حدثان اقتصاديان لفتا الانتباه لهما بين خبراء ومتابعى الاقتصاد فى العالم منذ نهاية شهر سبتمبر الماضى.
الخبر الأول تعلق بالدين الأمريكى الذى بلغ سقفه مؤخراً بقيمة 28.4 تريليون دولار، مع رفض الجمهوريين فى الكونجرس الأمريكى فى البداية رفع سقف الدين، إلا أن تحذيرات بتضرر الاقتصاد الأمريكى وتخلف أمريكا عن سداد ديونها، دفع الكونجرس إلى الموافقة على رفع سقف الدين يوم الخميس 7 أكتوبر بقيمة 480 مليار دولار.
الخبر الثانى يتعلق بشركة «إيفر جراند»، كبرى الشركات الصينية فى مجال التطوير العقارى، حيث أشارت الأنباء إلى ارتفاع حجم مديونياتها إلى 305 مليارات دولار وعجزها للمرة الثانية على التوالى عن دفع قيمة الفائدة على سندات بقيمة 47.5 مليار دولار، بعد أسبوع واحد من عجزها عن سداد مبلغ 83.5 مليار دولار. وعلى الرغم من إعلان الشركة الصينية الضخمة نيتها بيع حصتها فى بنك شينجيانج الصينى البالغة 1.5 مليار دولار لسداد ديونها، فإن الكثير من المحللين الاقتصاديين توقعوا إفلاس الشركة الصينية، وهو ما سيؤثر على الاقتصاد الصينى ككل والذى تمثل فيه الأنشطة العقارية نحو 30% من قيمته، فى ظل ما تواجهه الصين من أزمة حادة فى الكهرباء والغاز إلى الحد الذى قررت فيه الصين تقليل الإمدادت لبعض المحافظات الصينية.
أضف إلى هذين الخبرين الأحداث الاقتصادية الأخيرة فى بريطانيا التى دفعت برئيس الوزراء البريطانى لضخ ملايين الجنيهات الإسترلينية لمواجهة الارتفاع الرهيب فى السلع فى الأسواق البريطانية التى واجهت إلى جانب ذلك أزمة فى محطات البنزين استمرت لأيام.
هذه الأحداث دفعت بالخبير المالى الأمريكى من أصل يابانى روبرت كيوساكى إلى التنبؤ بانهيار الاقتصاد العالمى خلال شهر أكتوبر الجارى، مؤكداً أن أكثر المتضررين من ذلك الانهيار سيكون الولايات المتحدة نظراً لأنها وسّعت من حجم الأموال المتاحة فى ذات الوقت الذى انخفضت فيه السيولة نتيجة لتراجع الإنفاق. كما سيؤثر ذلك على العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، بالإضافة إلى المعادن النفيسة، وعلى رأسها الذهب والفضة.
الواقع أن العالم يمر بأزمة اقتصادية عنيفة منذ بدايات العام 2020 نتيجة تراجع الاقتصاد فى ظل انتشار فيروس كورونا وارتفاع الدين العالمى، ولكن ما تحدّث عنه «كيوساكى» يضيف ملامح جديدة إلى تلك الأزمة، ففى تقرير لأحد خبراء الاقتصاد الروس على موقع «آر تى» الروسى أشار إلى تعقد الأزمة مع لجوء الصين والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى واليابان لطبع كميات من الأموال غير المغطاة بشكل كبير، والتوسع فى منح القروض لتحفيز الطلب وتجنب حدوث كساد، كما حدث فى الولايات المتحدة حينما انهارت شركة «ليمان براذرز» عام 2008. وحذر من تأثير ذلك على البورصات العالمية، وقال إن اتجاه الحكومات لطبع المزيد من النقود غير المغطاة لدعم الأسواق والبنوك سيزيد من تفاقم الأزمة.
العالم الموصوف بالثراء، ويقع فى إطار الدول العظمى، يواجه تلك الأزمات الطاحنة التى لم تعد خافية، فهل ندرك تلك الصورة العالمية فى بلادنا كمواطنين؟ وهل يمكننا العمل بجدية لحماية بلادنا ومساندتها لتحقيق المزيد من النهضة الجادة التى تسير فيها مصر؟