دعم اقتصادي ودور إنساني.. مصر وجيبوتي: روابط إفريقية عريقة
السيسي يتوجه إلى جيبوتي في زيارة تاريخية وأولى من نوعها
الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة
في زيارة تاريخية هي الأولى من نوعها، اتجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى جيبوتي، صباح اليوم، لعقد لقاء قمة مع رئيس جمهورية جيبوتي إسماعيل عمر جيلة.
وأكد السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الزيارة التاريخية للرئيس إلى جيبوتي، الأولى من نوعها، ستشهد عقد قمة مصرية - جيبوتية، لمناقشة مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي، بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين الشقيقين ويجسد الإرادة القوية المتبادلة لتعزيز أطر التعاون بينهما.
منذ عهد الملك بيبي الأول.. مصر وجيبوتي ربطتهم علاقات إفريقية عريقة
ترتبط مصر وجيبوتي بعلاقات عريقة بدأت منذ العصر الفرعوني، حيث وصل إليها القدماء عام 3000 قبل الميلاد في عهد الفرعون بيبي الأول، وتوطدت تلك الروابط كون جيبوتي تمثل البوابة الجنوبية لمضيق باب المندب، وسرعان ما دعمتها القاهرة فور إعلان استقلالها في 27 يونيو 1977 تحت اسم جمهورية جيبوتي، وكانت البلاد في طليعة الدول التي افتتحت سفارة لها في الدولة الإفريقية، وأول من رحبت بالاتفاق الإطاري للحوار السياسي الذي تم توقيعه بين الحكومة وائتلاف المعارضة في جيبوتي، الذي مهد لإنهاء الخلاف السياسي القائم.
توطدت العلاقات بين البلدين بكل المستويات، والتي تطورت بشكل ضخم منذ تولي السيسي، حيث يوجد تنسيق وتشاور دائم على مستوى جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي، وفي سبتمبر 2019، شارك الرئيس في قمة ثلاثية مع كل من إسماعيل عمر جيلة رئيس جمهورية جيبوتي، وأوهورو كينياتا رئيس جمهورية كينيا، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، انطلاقا من رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي.
وفي ديسمبر 2016، زار إسماعيل عُمر جيلة، رئيس جيبوتي، القاهرة، حيث استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي، في زيارة ضخمة عكست العلاقات المتميزة بين البلدين، حيث عُقدت مباحثات ثنائية معمقة تناولت سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بمشاركة الوزراء المعنيين من الجانبين، ومناقشة بعض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، وتم التوقيع علي سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون بين البلدين في عدد من المجالات والقطاعات، أبرزهم الاشتراك في المعارض والأسواق الدولية، والتعاون التجاري، وتعاون اقتصادي وفني، وفي مجال الصحة والدواء، وهيئة قناة السويس وهيئة موانئ جيبوتي، وفي مجال التعليم الفني، وتصدير واستيراد وعبور المواشي واللحوم.
نمو التبادل التجاري وزيادة مذكرات التفاهم في العلاقات الاقتصادية بين البلدين
انعكست تلك العلاقات السياسية المتميزة على الأوضاع الاقتصادية، بما أظهر تقارب الدولتين في العديد من المحافل واللقاءات الثنائية، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر وجيبوتي ليسجل 48.01 مليون دولار خلال 2018، مقابل 37.99 مليون دولار خلال 2017، بحسب تقرير لإدارة الدول والمنظمات الإفريقية ووحدة الكوميسا بجهاز التمثيل التجاري، الذي أشار أيضا إلى أن الصادرات المصرية إلى جيبوتي ارتفعت لتسجل 40.88 مليون دولار خلال 2018، مقابل 33.99 مليون دولار خلال 2017، وأشار التقرير إلى ارتفاع الواردات المصرية من جيبوتي لتسجل 7.13 مليون دولار خلال 2018، مقابل 3.99 مليون دولار خلال 2017، وفقا لموقع الهيئة العامة للاستعلامات.
ويرتبط البلدان باتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم فى المجالات المختلفة من «تعاون فنى – تجارة – صحة – استثمار، وغيرهم»، وعددها أكثر من 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم، بالإضافة إلى لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى بين البلدين، بحسب موقع «سفارة جيبوتي بالقاهرة»، مشيرا إلى أنه يتمثل تواجد المستثمرين المصريين في جيبوتي في شركتي: المهندسون المتحدون والتي تقوم حاليا بعدد من المشروعات في مجال المقاولات، ومجموعة شوري التي تمكنت من تأسيس بنك مصري في جيبوتي.
