول على مناقشة مشروعات القوانين وإعدادها فى شكلها قبل النهائى، كما شهد تشكيل الجمعية التأسيسية لعمل الدستور إقصاء تاماً للتيار المدنى أيضاً، أثناء وضع دستور 2012، وتسبب ذلك فى حالة استقطاب كبيرة جداً هدد خلاله عدد كبير من نواب التيار المدنى فى ذلك الوقت بالاستقالة، وهو ما أثر على خروج دستور مشوه فى نهاية المطاف. ونظرياً شهد مجلس الشعب 2012 تمثيل 26 حزباً، لكن انحصر الأمر عملياً فى 18 فقط، بالنظر إلى توزيع الإخوان والتيار الدينى لقوتهم على عدد أكبر من الأحزاب، فبرز «الحرية والعدالة» و«النور» بنسبة 66% من عدد المقاعد، إضافة إلى 8% لأحزاب التيار نفسه مثل: الأصالة، والبناء والتنمية، والحضارة، والوسط، والاتحاد، والإصلاح، لتكون الصورة النهائية 18 حزباً و74% لتيار الإسلام السياسى. ثم تطور المشهد فى 2015 نحو مزيد من التنوع، لكن بقدر من البروز لقوة على حساب بقية القوى، فحاز ائتلاف دعم مصر على 56% من المقاعد، وهو ما تغير فى الانتخابات الأخيرة بتراجع حصة الأغلبية تحت القبة إلى 52.8% مع مراعاة التنوع وتمكين المرأة والشباب وتمثيل الكفاءات والتكنوقراط.
وخلال عام 2021 استعادت الدولة هيبتها واستقلال مؤسساتها، وانتهت الاضطرابات السياسية التى كانت موجودة، خصوصاً مع التمثيل القوى للأحزاب السياسية بالبرلمان، فعلى سبيل المثال جاء تمثيل الأحزاب فى مجلس النواب بـ13 حزباً، كالأتى: 93 مقعداً للمستقلين، بنسبة 16,4%، و474 مقعداً للحزبيين بنسبة 79.5%، وضم البرلمان 162 امرأة من بينهم 148 نائبة منتخبة على المقاعد الفردية والقائمة و14 نائبة معينة، وكان أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين فى مجلس النواب 31 نائباً أى أن تركيبة برلمان 2021 جاءت نتيجة القائمة الوطنية من أجل مصر، التى مُثلت خلالها الأغلبية العظمى من الأحزاب السياسية، حتى المعارضة منها، بل تم تمثيلهم داخل هيئات مكاتب اللجان كوكلاء وأمناء سر، وهو ما حرموا منه أثناء فترة هيمنة تنظيم الإخوان على برلمان 2012.
وفى 2021 عاد مجلس الشورى للحياة من جديد فى ثوب «مجلس الشيوخ»، بعد أن أثبتت التجربة أن قرار إلغائه كان خطأ كبيراً، لأنه افقد البرلمان ميزة مراجعة التشريعات وخطط التنمية الخاصة بالدولة، وهو ما تسبب فى تعديلات تشريعية كثيرة على نفس القانون فى فترة وجيزة، علاوة على رفض بعض التشريعات من جانب رئيس الجمهورية، كان أبرزها قانون التجارب السريرية.
وعن رؤية مصر 2030، حسب التقرير الذى حصلت «الوطن» على نسخة منه، تركز الخطة على إقرار وتطبيق قانون الحكم المحلى خلال الفترة المقبلة بما يمكن الوحدات المحلية من إدارة لا مركزية لمجتمعاتها المحلية، ودعم اللامركزية وتمكين المجتمع المحلى فى صنع واتخاذ القرار، والتقدم فى تصنيف مؤشر الحرية والديمقراطية وفقاً للمعايير العالمية. وقال النائب محمد عبدالحميد، عضو مجلس النواب، إنه من المستهدف فى الحياة السياسية بحلول 2030 انتهاء الأحزاب الكرتونية التى لا وجود لها فى الشارع ودمجها فى كيانات حزبية كبيرة لها تأثير سياسى، ووجود حزبين أو ثلاثة قوية تتنافس على تداول السلطة.