مسلسل الاختيار «3» الناجح بامتياز فى توثيق الأحداث قد أسعدنا جميعاً بعد أن أظهر الحقائق المجردة والموثقة للأحداث وقد ذكرنى المسلسل وأحداثه بأحداث أخرى مهمة عن دور الإدارة المحلية فى هذه الأحداث وهو ما ذكرته فى حوار صحفى قديم فى ندوة الجمهورية والذى تم نشره على صفحتين فى جريدة الجمهورية عام 2015 وقد كتب الصحفى الكبير عبدالنبى الشحات أن «المهندس محمد عبدالظاهر كان يشغل منصب الأمين العام للإدارة المحلية منذ ثورة 25 يناير 2011 حتى ثورة 30 يونيو 2013 فى فترة مهمة وعصيبة هى الأخطر فى تاريخ الحياة السياسية فى مصر قبل تعيينه محافظاً للقليوبية»، وقال باختصار فى المقدمة إن الأمين العام للإدارة المحلية قد وقف سداً منيعاً أمام كل محاولات الإخوان للسيطرة على المحليات.. إلخ، لكنه لم يذكر التفاصيل ولم يتطرق إلى دور الإدارة المحلية فى ثورة يونيو رغم أهميته ولا ذكر ما تعرضت له شخصياً من ضغوط الإخوان التى كادت أن تصل إلى استبعادى من مكانى فى عام الضباب مع الإخوان من أجل تنفيذ مخططهم لأخونة المحليات، ولم يذكر أيضاً أهمية أخونة المحليات عند الإخوان وكيف أثر عدم أخونة القيادات المحلية على قدرة الإخوان فى السيطرة على المحليات لأن ثورة يونيو عندما قامت كان عدد رؤساء المدن والأحياء من الإخوان 14 قيادة محلية فقط من إجمالى عدد 400 قيادة محلية منتشرة فى جميع المحافظات، فقد رفضت تماماً كل محاولات أخونة الإدارة المحلية بقيادات من خارج الإدارة المحلية طول فترة عملى أميناً عاماً للإدارة المحلية، حتى إن أحد القيادات قال لى حرفياً فى محاولة لإرهابى إنهم «ممكن يشيلونى من مكانى فانت مش أهم ولا أغلى من النائب العام عبدالمجيد بك محمود»، فقد كان لديهم اهتمام بالغ بتغيير قيادات الإدارة المحلية برجالهم من أجل السيطرة على مفاصل الدولة ومع الرفض انشغلوا بتغيير المحافظين أولاً كنوع من أنواع السيطرة الفوقية حتى يسهل بعد ذلك تغيير كل القيادات المحلية وهو ما رفضه الجميع أيضاً، وكان لعدم وجود قيادات محلية إخوانية فى رؤساء الأحياء والمدن والسكرتير العام أثره؛ حيث رفض المواطنون الشرفاء فى المحافظات ومعهم قياداتهم المحلية الوطنية حركة المحافظين التى تمت قبل الثورة مباشرة كبداية لأخونة الدولة ومنعوا دخول المحافظين الإخوان لمحافظاتهم أو التعاون معهم بدعم شعبى وحس وطنى وسياسة حكيمة، وقد تحمل العاملون بالمحليات وقياداتهم الوطنية المسئولية بحب ووطنية، وكان ذلك داعماً للدولة المصرية فى ثورة 30 يونيو وسبباً من أسباب نجاحها وقد تابعتهم بنفسى وكنت على تواصل دائم مع الأجهزة ومع سكرتيرى العموم خاصة وقت إدارتهم للمحافظات أثناء الثورة وهروب المحافظين الإخوان وما بعدها، حتى تم تعيين المحافظين الجدد فى 13 أغسطس 2013 أى لمدة ما يقرب من شهرين وهى أحداث تاريخية مهمة وكثيرة وتستحق أن نسجلها بالأحداث الموثقة لأهميتها حتى لا نغفل الدور الوطنى للإدارة المحلية والعاملين فيها، وكيف كانت مشاركة المحليات وسيطرتهم على المحافظات وسط أحداث الثورة من أهم أسباب نجاح ثورة يونيو.
ويكفى مثلاً أن أذكر فقط الآن أن محافظ القاهرة أرسل فى نهاية عام 2012 خطاباً يطلب تغيير عدد 32 قيادة محلية من إجمالى عدد 36 رئيس حى بالقاهرة وبمراجعة كشف الأسماء المرشحة والمرفق بالخطاب وجدت أنهم جميعاً من خارج الإدارة المحلية وعلمت أن جميعهم إخوان من أصحاب المهن الحرة فمثلاً صاحب محل ملابس فى المعادى مرشح كرئيس حى المعادى وهكذا وهو ما رفضته تماماً وأرسلت له خطاباً موثقاً بتوقيعى بالرفض وطلبت أن يختار آخرين من داخل الإدارة المحلية ينطبق عليهم شروط الوظيفة.
ورفضت أيضاً ما طلبه محافظ كفر الشيخ من تعيين موظف درجة ثانية يعمل فى شركة الكراكات للعمل سكرتيراً عاماً للمحافظة ومعه مجموعة أخرى وهو ما رفضته تماماً رغم تدخل الوزير وأكدت له ضرورة انطباق الشروط على القيادات خاصة القيادات العليا.
وقد ماطلت كثيراً فى عمل لائحة للقانون 116 الصادر من المجلس العسكرى والخاص باختيار مجلس محلى بديل للمجلس المنحل وأخفيت وجود مسودة سابقة للائحة بغرض التأخير حتى لا يتم اختيار مجلس محلى بمعرفتهم فقامت ثورة يونيو وأراحت الجميع من الهم والغم والكرب العظيم.
فلو أننا تخيلنا مثلاً أن الإخوان استطاعوا أن يؤخونوا القيادات المحلية فى كل المحافظات واختاروا أيضاً مجلساً محلياً من الإخوان فى كل محافظة ماذا سيكون الوضع فى 30 يونيو؟
الأحداث والمواقف المحلية كانت عظيمة وكثيرة وتحتاج إلى مقالات أخرى عن أهمية الدور المحلى تفصيلاً مع توثيق كل ما تم محلياً من أحداث فى هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر خاصة أننى كنت قريباً جداً من منطقة صنع القرار فى فترة عملى أميناً عاماً للإدارة المحلية بين الثورتين.. دائماً مصر فوق الجميع.
* الأمين العام للإدارة المحلية السابق
ومحافظ القليوبية والإسكندرية الأسبق