خبر خطير، ذلك الذى نشرته «الوطن» الأربعاء الماضى.. الخبر يقول إن محكمة مصرية غرّمت كلاً من الداعية السلفى محمد حسين يعقوب وزميله محمد حسان بغرامة قيمتها ألف جنيه مصرى لامتناعهما عن المثول أمامها بغرض الشهادة.. أما القضية نفسها التى تنظرها المحكمة، فهى قضية تُعرف باسم (داعش مصر) حيث تواصل مجموعة من المتهمين مع تنظيم داعش ليبيا واعتنقوا أفكاره التى تقوم على تكفير الحاكم والعاملين فى الدولة، واعتبار المجتمع كافراً لم يقم فيه ما يسمونه حكم الخلافة الإسلامية.. إلى غير ذلك من مفاهيم تتشابه فيها داعش وتختلف مع غيرها من التنظيمات التكفيرية الأخرى التى يختلف أعضاؤها فى التفاصيل ويتفقون على تكفير المسلمين وضرورة قتالهم.. تفاصيل الخبر تقول إن دفاع المتهمين هو الذى طلب شهادتهما لكى يثبت أن الأفكار التى اعتنقها أفراد التنظيم هى من صحيح الإسلام كما فهموه من دروس هذين العالمين السلفيين.. وأن كليهما لم يجد فى نفسه الشجاعة للوقوف أمام المحكمة لإدانة هذه الأفكار أو حتى للتوبة عنها والتبرؤ منها.. إذا كان سبق له أن قال بمثلها فعلاً.. (وهو ما حدث على الأغلب)، لقد ذكّرتنى هذه الواقعة بواقعة أخرى رصدتها أثناء دراستى لفترة السبعينات الصاخبة فى تاريخ مصر.. وقد حدثت الواقعة فى عام ١٩٧٧أثناء محاكمة أعضاء تكفير التنظيم والهجرة فى واقعة اغتيال الشيخ الذهبى تحديداً، حيث طلبت المحكمة من الأزهر الشريف أن يوفد ممثلاً عنه كى يبدى رأيه فى الآراء التى يعتنقها أعضاء التكفير والهجرة، وما إذا كانت تتفق مع صحيح الدين، كما يدعى أعضاء التنظيم أم لا.. لكن الأزهر لم يوفد مندوباً عنه، وتغيب علماؤه عن الشهادة جلسة بعد أخرى.. وهو ما دفع المحكمة لإصدار بيان يدين علماء هذه المؤسسة العريقة وتقاعسهم عن الشهادة فى قضية خطيرة وحساسة مثل هذه.. ولم يجد بيان المحكمة استجابة هادئة من شيخ الأزهر د. عبدالحليم محمود، الذى كان سريع الغضب، قريباً من جماعة الإخوان ومن السلفيين، فأصدر بياناً يهاجم فيه المحكمة، ويقول فيه إنها لم تتح لعلماء الأزهر الوقت الكافى لدراسة أوراق القضية والرد على أفكار التنظيم!!والحمد لله أنه قد جرت فى النهر من وقتها مياه كثيرة وأصبح موقف مؤسساتنا الدينية من الأفكار التكفيرية حاسماً وواضحاً سواء كان ذلك أثناء نظر قضاياها أمام المحكمة أم على وجه العموم.. ولكن هذا لا يمنعنى من أن أطلب من دعاة السلفية وهم جزء من المشهد الدينى العام أن يراجعوا أفكارهم التى يستند إليها بعض التكفيريين وأن يتبرأوا منها، ولا أجد غضاضة فى أن يرفع أحد المحامين دعوى قضائية تلزمهم إما بالتبرؤ من هذه الفتاوى التى يستند إليها التكفيريون أو بالاعتراف بها وتحمل تبعات ذلك.. وعلى الله قصد السبيل.