أرغمتهم الحياة على التنقل من دولة إلى أخرى بسبب ظروف عملهم خارج مصر، لتمر السنوات والعمل يتغير من دولة لأخرى، ويستمر الإحساس بالغربة لسنوات طويلة قد تتخطى 20 عامًا، وعندما يبلغون من العمر أرذله، يشتاقون إلى العودة لوطنهم مرة أخرى ليسترجعوا الذكريات القديمة التي ذهبت مع الزمن.
الغرباء يعودون إلى وطنهم بعد سنوات من البعد، فيجدون الحياة قد تغيرت، والأقارب انشغلوا بحياتهم، فيشعروا بإحساس الغربة مرة في أخرى، ولكن تلك المرة في وطنهم، مثلما حدث في فيلم «عسل أسود» للفنان أحمد حلمي، والذي يحكي عن حياة المصري الذي عاش طوال حياته في الخارج، وعاد مرة إلى أخرى لوطنه، لكنه لم يقدر على التأقلم.
سافر عاطف شعبان، 65 عامًا، بعد تخرجه في كلية الهندسة، ليعمل كمهندس معماري في السعودية، وأحيانًا يذهب إلى أمريكا، لا يرجع إلى مصر إلا كل عامين أو أكثر، في إجازة مدتها قصيرة، ثم يسافر مرى أخرى، لتمر سنوات تلو الأخرى لتستمر الرحلة 30 عامًا، وبعدها قرر العودة مرة أخرى ليستقر في وطنه منذ 5 أشهر.
شعور الغربة زال مع مرور السنوات، وحين شعر بالحنين إلى موطنه عاد إليه مرة أخرى، ليعيش رفقة أسرته في شقة بمدينة نصر التابعة للقاهرة، وعاد الشعور بالغربة مرة أخرى، إذ يحكي لـ «الوطن»، عن تغير الحياة من وقت ذهابه إلى السعودية حتى عودته: «كأني غريب في بلدي، كل حاجة اتغيرت ومابقتش عارف أشتغل، رغم إني راجل مقتدر ولكن مش قادر أفتح مشروع يناسب عملي كمهندس، يعني مثلا مش عارف أعمل إيه لو عاوز أفتح شركة عقارات».
محمود الليثي، 52 عامًا، قضى منهم 27 عامًا في الغربة يعمل كمهندس تكييف وتبريد، وتطور في عمله منذ بدايته كموظف، حتى افتتح شركة في مدينة الرياض بالسعودية، وبعد السنوات الطويلة قرر العودة إلى بلده ليعيش فيها بقية عمره، ولكن الشعور بالغربة فيها أفسد عليه فرحته ببلده، فمعارفه في مصر شبه معدومة، رغم علاقاته القوية بشخصيات مهمة في الخارج.
يروي «الليثي» لـ «الوطن»: «القرايب يدوب بنتواصل بالتليفون وعلاقاتي هنا تكاد تكون صفر، ومعرفش حد غير أسرتي».
تعليقات الفيسبوك