هناك حملة ممنهجة لتسفيه المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيونى ولا أعرف مصدرها والدم الفلسطينى دم عربى وسقوط غزة فى يد إسرائيل تهديد للأمن القومى المصرى والضغط الإسرائيلى لو استمر سيهرب سكان القطاع لسيناء ليتكرر ما حدث سابقاً واضطرت مصر لإيواء الآلاف بالعريش وعمل مخيم باستاد العريش. إن استمرار الضغط العسكرى الإسرائيلى على غزة أكبر خطر على الأمن القومى المصرى لأن هروب سكان غزة إلى مصر يصعب منعه ويصعب على مصر أن تظهر بدور رفض اللاجئين وهى التى لديها ٦ ملايين لاجئ سورى وعراقى وسودانى وفلسطينى بل وأفريقى!!
بوضوح شديد، ودون مواربة، أى مقاومة فى غزة هى ردع نسبى لإسرائيل، طبعاً أتحدث عن المقاومة الوطنية الفلسطينية وليس من يرى أن تحرير القدس يبدأ بتحرير الدول العربية من حكامها وجيوشها، فهذه فئة ضالة. أما منظمة التحرير الفلسطينية فهى منظمة وطنية قومية تعى دورها الوطنى والقومى فى أن تكون درعاً إضافية أمام العدو الصهيونى حتى لا يكون اجتياح غزة بداية لاجتياح مناطق من سيناء بحجة أمن إسرائيل!
تم رفض مقترح وفد المخابرات العامة المصرية بالتهدئة، وعُرض على الوفد صور وفيديوهات لمنصات إطلاق ومخازن صواريخ تابعة لحماس تمت تخبئتها بين مساكن المدنيين بالقطاع، وحشود المدرعات على حدود القطاع استعداداً للاجتياح الكبير. وتم استدعاء الاحتياط من الصف الأول و«هذا كله مرتب ترتيباً».
على المقاومة أن تثبت أنها مقاومة فعلاً وتقاتل قتال المقاومة ضد الاجتياح القادم، كما قاتلت المقاومة فى مدينة السويس فى الأيام الأخيرة من رمضان 1393 هجرى، وكما قاتل السوفييت فى ستالين جراد وفيتكونج فى هانوى، وثوار الجزائر وجبهة التحرير الجزائرية فى الجبال، هم ليسوا على استعداد لتقبل خسائر فى البشر.
موقف مشرّف من الأزهر الشريف يؤكد أن دعم المقاومة الفلسطينية واجب وطنى وقومى ودينى، والجديد هذه المرة أن مواقف أجنبية غير عربية عبّرت بوضوح عن انحيازها للجانب الفلسطينى ضد إسرائيل، فهناك مندوب بوليفيا الذى طلب من الإسرائيليين إعادة منازل الفلسطينيين لهم ووقف التعدى عليهم، وهناك شخصيات أمريكية عامة رفضت الهجمة الإسرائيلية وقالت بوضوح إن إسرائيل دولة احتلال ويجب أن تعيد للفلسطينيين أراضيهم ومنازلهم، وبعضهم رفض تسمية المقاومة الفلسطينية إرهاباً وإنما ما تفعله إسرائيل هو الإرهاب بعينه، وبريطانيا كان موقفها معتدلاً، وهمس ماكرون الفرنسى الذى يرى أن المقاومة يجب أن توقف ضرب الصواريخ ولم يذكر إسرائيل التى تضرب الفلسطينيين ليل نهار.
واستمر الموقف الأمريكى المساند لإسرائيل وضد الفلسطينيين، حيث منع لمرتين محاولات صينية ودولية لعقد اجتماع مجلس الأمن الدولى لمناقشة الوضع فقط وليس لتأييد فلسطين. ولأنه، أى بايدن، يعلم أن إسرائيل معتدية فهو يرفض عقد اجتماع يسفر عن إدانتها.
وأعلنت سلطات صحية فى فلسطين مقتل ٥٠ فرداً بينهم ١٤ طفلاً بريئاً، مما جعل الرئيس بايدن يخجل ويطلب من إسرائيل تجنب وقوع ضحايا مدنيين، وكان هذا أقصى ما يستطيع الرجل قوله تجنباً لغضب اللوبى اليهودى المتحكم فى القرار الأمريكى والساسة الأمريكان، ثم عاود الاتصال بنتنياهو محاولاً إنهاء القتال، ولكنه قال بصلف وعنجهية إن الحرب مستمرة، فما كان من بلينكن إلا أن يؤكد لنتنياهو حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وانتهى الموقف الأمريكى بالطاعة العمياء لإسرائيل، وقد أحسن الرئيس عباس حين أعلن أنه لا سلام مع إسرائيل إلا بالاعتراف بالقدس عاصمة لفلسطين.
ومن الغريب أن وسائل الإعلام العالمية وليست العربية هى التى تنقل مشاهد عنف الجيس الإسرائيلى مع العزل الفلسطينيين، واستنكرت الصين وتونس والنرويج الموقف الأمريكى المريب، ويبدو أن الضغوط قد حققت بعض التقدم، حيث أعلنت مؤخراً السفيرة الأمريكية احتمال عقد مجلس الأمن جلسته يوم الأحد، وكان تصريح عدة دول وفى مقدمتها ألمانيا أنهم يعتمدون على الدور المصرى فى وقف المعارك، واتفق وزيرا الخارجية المصرى والروسى على ضرورة توقف إسرائيل عن مهاجمة غزة لوقف نزيف الدم وتجنب مزيد من التصعيد آملين أن تستمر صحوة فلسطين لعلها تنجح فى لفت نظر العالم لعدالة القضية الفلسطينية، وهذه المرة تبدو إشارات واضحة عن تحول ولو طفيف من التأييد المطلق لإسرائيل إلى النقد الخفيف لها وعدم دعمها وموافقتها ظالمة أو مظلومة، وهو ما يشير إلى تخلص أوروبا، وخاصة ألمانيا، تدريجياً من عقدة هتلر قاتل اليهود!