وفي مارس الماضي، زار وفد مصري كبير من مختلف الوزارات والشركات ورجال الأعمال جيبوتي، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وجيبوتي، تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية المصرية بدفع العلاقات بين البلدين وتنويع أُطر التعاون ليشمل كل المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وأجريت مباحثات بشأن الفرص الواعدة للاستثمار في جيبوتي وسبل تحقيق الاستفادة من الموانئ والتعاون في مجال التدريب وأوجه الاستفادة من الدعم الفني المقدم من الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في مختلف المجالات، والمنح الدراسية المقدمة من الأزهر الشريف مع العمل على تدريب المزيد من الدعاة الجيبوتيين وإنشاء معهد للأزهر الشريف في جيبوتي يكون بمثابة منارة للعلوم الدينية لإستقطاب الطلاب المهتمين بالعلوم الدينية والمتطلعين لمعارف وعلوم الإسلام الوسطي بما يسهم في تكاتف جهود مصر وجيبوتي لمواجهة ومكافحة الفكر المتطرف.
وخلال منتدى الاستثمار في إفريقيا 2019 بالعاصمة الإدارية الجديدة، نوفمبر 2019، وقعت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي السابقة، ومهدي دارار مدير عام وكالة الاستثمار في جيبوتي، على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمصر، والهيئة الوطنية لترويج الاستثمار بجيبوتي، تهدف إلى تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وتطوير التعاون المتبادل بين الطرفين من خلال إنشاء إطار تنظيمي كفء وفعال لتبادل المعلومات حول مناخ وبيئة الاستثمار في البلدين والمبادرات الاستثمارية في مصر وجيبوتي، التي يمكن أن تحقق الأهداف الاقتصادية المتبادلة للطرفين وتعريف كلا البلدين بالفرص الاستثمارية المتاحة وذلك بالتعاون مع الهيئة الوطنية لترويج الاستثمار بدولة جيبوتي.
وفي يناير من العام نفسه، زار يونس علي جيدي وزير الطاقة والموارد المائية بجمهورية جيبوتي، حينها القاهرة، حيث استقبله الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية ووزارة الطاقة والموارد الطبيعية بجمهورية جيبوتي في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة، وتضمنت المذكرة مجالات التعاون ومنها وضع الخطط التنفيذية لمشروعات الطاقة المتجددة، المساعدات الفنية لإقامة محطات طاقة شمسية بتكنولوجيا الخلايا الفوتو فلطية للقرى النائية المتصلة بالشبكة وغير متصلة بالشبكة تطوير تشريعات الطاقة في ضوء النموذج المصري، المساعدة في تخطيط وتشغيل وصيانة أنظمة توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، تطوير كود الشبكة الذي يحدد القواعد والمسئوليات لجميع أصحاب المصلحة في الطاقة، تشجيع القطاع الخاص المصري للاستثمار في إنشاء محطات توليد الكهرباء في مجال الطاقة (الشمسية ـ الرياح) وغيرها من مشاريع الطاقة التي من شأنها أن تُساهم في تخفيض تكاليف إنتاج الكهرباء.
دور ثقافي وإنساني لمصر في جيبوتي
لم تقتصر العلاقات بين البلدين على الجوانب الاقتصادية والسياسية فقط، وإنما امتدت للجانب الثقافي أيضا، حيث لعب الأزهر الشريف والجامعات المصرية دورا كبيرا في تدعيم تلك العلاقات، عبر استقبال مصر للبعثات الدراسية الجيبوتية، كما توفر مصر العديد من فرص التدريب للكفاءات الجيبوتية من مختلف المجالات، ضمن البرامج التدريبية المقدمة من الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، فيما يصل عدد مبعوثي الأزهر الشريف في جيبوتي إلى أكثر من 12 مبعوثا، بالإضافة للمنح الدراسية التي يقدمها الأزهر الشريف، فيما تقدم وزارة التعليم العالي 15 منحة سنوية، لأبناء جيبوتي للدراسة الجامعية والدراسات العليا المخصصة.
وتحرص مصر أيضا على لعب دور إنساني بالغ ومؤثر في جيبوتي، بما يعكس عمق العلاقات بين البلدين وسعيهما الدائم لتطويرها والارتقاء بها، وحيث إنه في ديسمبر 2019، وجه حينها الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بإقلاع طائرة نقل عسكرية وعلى متنها مساعدات طبية عاجلة للأشقاء في دولة جيبوتي، في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للمعاونة في دعم الأشقاء بجيبوتي.
وفي مارس 2019، نظمت كلية الطب بجامعة أسوان قافلة طبية إلى دولة جيبوتي، بالتعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية، خلال الفترة من 23 إلى 28 مارس 2019.
وقبل ساعات، أقلعت طائرتا نقل عسكريتان من قاعدة شرق القاهرة الجوية، محملتين بكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية المقدمة من جمهورية مصر العربية إلى دولة جيبوتي الشقيقة، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وذلك في إطار دعم وتضامن مصر مع الشعب الجيبوتي الشقيق في مختلف الظروف، وتأكيدا على عمق روابط الأخوة والصداقة التي تجمع الشعبين الشقيقين.
من ناحيته، أبدى الجانب الجيبوتي تقديره للجهود المصرية الكبيرة ومساندتها للشعب الجيبوتي، مؤكدا أهمية تلك المساعدات في تخفيف الأعباء عن كاهل مواطنيها، ودعم الجانب الجيبوتي في مواجهة التحديات التي يواجهها.