فروق كبيرة طرأت على معنى التصوف ومفاهيم المتصوفة فى الإسلام. بدأ التصوف فى أحسن العبادة.. وانتهى بترك الدنيا للدين.
زهد الدنيا ليس فكرة إسلامية، وفى السيرة أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال لمعتكف بالمسجد يتولاه أخوه، إن الاخ أفضل، لأن الخروج للدنيا أولى من الاعتكاف.
وطرأ على التصوف الإسلامى كثير من فلسفة الهندوس، ولحقت به خرافات من تراث فارسى قديم. وصل التصوف إلى أن يكون طريقة لإنقاذ حياتك.. بقتل نفسك. انتهى إلى أن يصبح محاولة لحياة سعيدة.. وأنت ميت!
فى التاريخ كتب الشيعة تاريخ الصوفية، وأثروا فيهم، وأضافوا إليهم. أفكار «الوجد» و«الاتصال» و«الحلول» و«الذوبان فى الذات العليا»، كلها أفكار فارسية قديمة.
قصة على بن أبى طالب معروفة من عبدالله بن سبأ. ولما مات علىّ أشاع السبئية أنه رُفع إلى السماء، وحلت روحه فى أبنائه من بعده.
أدخل الشيعة أفكار انتقال الأرواح من أجساد إلى أجساد، ونقل المتصوفة لبعضهم مفاهيم اتحاد روح المريد مع روح شيخه.
فى تاريخ المتصوفة المسلمين قصص كارتونية، اعتبرها بعضهم مسلمات. من الروايات قدم السيد البدوى من المغرب على «سجادة طائرة». وفى أدبيات الصوفية أن للسيد البدوى كرامات، أحيت موتى، وأماتت إحياء. ويروى أن الشيخ الرفاعى كلم الزواحف فأخذ عهداً بعدم إيذاء مريديه!
اعترف أبوبكر بن زكريا الرازى بأن أحاديث المتصوفة المسلمين عن «العلم اللادنى» محاولات أسلمة لتراث فارسى.
فى فارس القديمة قصص كثيرة عن مفهوم «الخلاص» بإماتة الجسد وترك الدنيا، إحياء للروح. فكرة الزهد طريق للذوبان فى «روح الآلهة» عرفها الشرق القديم.. واستمرت لليوم فى الهند والصين.
سمى المتصوفة المسلمون الذوبان فى الروح الكبرى بالارتقاء. بينما «الاتصال» بين المريد والروح المطلقة الذى سماه البوذيون بـ«النيرفانا»، فقد جاء المتصوفة المسلمون فى ما بعد وسموه الفتح.
بالفتح تتحرّر روح المتصوف بقدرة فريدة على التنقل عبر الزمن، وعبر الجغرافيا فيما عُرف بأصحاب الخطوة.
كثير من أفكار التصوف ليس شريعة إسلامية. تخالف «تجارب المتصوفة» فى تفاصيلها الكثير، ومروياتها الأكثر كل ما يربطها بالدين.. وبالعقل.
صحيح يدرس المتخصّصون كلام «الغزالى» عن «الوجد الصوفى» ومقاماته فى «الشعور بلذة الاقتراب من الله».. لكن تظل مشاعر الإمام الغزالى فى تلك المسائل ليست إلا حالات «شعورية شخصية» خاصة، لا يمكن الحكم على صحتها من عدمه.. كما أنه ليس لها طريق للإثبات بأىٍّ من الأدلة الشرعية.
مثل الغزالى جرب الدهلوى «الارتقاء»، وجرب السهروردى وابن الرومى، وابن عربى، والحلاج، والفارابى.. كلهم جربوا «الاتصال الصوفى»، وقالوا عن تجاربهم الكثير.
لكن رغم كل ما قيل، تظل أغلب نظريات المتصوفة.. وأحوالهم حالات وجد خاصة.. ليس لها فى كتاب الله شىء!!