(1)
«نتفليكس» متهمة بدعم وجهة النظر الإسرائيلية على حساب القضايا العربية وتبنِّى مسألة المثلية الجنسية.
هل هذه حقيقة؟
هل هو مجرد ادعاء؟
حاولت أن أعرف، وكأى صحفى يريد الحقيقة للجمهور ولنفسه، تواصلت مع الشركة عبر ممثليها الدعائيين فى مصر.
رحبوا بى. كانوا ودودين للغاية. طلبوا منى الأسئلة لتحديد الضيف المناسب للرد عليها. أرسلتها إليهم، لكن الرد جاءنى بأن «الشبكة لن تُجرى أى حوارات صحفية».
قالوا لى إن الشبكة تُصدر بيانات مهمة بين الحين والآخر، فأكدت لهم أننى لست فى حاجة للبيانات رغم أهميتها. أريد فقط إجابات لأسئلتى، لكن جاءنى نفس الرد.
(2)
فى المرحلة الثانية تواصلت مع مديرة العلاقات العامة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى «نتفليكس»، وأرسلت إليها الأسئلة كما طلبت:
- تُوجَّه إلى شبكة نتفليكس، على منصات التواصل الاجتماعى وكذلك من النقاد والكتّاب، انتقادات كثيرة لدعم المثلية الجنسية، وأن هذا الانتقاد ليس فقط نتيجة لفيلم «أصحاب ولا أعز» ولكن نتيجة للعديد من أعمال الشبكة التى تحتوى على مشاهد تعزز الفكرة.. ما رأيكم؟
- هل يمثل فيلم «أصحاب ولا أعز» القيم الأخلاقية العربية من وجهة نظر الشبكة؟
- كيف جرى اختيار أبطال الفيلم المشار إليه؟
- أين صُوِّرت أحداث الفيلم؟
- وما هى الميزانية التى أُنفقت عليه؟
- وهل تخططون لإنتاج أعمال مشابهة فى المستقبل؟
- من بين الانتقادات التى توجه للشبكة أيضاً دعم الموقف الإسرائيلى على حساب القضايا العربية.. ما رأيكم؟
- كم يصل عدد مشتركى نتفليكس فى مصر؟
- هل تفكرون فى رفع قيمة الاشتراك فى مصر قريباً؟ إلى هنا انتهت الأسئلة.
(3)
عادت إلىّ برسالة فى اليوم التالى، هى طرفها الأول، ومعها مديرة الاتصال فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنا طرفها الثانى، تؤكد فيها أن الشبكة لن تُجرى أى حوارات، كما أخبرنى ممثلوها فى مصر.
طريقة نمطية محفوظة تتحجج بها كبريات الشركات حين تريد التنصل من حقيقة أو إخفاءها أو قطع الطريق على أى تساؤل.
يقيناً، لا تجرؤ الشبكة على فعل ذلك مع الصحافة الأجنبية. لا يمكن لها أن تتجاهل أسئلتها. لدىّ حصر بتصريحاتها للصحفيين الأجانب خلال الأشهر الأخيرة، مهما كانت أسئلتهم. بلغة الدعاية، أرادوا قتل الموضوع بالصمت. أكدت لها أنه من حقها أن ترفض الرد على الأسئلة، لكن حقى الأصيل أن أكتب أنها رفضت. أربكها الرد. هذه معلومة أكيدة ويقينية.
القضية ليست عناداً أو رغبة فى إثبات شىء على عكس الحقيقة، لكنى مستمر فى الكتابة بقدر رغبة الشبكة فى إيقاف الكتابة التساؤلية عنها، كما وصلنى من مصادرى.
(4)
لست ممن يؤمنون بنظريات المؤامرة، حتى أرى الحقيقة، وليس لدىّ أى موقف من الشبكة وما زلت، لكنهم أرادوا تعتيماً إعلامياً وحجباً لأى معلومة يمكن أن تشكّل نقطة نظام فى موقف أى شخص من المنصة. لن يردوا عليك.. لن يجيبوا عن أسئلة من هذه النوعية.. لا يريدون الحديث مجدداً عن «أصحاب ولا أعز».. هكذا قالت لى مصادرى من داخل الشبكة.
صحيح أن الشبكة من حقها أن تختار إلى من تتكلم ومتى تتكلم، وفق ما تراه، لكن الصحيح أيضاً أن من حقى أن أكتب وأنه ليس من حقها أن تُخفى هذه المعلومات التى يحتاجها الجمهور، ما دامت لا تفعل شيئاً غير مريح أو غامضاً أو يستحق المساءلة.
(5)
إذا كانت «نتفليكس» تدعم المثلية الجنسية فهى حرة فى ذلك، شريطة أن تعلن ذلك للجمهور، كحق أصيل له، ومن يريد الاشتراك والمشاهدة هو أيضاً حر فى ذلك، كما تفعل المواقع الإباحية.
وإذا كانت تدعم إسرائيل، فهذا موقفها، لكنها مطالبة أيضاً بإعلان ذلك صراحة، لنعرف أين نقف منها.
نريد الحقيقة.
الحقيقة هى أعظم الفضائح المحمودة وأجملها.
هى دليل البراءة المعتمد أو الإدانة الأكيد.
باليقين، هى أهم شهود الواقع والتاريخ والحياة. فى الصحافة، هى أهم المصادر وأسهلها. هى الجملة الطيّعة الليّنة الخالية من التراكيب والغموض والفذلكة.
ولأجل ذلك، أقول مجدداً: لا أحد بمقدوره أن يحجب الحقيقة أو ينكر الواقع أو يمنع المستقبل.
لكن «نتفليكس» لا تريد ذلك. تود حجب الحقيقة ومنع المعلومات، رغم جرأة أعمالها وحريتها المطلقة. تريد إماتة الحقائق والتعتيم المقصود. تريد أن تظل شبحاً غامضاً أو سراباً شاسعاً وخيالياً. تتصور «نتفليكس» أن وظيفة الصحافة نشر البيانات الدعائية التى تصدر عنها فقط. أحالنى موقفها إلى ما يمكن أن تكون عليه وجهة نظرها فى الصحافة وحرية المعلومات.
لسنا أبواقاً للدعاية أو وسيلة للاستغلال. نريد إجابات عن الأسئلة.
ومجدداً، ليس لدىّ أى موقف منهم، لكننى أؤكد لهم أننى أسعى للحصول على إجابات لأسئلتى، وأن هذه المقالة بداية لمقالات أخرى وأسئلة أخرى تستحق الإجابة.